الفلسطينيون يشيعون شيرين أبو عاقلة إلى مثواها الأخير في القدس

شارك آلاف الفلسطينيّين الجمعة في القدس الشرقيّة في مأتم الصحافيّة شيرين أبو عاقلة التي قُتلت برصاصة في الرأس خلال تغطيتها عمليّة إسرائيليّة في الضفّة الغربيّة.

A Palestinian child holds a lit candle and picture of journalist Shireen Abu Aqla during a candlelight vigil

A Palestinian child holds a lit candle and picture of journalist Shireen Abu Aqla Source: AAP

عبّر البيت الأبيض الجمعة عن "انزعاجه" من استخدام العنف خلال جنازة الصحافيّة في قناة "الجزيرة" والمعروفة في كلّ العالم العربي.
وشارك آلاف الفلسطينيّين الجمعة في القدس الشرقيّة في مأتم الصحافيّة شيرين أبو عاقلة التي قُتلت برصاصة في الرأس خلال تغطيتها عمليّة إسرائيليّة في الضفّة الغربيّة، وقد تعرّض موكب التشييع لتدخّل عنيف من الشرطة الإسرائيليّة لدى انطلاقه من المستشفى، ما أثار ردود فعل مندّدة.

وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي "شاهدنا كلّ هذه الصور، إنّها تثير انزعاجا كبيرا. نأسف للتدخّل في ما كان ينبغي أن تكون جنازة هادئة".

وردا على سؤال عمّا إذا كانت تدين ما حصل، اكتفت بالقول "حين نقول إنّ (هذه المشاهد) مزعجة، فإننا بالتأكيد لا نبرّرها".

من جهته، أعرب وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن عن "الانزعاج العميق" للولايات المتحدة من تدخّل الشرطة الإسرائيليّة الجمعة في جنازة الصحافيّة. 

وقال "نبقى على اتّصال وثيق بنظيرَينا الإسرائيلي والفلسطيني، وندعو الجميع إلى الحفاظ على الهدوء وتجنّب أيّ أعمال من شأنها تصعيد التوتر".

وهاجم جنود إسرائيليّون شبانًا ورجالاً كانوا يحملون نعش أبو عاقلة لنقله من المستشفى الفرنسي في القدس الشرقيّة إلى الكنيسة التي أقيمت فيها الصلاة لراحة نفسها، في محاولة على ما يبدو لنزع أعلام فلسطينيّة كان يحملها البعض، وبدا للحظة أنّ النعش سيسقط أرضًا.

وقال شرطي إسرائيلي عبر مكبّر صوت أمام الحشد "إذا لم توقفوا هذه الهتافات الوطنيّة، سنضطرّ إلى تفريقكم بالقوة وسنمنع الجنازة"، بحسب ما جاء في مقطع فيديو نشرته الشرطة الإسرائيليّة.
لكن النعش نُقل أخيرًا إلى البلدة القديمة حيث أُقيمت مراسم دفن أبو عاقلة (51 عامًا)، في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك التي ازدحمت بالمصلين، فيما قرِعت في القدس أجراس الكنائس التابعة لكل الطوائف بعد انتهاء الجنازة.

واحتشد آلاف المشاركين في محيط الكنيسة، بينما أغلقت الشرطة الإسرائيلية بعض مداخل البلدة القديمة.  وسارت الحشود خلف النعش إلى مقبرة جبل صهيون حيث ووريت الصحافية الثرى قرب البلدة القديمة.

ودان الاتحاد الأوروبي بلسان مسؤول الشؤون الخارجية جوزيب بوريل "استخدام العنف بشكل غير متناسب والتصرف المخلّ بالاحترام من جانب الشرطة الإسرائيلية تجاه المشاركين في موكب التشييع". 

وأعربت القنصلية الفرنسية في القدس عن "صدمتها الشديدة" من "عنف الشرطة" في المستشفى.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "انزعاجه الشديد" من تصرّف "بعض عناصر الشرطة" الإسرائيلية خارج المستشفى لدى إخراج نعش الصحافية، بحسب ما قال متحدث باسمه.

وقال المتحدث فرحان حق إن غوتيريش "يُواصل الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي". 

وأعربت دولة قطر عن "إدانتها واستنكارها الشديدين لمنع شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس خروج جثمان الإعلامية شيرين أبو عاقلة من المستشفى الفرنسي وقمعها مسيرة التشييع". 

