تنويه: هذا المقال يتضمن مضمونا عن حالات جنائية.
شهدت أستراليا في السنوات الأخيرة، حالة ما يعرف باضطرابات النوم، التي تم استخدامها مؤخرًا كوسيلة دفاع قانونية في قضايا جنائية خطرة، بعد إسقاط تُهم قتل لامرأة في ملبورن قتلت زوجها طعنًا أثناء استغراقها في النوم، حيث كانت تخضع لحالة مرضية يطلق عليها " اضطراب النوم".
هذه الحادثة أثارت التساؤل حول مسؤولية الأفراد عن الجرائم التي قد يرتكبونها وهم في حالة نوم، إذ تم أيضًا، وفي حادثة أخرى، تبرئة رجل من سيدني تم تشخيصه بـ "السكسومنيا" (القيام بأنشطة جنسية أثناء النوم) بعد اتهامه باغتصاب امرأة أثناء نومها.
عن هذه الحالات، توضح الدكتورة ليندا شاختير، الطبيبة المتخصصة في اضطرابات النوم، أن هذا النوع من الاضطراب يشمل سلوكيات أو حركات قد تكون بسيطة مثل المشي والتحدث أثناء النوم، إلى حركات معقدة جدًا قد تشمل أعمال عنف أو سلوكيات جنسية غير إرادية، وتفسر هذا الاضطراب بأنه ناتج عن حركات أو سلوكيات غير إرادية تحدث أثناء النوم، وعادة ما يكون الشخص غير مدرك لما يحدث.
إن من أبرز اضطرابات النوم التي تثير الاهتمام هي "السكسومنيا"، التي توصف بأنها اضطراب نادر يحدث عندما يقوم الشخص بأنشطة جنسية معقدة أثناء النوم، دون أن يكون لديه وعي بما يفعله. وقد تشمل هذه الاضطرابات اضطراب حركة العين السريعة، الذي يسبب أفعالًا عنيفة بسبب فقدان الشخص لحالة الشلل الطبيعي الذي يحدث أثناء الحلم.
This is how your sleep needs change with age, according to the US-based National Sleep Foundation. Source: SBS / Kenneth Macleod
هل تحدث هذه الحوادث كل ليلة؟
تختلف وتيرة حدوث اضطرابات النوم من شخص لآخر، إذ قد تحدث يوميًا في حالات معينة، أو بشكل غير منتظم في حالات أخرى. وهناك عوامل عدة قد تسهم في زيادة وتيرة حدوث هذه الحوادث مثل قلة النوم، التوتر، أو تناول بعض الأدوية والمهدئات.
كيفية تشخيص اضطرابات النوم ومعالجتها
يتم تشخيص اضطرابات النوم عبر دراسة نوم شاملة تُجرى في المستشفى، حيث يتم تحليل سلوكيات الشخص أثناء مراحل النوم المختلفة. وتختلف العلاجات حسب نوع الاضطراب، ففي حالات مثل المشي أثناء النوم أو الكوابيس الليلية، قد لا يحتاج الشخص إلى علاج إذا لم يتسبب السلوك في ضرر للآخرين. لكن إذا كانت الاضطرابات تؤدي إلى أضرار جسدية، يجب معالجة الحالة.
كان الرضا عن النوم المنخفض المبلغ عنه ذاتيًا مؤشرًا قويًا على انخفاض الصحة العقلية والجسدية. Credit: Unsplash/Jamie Street
قد يستخدم اضطراب النوم كدفاع قانوني في بعض الحالات الجنائية عبر مفهوم أو نظرية يطلق عليها "الآلية التلقائية"، وهي نظرية قانونية تنص على أن الأفعال غير الإرادية لا يمكن فيها تحميل الشخص المسؤولية الجنائية عنها. في هذا السياق، هناك نوعان من الآلية التلقائية: الأولى تتعلق بالحالات التي تنشأ عن اضطرابات عقلية أو نفسية، بينما الثانية، وهي الأكثر شيوعًا هي حالات اضطرابات النوم التي تتعلق بحركات غير إرادية يكون خلالها الشخص في حالة شبه نوم.
وفي حال استخدام هذا الدفاع، لا يلزم المُدعى عليه إثبات أنه كان في حالة نوم تام، بل يكفي إثبات "احتمال معقول" بأن الأفعال التي قام بها كانت غير إرادية، وهو ما قد يخلق شكًا معقولًا قد يطعن فيه الادعاء.
Credit: PhotoAlto/Frederic Cirou/Getty Images
النقاش حول استخدام اضطرابات النوم كدفاع قانوني مستمر بين الخبراء. فبعضهم يرى أن اضطراب "السكسومنيا" لا يزال في مراحل مبكرة من البحث العلمي، وهناك جدل حول ما إذا كان يجب تصنيفه كخلل مؤقت في العقل السليم، أو كاضطراب عقلي ناتج عن مرض نفسي. ويمثل ذلك تحديًا قانونيًا لأن السلوكيات الناتجة عن اضطرابات النوم تتفاوت من حالة لأخرى، وفي بعض الأحيان قد تكون معقدة لدرجة تجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الشخص قادرًا على اتخاذ قرار واعٍ أم لا في اللحظة التي ارتكب فيها الجريمة.
لقد أثار استخدام اضطرابات النوم كدفاع قانوني العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونية، فعلى الرغم من أن مثل هذه الاضطرابات قد تفسر بعض الأفعال غير الإرادية، فإن تحديد المسؤولية الجنائية يبقى مسألة معقدة، وتعتمد بشكل كبير على الفهم العلمي للاضطرابات نفسها ومدى تأثيرها على قدرة الشخص على التحكم في تصرفاته.
LISTEN TO
امرأة تعيش لحظات رعب بعد انفجار هاتف محمول في جيبها
SBS Arabic
13/02/202506:37
ولكن يبقى الأمر يتعلق بالمستقبل، إذ قد تزداد أهمية البحث في هذا المجال لتحسين أساليب التشخيص والعلاج، وكذلك لتوفير إطار قانوني أكثر وضوحًا في مثل هذه الحالات يحمي الناس من التعرض من الأذى و اتخاذ التدابير القانونية على أكمل وجه.
إذا تعرضتم أو أحد معارفكم للاعتداء الجنسي، فيرجى سرعة الاتصال على RESPECT 1800 على الرقم 1800 737 732، أو أرسال رسالة نصية إلى الرقم 0458 737 732، أو زيارة الموقع الإلكتروني: 1800RESPECT.org.au.. وفي حالة الطوارئ، يرجى الاتصال على رقم الطوارئ 000.
