ارتفع متوسط العمر المتوقع على مستوى العالم بشكل كبير خلال القرن الماضي، وكانت أستراليا من بين الدول الأفضل أداءً.
ولكن خلال العقدين الماضيين، سجلت بعض الدول ذات الدخل المرتفع ركودًا أو ما يمكن تفسيره بانخفاض متوسط العمر المتوقع، خاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
فهل يعود سبب هذا الأمر إلى تراجع المستوى الصحي في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية؟
في دراسة تناولت متوسط العمر المتوقع بين الدول الناطقة باللغة الإنجليزية وبين الدول الأخرى ذات الدخل المرتفع، وجدت أن الأستراليين الذين ولدوا بين عامي 1930 و1969 ما زالوا يحققون أداءً جيدًا بشكل استثنائي فيما يتعلق بمتوسط العمر المتوقع. أما للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا فإن متوسط العمر المتوقع سيبقى ثابتا للمجموعة الأصغر سنًا.
لماذا يتم قياس متوسط العمر المتوقع؟
يعد متوسط العمر المتوقع مقياسًا مهمًا ومُستخدمًا لفحص اتجاهات وأنماط الصحة مع مرور الوقت مع الأخذ بعين الاعتبار المكان الذي يعيش فيه الأشخاص أو المجموعات السكانية .
ولتقدير متوسط عدد السنوات التي يتوقع أن يعيشها الشخص، يتم حساب استخدام معدل الوفيات - أو معدلات الوفيات - عبر الفئات العمرية المختلفة خلال فترة زمنية محددة، فعندما تنخفض معدلات الوفيات، يرتفع متوسط العمر المتوقع، والعكس صحيح.
كما أن متوسط العمر المتوقع لا يقاس بمعدل الوفيات فحسب، بل إنه أيضًا مقياس غير مباشر لصحة السكان بشكل عام، فمعظم الأسباب الرئيسة للوفاة في البلدان ذات الدخل المرتفع هي الأمراض المزمنة. إذ تؤثر هذه الأمراض عادة على صحة الشخص لسنوات عديدة قبل وفاته.
لذلك فإن ثبات أو تراجع متوسط العمر المتوقع، يعد علامة تحذيرية لمشاكل صحية طويلة الأمد أو أمراض ناشئة.
كما أشار الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل أمارتيا سين، إلى معدل الوفيات كمؤشر رئيس للنجاح والفشل الاقتصادي، وهذا يجعل هذه الداسات أداة قوية للباحثين وصناع السياسات.
في هذه الدراسة، تم تحليل اتجاهات وأنماط الوفيات في مجموعة البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، وتم مقارنتها ببلدان أخرى ذات دخل مرتفع. وقد أظهرت البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية تشابهًا في معدلات الوفيات الأخيرة وأسبابها، بسبب تعاطي المخدرات الزائدة وانتشار السمنة.
وركزت هذه الدراسة، على ستة بلدان ناطقة باللغة الإنجليزية ذات دخل مرتفع هي: أستراليا وكندا وأيرلندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتم مقارنتها بمتوسط 14 دولة أخرى ذات دخل مرتفع ومعدل وفيات منخفض من أوروبا الغربية (مثل فرنسا والنرويج)، إضافة إلى اليابان. و تم الاستعانة ببيانات من عام 1970 فصاعدًا عبر مصادر موثوقة وشاملة.
LISTEN TO
ظاهرة غير عادية أعادت الحياة إلى الصحراء الكبرى في جنوب المغرب
SBS Arabic
10/10/202404:08
وأخذت الداية العينات لكل دولة ناطقة باللغة الإنجليزية والمجموعة الأخرى المقارنة عبر متوسط العمر المتوقع عند الولادة، ومتوسط العمر المتوقع بين سن 0 و50 عامًا، ومتوسط العمر المتوقع المتبقي عند سن 50 عامًا، لإن ذلك يساعد في مقارنة معدل الوفيات بين مجموعات المواليد (الأشخاص الذين ولدوا في نفس السنة التقويمية) مع تقدمهم في السن.
و يعد هذا المقياس أقرب طريقة لتقدير المدة التي يعيشها الأشخاص في مجموعات سكانية مختلفة، ويمكن استخدامه لتقييم الاختلافات في البقاء على قيد الحياة بين السكان.
بعد ذلك، تم النظر في كيفية مساهمة العمر وأسباب الوفاة في الفجوة بين البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية والمجموعة الثانية من البلدان الأخرى.
وجاءت النتائج كما يلي، أنه في فترة ما قبل كوفيد-19، كان متوسط العمر المتوقع عند الولادة أعلى لكل من الرجال والنساء في أستراليا، مقارنة بمجموعة المقارنة غير الناطقة باللغة الإنجليزية. وانطبق هذا الأمر على الرجال في أيرلندا ونيوزيلندا وكندا. إلا أنه في بلاد مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، كان متوسط العمر المتوقع عند الولادة أقل لكل من الرجال والنساء، مقارنة بالمجموعة غير الناطقة باللغة الإنجليزية.
لكن الأمر الملفت للانتباه، كان الاختلاف في معدل الوفيات لمن هم دون سن الخمسين في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية مقابل البلدان غير الناطقة باللغة الإنجليزية، إذ أدى ارتفاع معدلات الوفيات نسبيًا لمن هم دون سن الخمسين إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع الإجمالي عند الولادة في كل دولة ناطقة باللغة الإنجليزية، بما في ذلك أستراليا. وكانت حالات الانتحار والوفيات المرتبطة بالمخدرات أو الكحول السبب الرئيس وراء هذه الاتجاهات.
في أستراليا، تشير النتائج إلى اختلافات كبيرة بين الأجيال في متوسط العمر المتوقع مقارنة بالدول الأخرى ذات الدخل المرتفع. إذا استمرت معدلات الوفيات المرتفعة نسبيًا بين الأستراليين المولودين منذ سبعينيات القرن العشرين فصاعدًا، لكن يرجح أن تتباطأ معدلات البقاء في متوسط العمر المتوقع في أستراليا.
لكن النتائج أيضاً تشير إلى أن التحسن الحقيقي يمكن أن يأتي عبر أخذ تدابير تقلل التفاوت والعيوب البنيوية التي تؤدي إلى نتائج صحية سيئة، مثل تحسين الحصول على التعليم والأمن الوظيفي والإسكان، ودعم الصحة العقلية والسلامة المتعلقة بالمخدرات، ومعالجة أمراض مثل السمنة والسكري.