النقاط الرئيسية
- بعد أقل من عامين على ظهور كوفيد-19 تكافح العديد من الدول تفشي جدري القرود
- باتت الأوبئة تظهر حالياً بفترات زمنية متقاربة
- يعتقد العلماء أن انتقال العناصر المسببة للأمراض من الحيوانات إلى البشر قد يكون السبب في كل جائحة فيروسية منذ بداية القرن العشرين
أدى ظهور كوفيد-19 إلى حدوث أسوأ جائحة في العالم المعاصر، ولكن بعد أقل من عامين، ها هي العديد من الدول تكافح ظهور جدري القرود، الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق الدولي.
وباتت تحدث الأوبئة حالياً بفترات زمنية متقاربة.
ويقول الدكتور سكوت كارفر، عالم بيئة الأمراض وعلم الأوبئة بجامعة تسمانيا: «هناك أدلة بحثية واضحة الآن على تزايد عدد العوامل التي تؤدي إلى تفشي الأوبئة، خاصة بالنسبة للفيروسات».
لماذا تصبح الأوبئة أكثر شيوعاً؟
قال الدكتور كارفر إن هناك العديد من الأسباب التي تجعل تفشي المرض أكثر شيوعاً, بما في ذلك زيادة الاتصال البشري بالحيوانات البرية بسبب تراجع مساحة الغابات والنمو السكاني وتغيّر المناخ وتجارة الحيوانات البرية وتوسع الأراضي الزراعية.
ويعتقد بعض العلماء أن انتقال العناصر المسببة للأمراض من الحيوانات إلى البشر قد يكون السبب في كل جائحة فيروسية منذ بداية القرن العشرين.

مع الزحف البشري نحو المناطق البرية، يصبح الإنسان أكثر عرضة للإصابة بأمراض جديدة. Source: AP
وأشارت إلى أن العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر حدوث أوبئة تشمل العدد المتزايد من المختبرات التي تتعامل مع مسببات الأمراض الخطيرة، مما قد يزيد من احتمال تسرب كائنات حية مسببة للمرض عن طريق الخطأ، وكذلك إمكانية قيام بلد بتطوير سلاح بيولوجي. لكنها أشارت إلى تزايد الآثار غير المباشرة يسبب ظهوراً أسرع للأمراض المعدية الجديدة.
وجاء في الورقة البحثية: «ظهرت أمراض معدية جديدة بوتيرة متسارعة بسبب زيادة انتقال الأمراض الحيوانية المنشأ من الحيوانات، مدفوعة بالنمو السكاني وتغير المناخ وفقدان الموائل والسلوك البشري، وهذه الأمراض تنتشر بشكل أسرع مع زيادة حركة السفر حول العالم».
ومن المحتمل أن يكون كوفيد-19 وجدري القرود ناتجين عن الآثار غير المباشرة التي يحتمل أن تكون مرتبطة بالخفافيش والقوارض.
فقد كشف العلماء في مجلة نيو إنجلاند الطبية عن فيروس آخر تم اكتشافه في الصين ويحمل اسم لانجيا، وربما مرتبطة بحيوان يشبه الفأر اسمه الزبابة. ولم يتم تسجيل أي وفيات حتى الآن ومن غير الواضح ما إذا كان الفيروس يمكن أن ينتقل بين البشر.
وحذرت الوثيقة من أنه «بقدر ما أن وباء مدمر، هناك احتمال كبير بحدوث جائحة خطيرة أخرى قد تكون أسوأ من كوفيد-19 قريباً، وربما خلال العقد المقبل».
ويشعر العلماء بالقلق من عدم معالجة الآثار غير المباشرة بالشكل المناسب لمنع ظهور الأمراض في المقام الأول، حيث تركز الدول بدلاً من ذلك على تحسين قدراتها في رصد الأمراض المعدية وتطوير اللقاحات.

