في ظل تصاعد أزمة السكن في أستراليا، تسعى كل من الحكومة الفيدرالية والمعارضة إلى كسب ثقة الناخبين من فئة المشترين لأول مرة عبر وعود بزيادة المعروض من المساكن الجديدة. ومع ذلك، يظل القلق سيد الموقف لدى بعض المواطنين الذين يرون في هذه المشاريع "قفزة غير مضمونة" في مستقبلهم المالي والمعيشي.
سام (اسم مستعار)، شاب في الثلاثين من عمره ويقطن في كانبيرا، اختار تأجيل قرار شراء منزل رغم أنه تمكن بعد عامين من الادخار من جمع وديعة بقيمة 30,000 دولار. ويقول سام: "أعرف بعض الأشخاص الذين فعلوها، لكني أشعر أن شراء منزل جديد على المخطط ينطوي على قدر كبير من المخاطرة، خاصة أنه قرار مصيري".
استمع إلى
arabic_australia_explained_robbery_250325.mp3
08:44
وكان الائتلاف الحاكم قد كشف عن خطة تتيح خصم فوائد القروض العقارية من الضرائب في حال شراء منزل جديد، فيما أعلنت حكومة العمال عن مشروع بقيمة 10 مليارات دولار لبناء 100,000 منزل على مدى ثماني سنوات، مخصص للمشترين لأول مرة.
LISTEN TO

مصرف أسترالي يسمح لمشتري المنزل الأول بتأجير غرفة للمساعدة بسداد القرض
SBS Arabic
11:57
ورغم ترحيبه النسبي بخطة حزب العمال، التي يرى أنها قد تُسهم في خفض الأسعار عبر زيادة العرض، إلا أن سام لا يزال يشعر بالقلق حيال شراء منازل على المخطط. ويشير إلى أن العديد من المساكن الجديدة تُبنى على أطراف المدن، بعيداً عن مراكز العمل والخدمات، أو تأتي على هيئة شقق باهظة الثمن رغم صغر مساحتها.
وتعززت هذه المخاوف بسبب حوادث مثل انهيار أبراج ماسكوت في سيدني عام 2019، التي أصبحت غير صالحة للسكن بعد ظهور تشققات هيكلية خطيرة. مثل هذه الحوادث أثرت بشدة على ثقة المستهلكين في جودة البناء، خاصة في الشقق السكنية.
ويقول الدكتور ليام ديفيس، محاضر في التخطيط الحضري والاستدامة بجامعة RMIT، إن المشكلة تكمن في "غياب التفاصيل حول ما سيتم بناؤه وأين".
ويرى أن بناء منازل في ضواحي المدن لا يخدم الاحتياجات الفعلية، مشيراً إلى أن الأسر تحتاج إلى مساكن تحتوي على ثلاث أو أربع غرف، وهي غير متوفرة حالياً بشكل كافٍ.
لكن ماثيو باوز من معهد غراتان يطرح وجهة نظر مغايرة، مؤكداً أن المطورين يلبون الطلب الفعلي في السوق. ويضيف: "أحجام الأسر تتقلص، ومع ارتفاع الأسعار، يبحث الناس عن وسائل لتقليل التكاليف، لذا من الطبيعي أن تتجه السوق نحو مساكن أصغر".
وفي محاولة لاستعادة ثقة المشترين، أطلقت حكومات ولايات مثل فيكتوريا ونيو ساوث ويلز إصلاحات صارمة في قوانين البناء، من بينها تأسيس جهات رقابية جديدة، وفرض ودائع إلزامية على المطورين يمكن استخدامها لاحقاً لتغطية تكاليف الإصلاح في حال ظهور عيوب.
وتؤكد وزيرة الإسكان كلير أونيل أن خطة حزب العمال تستهدف بناء منازل بأسعار مناسبة لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، بالتعاون مع الولايات والأقاليم. وقالت في تصريح لبرنامج Insiders على قناة ABC:
"في النموذج الجنوب أسترالي، نقوم ببناء منازل عند مستوى الدخول المعقول للسوق، في حدود ما بين 500 و600 ألف دولار."
وتشير أونيل إلى أن تيسير الوصول إلى الأراضي وتقصير جداول التسليم من خلال التنسيق مع الحكومات المحلية يُعدّ من أهم أدوات التنفيذ، مؤكدة أن هذا التوجه يمكن أن يُنتج منازل أرخص وفي وقت أسرع، خاصة مع وجود أراضٍ تابعة لمستويات مختلفة من الحكومة يمكن استغلالها.

Housing Minister Clare O’Neil said the commonwealth will expedite the build of new homes and address the underlying supply issue. Source: AAP / Mick Tsikas
وفقاً للأستاذ هال باوسون من مركز أبحاث مستقبل المدن في جامعة نيو ساوث ويلز، فإن التاريخ يشير إلى إمكانية تحقيق ذلك، مستشهداً بطفرة البناء بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ساهمت مشاريع حكومية ببيع منازل بتكلفة منخفضة في رفع نسب التملك بشكل غير مسبوق.

Defects in apartment buildings across the country have contributed to a crisis in confidence among first-home buyers. Source: Getty / Andrew Merry
ويُعزى ذلك، وفقاً لـPropTrack، إلى عدة عوامل تشمل:
- الأسعار التنافسية للمنازل الجديدة
- انخفاض تكاليف الصيانة الأولية
- إمكانية تخصيص التصميم وفقاً لاحتياجات المشتري
- تقنيات البناء الحديثة وكفاءة الطاقة.
ورغم هذه الإيجابيات، كشفت دراسة أجرتها حكومة نيو ساوث ويلز عام 2023 أن 53% من المباني الجديدة تحتوي على عيوب كبيرة في الممتلكات المشتركة، ما يعكس أزمة ثقة متزايدة لدى المستهلكين.
ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أن معدل العيوب في المباني الحديثة يُظهر اتجاهاً تنازلياً، ما يُعد مؤشراً مشجعاً على تحسّن جودة البناء في السنوات الأخيرة.

Source: SBS