استمرّ القصف الشديد على غزة الإثنين، مخلّفا عشرات القتلى الفلسطينيين فيما قضى خمسة جنود إسرائيليين في القطاع، بالرغم من الآمال التي يحييها اقتراب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بات "على وشك" أن يبصر النور بحسب الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتكثّف قطر ومصر والولايات المتحدة التي تؤدّي دور الوساطة في المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل الجهود للتوصّل إلى اتفاق يضمن وقفا لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
وأكّد الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين أن الاتفاق "على وشك" أن يبصر النور.
واجتمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الإثنين بوفد من حماس، فضلا عن موفدين أميركيين لاستعراض "آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار في القطاع".
والإثنين أيضا، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان عن احتمال التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة "خلال الأسبوع الحالي".
وقال جايك ساليفان لصحافيين "نحن قريبون من التوصل إلى اتفاق وقد يحصل ذلك هذا الأسبوع. أنا لا أقطع وعدا أو أتنبّأ، لكن الاحتمال قائم، وسنعمل على ترجمته واقعا".
وأفاد كلّ من وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ومسؤول فلسطيني مقرّب من حماس عن تقدّم ملحوظ في المفاوضات.
وقال ساعر إن بلاده تبذل جهودا "مكثفة" من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح العشرات من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الدنماركي لارس لوكه راسموسن "تحقق تقدم في المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن، إسرائيل ترغب في إطلاق سراح الرهائن وتبذل جهودا مكثفة لإبرام اتفاق".
ورجّح المسؤول الفلسطيني المقرّب من حماس الذي اشترط عدم الكشف عن هوّيته في تصريحات لوكالة فرانس برس أن "يتمّ إعلان الاتفاق على الأغلب قبل الجمعة"، مؤكدا أن "جولة المفاوضات الحالية هي الأكثر جدّية وعمقا" ومشيرا إلى "تقدّم كبير".
رییس جمهور امریکا جو بایدن در حال صحبت درباره قتل ایمن ظواهری Source: AFP, Getty / Getty/Jim Watson/POOL/AFP
وفي المقابل، حذّر وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الإثنين من أنه لن يؤيد أي اتفاق يوقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدا أن إسرائيل يجب أن "تفتح أبواب جهنم" على القطاع المحاصر.
وقال سموتريتش في منشور على منصة إكس "الاتفاق المقترح كارثة للأمن القومي الإسرائيلي، لن نكون جزءا من اتفاق استسلام يشمل إطلاق سراح إرهابيين خطرين ووقف الحرب وإهدار الإنجازات التي تم التوصل إليها بصعوبة ودُفع ثمنها بالدم والتخلي عن العديد من الرهائن الذين ما زالوا في الأسر".
وأضاف الوزير المتطرف "يجب أن نسيطر بشكل قاطع على المساعدات الإنسانية... وأن نفتح أبواب جهنم على غزة حتى استسلام حماس بدون شروط وإعادة جميع الرهائن بأمان".
سموتريتش عضو رئيسي في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الحاكم ولطالما عارض وقف الحرب في غزة.
وأتت تصريحاته في وقت تتزايد فيه الدعوات من الإسرائيليين وخصوصا عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، لإبرام اتفاق يعيد الرهائن.
لكن تصريحات سموتريتش تظهر مدى الانقسام داخل ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، حول الاتفاق في هذه المرحلة.
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu Source: AFP
الأحد، أطلع نتانياهو الرئيس الأميركي جو بايدن على "التقدم" في المفاوضات في الدوحة بشأن الاتفاق.
وقال مكتب نتانياهو في بيان إنه وبايدن بحثا "التقدم المحرز في المفاوضات للإفراج عن رهائننا وأطلعه على التفويض الذي منحه لفريق التفاوض في الدوحة، بهدف الدفع قدما نحو الإفراج عن الرهائن".
وتمحورت المحادثات بين الوسطاء وإسرائيل وحماس على الإفراج عن رهائن خُطفوا في الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقا لمصادر إسرائيلية عدة.
والعام الماضي، فشلت عدة جولات من المفاوضات في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 16 شهرا.
ومن بين القضايا التي أعاقت التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، شروط وقف إطلاق النار التي سيتم بموجبها تبادل الأسرى وحجم المساعدات الإنسانية لغزة وعودة سكان غزة النازحين إلى ديارهم وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإعادة فتح المعابر الحدودية.
"يوم صعب"
وبالرغم من تقدّم المفاوضات في الدوحة، واصلت القوّات الإسرائيلية قصفها الشديد لغزة الإثنين.
وشنّت القوّات الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية على مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا الإثنين، بحسب ما أفاد الدفاع المدني في القطاع.
وكشف الدفاع المدني في بيان صحافي أن طواقمه انتشلت 11 شهيدا قتيلا "نتيجة قصف إسرائيلي على منزل يعود لعائلة جرادة وأبو خاطر في حي الشجاعية" شرق مدينة غزة.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس عن "أكثر من عشرين غارة جوية شنتها طائرات الاحتلال استهدفت مدارس ومنازل وتجمعات للمواطنين".
وأكد سقوط سبعة قتلى "في قصف إسرائيلي على مجموعة من المواطنين في حي الدرج"، فضلا عن خمسة آخرين "في غارة جوية للاحتلال على مدرسة صلاح الدين الأيوبي في نفس المنطقة" شرق مدينة غزة.
اقرأ المزيد
قطاع غزة: التاريخ والجغرافيا والبشر
وقتل باقي الضحايا في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على مدينة غزة، بحسب الدفاع المدني.
وشدد المتحدث باسمه على أنه "لا يوجد متسع في المستشفى لاستقبال الجرحى"، مشيرا إلى أنه "يوم صعب على مدينة غزة، عمليات القصف والقتل لم تتوقف منذ فجر اليوم".
وتكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر جديدة الإثنين. وقد قُتل خمسة من عناصره في معارك في شمال غزة، وفق ما جاء في بيان للجيش.
وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2024، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال قطاع غزة قالت إنها تهدف إلى منع حماس من إعادة تجميع صفوفها في المنطقة.
ومع هؤلاء الضحايا الجدد، ترتفع حصيلة القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي إلى 408 منذ بدء الحملة الميدانية العسكرية الواسعة النطاق التي شنّتها إسرائيل ضدّ حماس في غزة في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين أنه اعترض مقذوفا مصدره اليمن قبل دخوله الأراضي الإسرائيلية. وقد تبنى الحوثيون في اليمن هذا الهجوم.
اندلعت الحرب في قطاع غزة بعد الهجوم الذي أسفر عن مقتل 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
واختطف في يوم الهجوم 251 شخصا. لا يزال 94 من هؤلاء في غزة، وأعلن الجيش عن مقتل أو وفاة 34 منهم.
في المقابل، قُتل أكثر من 46584 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.