وقالت الخارجية القطرية في بيان إن "سلطات الاحتلال لم تكتفِ بقتل شيرين بدم بارد أثناء أداء واجبها، بل استمرت في إرهاب المدنيين والمشاركين في الجنازة حتى مثواها الأخير، ما يعكس وحشية نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وتجرّده من القيم الإنسانية كافة".

وأعقبت تدخل القوات الإسرائيلية مواجهات بين فلسطينيين والقوى الأمنية الإسرائيلية ما أدى الى إصابة 33 شخصا بجروح، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني. فيما ذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت ستة أشخاص.

في الوقت نفسه، اندلعت اشتباكات جديدة في مخيم جنين للاجئين حيث قُتلت أبو عاقلة الأربعاء، والذي عاد إليه الجيش الإسرائيلي اليوم. وقُتِل خلال هذه الاشتباكات شرطي إسرائيلي مقيم في مستوطنة في المنطقة وأصيب 13 فلسطينيا بجروح، بحسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية. 

وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن مقتل الشرطي الإسرائيلي.

وتنشط في مخيم جنين فصائل فلسطينية مسلحة ومنه خرج بعض منفذي الهجمات الأخيرة في إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عمليات اقتحام فيه للقبض على فلسطينيين مطلوبين.

- التحقيق -

وقُتلت الصحافية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأميركية والتي دخلت بيوت وقلوب الفلسطينيين والعرب، الأربعاء، برصاصة في جنين علما أنها كانت ترتدي سترة واقية من الرصاص عليها شعار "صحافة" وخوذة واقية.

وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة إنه لم يتسن بعد تحديد مصدر إطلاق النار الذي أدى إلى مقتلها بحسب النتائج الأولية لتحقيقاته، مشيرًا إلى أن إطلاق النار يمكن أن يكون من مصدر فلسطيني أو إسرائيلي.

وصدر عن النيابة العامة الفلسطينية مساءً بيان أشار إلى أن "التحقيقات الأولية خلصت إلى أن مصدر إطلاق النار الوحيد في مكان الجريمة كان من قوات الاحتلال لحظة إصابة شيرين أبو عاقلة".

وتحدث عن "تعمّد قوات الاحتلال ارتكاب جريمتهم، إذ تبين من خلال إجراءات الكشف والمعاينة لمسرح الجريمة وجود آثار وعلامات حديثة ومتقاربة على الشجرة التي أصيبت قربها شيرين ناتجة عن إطلاق النار بشكلٍ مباشر".

وتطالب إسرائيل بتسليمها الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة لتحليلها. 

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس إنه يحمّل السلطات الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة" عن مقتل شيرين، رافضًا فتح تحقيق مشترك. 

كما اتهمت قناة الجزيرة القطرية القوات الإسرائيلية بقتل الصحافية "عمدا" و"بدم بارد".

- "صوت فلسطين" -

أثار مقتل أبو عاقلة موجة غضب في الأراضي الفلسطينية والعالم العربي حيث تابع الملايين تحقيقاتها على مدى أكثر من عشرين عامًا. كذلك، طالبت دول أوروبية عدة ومنظمات دولية بإجراء تحقيق "مستقل" و"شفاف" في قتلها.

وهي الصحافية السابعة التي تُقتل في الأراضي الفلسطينية منذ 2018، بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، وقد رُفعت صورتها في مسيرات في تركيا والسودان ولبنان وعلى مبنى في العاصمة القطرية. كما اجتاحت صورها وتقاريرها والتعازي بها مواقع التواصل الاجتماعي.

وخرجت تظاهرات عفوية منذ الأربعاء في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية احتجاجا على مقتلها. في قطاع غزة، نحت فنانون اسمها على الرمال ورسموا لوحة جدارية تكريما لها، بينما وضع الأطفال الزهور في مكان مصرعها في جنين. 

على سطح أحد المباني في الساحة المركزية في رام الله، علّقت لوحة إعلانات ضخمة تحمل صورة أبو عاقلة كتِب عليها "وداعا يا شيرين، وداعا صوت فلسطين".


شارك
نشر في: 14/05/2022 10:30am
By Manal Al-Ani
المصدر: AFP