هل الطلاب الدوليون مسؤولون عن أزمة السكن؟
شهدت أستراليا في السنوات الأخيرة ارتفاعاً حاداً في تكاليف الإيجار، مما دفع بعض السياسيين إلى إلقاء اللوم على الزيادة في أعداد الطلاب الدوليين. في أيار/ مايو 2024، صرّح وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز أن "زيادة أعداد الطلاب الأجانب تضغط على الأسعار والإيجارات"، بينما وصفت السيناتورة الليبرالية فيكتوريا جاين هيوم وجودهم بأنه يشكّل "ضغطاً استثنائياً" على السوق العقاري.
إلا أن بحثاً جديداً أجرته جامعة جنوب أستراليا يرفض هذا الافتراض، مؤكداً أن الطلاب الدوليين ليسوا السبب الرئيسي وراء أزمة الإسكان. وذكر التقرير أن "الطلاب الدوليين يشكلون جزءً صغيراً فقط من أزمة الإيجارات في المدن الأسترالية الكبرى".
عدم وجود نمط واضح بين أعداد الطلاب والإيجارات
قامت الدراسة بتحليل مجموعة واسعة من العوامل المؤثرة على سوق الإيجارات، بما في ذلك أعداد الطلاب الدوليين، معدلات الشواغر السكنية، معدلات التضخم، وتكاليف الإيجار. وأوضح الباحث الرئيسي مايكل هو أن "العلاقة بين أعداد الطلاب الدوليين وتكاليف الإيجار عشوائية، ولا يوجد نمط واضح يثبت أن زيادة أعدادهم تؤدي إلى تفاقم الأزمة".
ومن المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت أنه بعد رفع قيود كوفيد-19، كان هناك انخفاض طفيف في الإيجارات الأسبوعية بمقدار دولار واحد مقابل كل زيادة قدرها 10,000 طالب دولي، عند ضبط العوامل الأخرى مثل التضخم ونسبة الشواغر السكنية.
الطلاب الدوليون في وضع غير مؤاتٍ في سوق الإيجارات
أكدت الدراسة أيضاً أن الطلاب الدوليين غالباً ما يكونون في وضع ضعيف عند البحث عن سكن في القطاع الخاص. وبحسب تقرير مجلس إسكان الطلاب لعام 2024، فإن الطلاب الدوليين يشكلون فقط 6% من إجمالي المستأجرين في أستراليا، حيث يتركزون في المدن الكبرى، ويقيم حوالي 40% منهم في مساكن مخصصة للطلاب.
وتؤكد توري براون، المديرة التنفيذية لمجلس إسكان الطلاب، أن "أزمة الإيجارات في أستراليا هي مشكلة طويلة الأمد ومتعددة العوامل، ومن غير العادل إلقاء اللوم بالكامل على الطلاب الدوليين".
وأضافت أن الطلاب الدوليين غالباً ما يواجهون تحديات أكبر في سوق الإيجارات لأنهم "يفتقرون إلى سجل إيجاري سابق في أستراليا، وعادةً لا يكون لديهم دخل ثابت عند التقدم للحصول على سكن".
LISTEN TO

فرقة "طرب".. مزيج فني يجمع بين الشرق والغرب في أستراليا
SBS Arabic
21/03/202512:45
الجهود الحكومية وتأثيرها على أعداد الطلاب الدوليين
مع تزايد الجدل حول تأثير الطلاب الدوليين على سوق الإسكان، تحاول الحكومة الأسترالية خفض أعدادهم بطرق مختلفة. ووفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الأسترالي (ABS)، انخفض عدد الطلاب الدوليين الوافدين في يناير 2025 بنسبة 2.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبنسبة 10% مقارنة بفترة ما قبل كوفيد-19.
وقد حاولت الحكومة في عام 2024 فرض سقف على أعداد الطلاب الدوليين بحيث لا يتجاوز 270,000 طالب بحلول عام 2025، إلا أن الخطة فشلت بسبب معارضة المعارضة السياسية وأحزاب أخرى. وبدلاً من ذلك، لجأت الحكومة إلى سياسات بديلة مثل إبطاء عمليات معالجة التأشيرات وتقييد عدد الطلاب الدوليين الذين يمكن للجامعات قبولهم.
التأثير الاقتصادي المحتمل لتقييد أعداد الطلاب الدوليين
يرى بعض الخبراء أن الحد من أعداد الطلاب الدوليين قد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الأسترالي. البروفيسور ريتشارد هولدن من جامعة نيو ساوث ويلز يحذر من أن فرض قيود صارمة على الطلاب الدوليين "سيؤدي بالتأكيد إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي".
ويضيف: "يجب أن نتذكر أن كل طالب دولي لا يساهم فقط في دفع الرسوم الدراسية، بل ينفق أيضًا الأموال في الاقتصاد الأوسع، مما يعزز قطاعات متعددة".
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأسترالي، بلغت قيمة التعليم الدولي كصناعة تصديرية لأستراليا 48 مليار دولار في عام 2023، حيث دفع الطلاب الدوليون 17 مليار دولار كرسوم دراسية، وأنفقوا 31 مليار دولار في الاقتصاد المحلي.