حظرت الصين بيع واستهلاك الحيوانات البرية بعد ظهور كوفيد-19. Source: Getty / Getty Images
وأشارت الدراسة إلى أن «هذا يدعم الرأي القائل بأن الأمراض المعدية الحيوانية المنشأ تمثل تهديداً متزايداً وكبيراً جداً للصحة حول العالم».
وكشفت الدراسة أن حالات الأمراض المعدية قد زادت منذ عام 1940، وأن حوالي 60.3% من تلك الأمراض الناشئة لها مصدر حيواني. ومن بين تلك الأمراض، 71.8% مصدرها الحياة البرية.
قد يتذكر العديد من الأشخاص في أستراليا التحذيرات بشأن فيروس H1N1، المعروف باسم أنفلونزا الخنازير، والذي تم اكتشافه لأول مرة في الولايات المتحدة في عام 2009. وقد تم تأكيد أكثر من 37,000 حالة في أستراليا فيما توفي 191 شخصاً بسبب المرض.
هناك احتمال كبير بحدوث جائحة خطير أخرى قد نكون أسوأ من كوفيد-19 قريباً، وربما خلال العقد المقبل.
وفي الآونة الأخيرة، كاد فيروس زيكا، الذي ينتشر عن طريق البعوض، أن يعطل دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في البرازيل. على الرغم من أنه ليس مرضاً مميتاً بشكل عام، إلا أنه يمكن أن يسبب مضاعفات بين النساء الحوامل وتشوهات خلقية عند الأطفال.
وفي حين لم يتم تصنيف H1N1 وزيكا كأوبئة, إلا أن مضاعفاتها الصحية خطيرة لكثير من الناس.
كاد أولمبياد ريو 2016 أن يلغى بسبب انتشار زيكا.
كيف تنتقل العدوى من الحيوانات إلى الإنسان؟
يمكن أن يتعرض البشر لمسببات الأمراض بطرق مختلفة، بما في ذلك الاتصال المباشر مع حيوان مصاب، مثل التعرض للخدش أو العض، أو لمس الأنسجة أو السوائل المعدية أثناء ذبح اللحوم.
كما يمكن للناس استنشاق جزيئات محمولة جواً من بول القوارض أو الخفافيش أو تناول أو شرب الماء الملوث أو التربة أو الطعام. ويمكن أن ينقل البعوض والقراد والبراغيث المرض إذا تغذت على الحيوانات البرية المصابة ثم قامت بعض البشر.
ورغم أن الكثير من البشر ليس لديهم اتصال مباشر مع الحيوانات البرية، إلا أن العدوى يمكن أن تأتي من حيوانات مدجنة مثل الخنازير.

يُعتقد أن فيروس نيباه قد ظهر بعد سقوط فضلات الخفافيش في مزارع الخنازير.
ما الذي يمكننا فعله للمساعدة في منع الأوبئة في المستقبل؟
قال الدكتور كارفر إن الأبحاث أظهرت تكلفة العمل على منع زوال الغابات والتوسع الزراعي، فضلاً عن استعادة الموائل الطبيعية وتدابير الأمن البيولوجي وتغيّر المناخ وتجارة الحيوانات البرية, يمكن أن يكون أرخص بكثير من الاستجابة لتفشي الأمراض.
وأضاف، «الخبر السار هو أنه نظراً لكوننا نفهم انواع العوامل المرتبطة بمسببات الأمراض، فاننا نفهم أيضاً الاشياء التى يمكننا القيام بها للمساعدة فى التخفيف من حدة هذه العوامل».
ولهذه الأنشطة أيضا فوائد أخرى بما في ذلك خفض انبعاثات الكربون، والحفاظ على إمدادات المياه والتنوع البيولوجي، وحماية حقوق الشعوب الأصلية في أراضيها.

تنتشر الأمراض بسرعة أكبر نتيجة السفر الجوي. Source: AAP
وخلال الحملة الانتخابية الفدرالية لعام 2022، قال حزب العمال إن مركز السيطرة على الأمراض المقترح سيقود الاستجابة الفيدرالية لتفشي الأمراض المعدية في المستقبل، ويضمن الاستعداد للوباء ويعمل على الوقاية من الأمراض المزمنة والمعدية.
وقال بتلر: «كان هناك العديد من الدروس المستفادة خلال جائحة كوفيد-19 حول أهمية التخطيط للطوارئ وقدرة الاستجابة الوطنية المنسقة».
«سيساعد مركز السيطرة على الأمراض على الاستفادة من هذه الدروس والاستعداد للأوبئة المستقبلية وغيرها من تحديات الصحة العامة».