جاء الاتفاق في أعقاب مواجهات عنيفة اندلعت ليل الاثنين-الثلاثاء في ضاحية جرمانا جنوب شرق دمشق، على خلفية انتشار تسجيل صوتي منسوب لمواطن درزي تضمّن إساءات للنبي محمد، ما أجج التوترات الطائفية في المنطقة. ولم تتمكن وسائل إعلام من التحقق من صحة التسجيل بشكل مستقل.
محاسبة المتورطين وضبط الخطاب الطائفي
وبحسب نسخة من الاتفاق اطلعت عليها وكالة "فرانس برس" ونشرتها وكالة "سانا"، تعهد الطرفان بـ"محاسبة المتورطين في الهجوم الأخير وتقديمهم للقضاء العادل"، إلى جانب "ضبط الخطاب الإعلامي والحد من التجييش الطائفي والمناطقي"، في مسعى لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وتضمنت الوثيقة التزاماً حكومياً بتنفيذ كافة بنود الاتفاق فوراً، في ظل تأكيدات رسمية بأن التحقيقات جارية لتحديد الجهة المسؤولة عن نشر التسجيل الصوتي، الذي كان بمثابة الشرارة لانفجار العنف.

Druze gunmen stand next to a checkpoint a day after clashes between members of the minority Druze sect and pro-government fighters left at least four people dead in the southern suburb of Jaramana, Damascus, Syria, Tuesday, April 29, 2025. (AP Photo/Omar Sanadiki) Source: AP / Omar Sanadiki/AP
مقتل 14 شخصاً وتوتر أمني واسع
وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل خلال الاشتباكات سبعة مقاتلين دروز محليين، إلى جانب سبعة من قوات الأمن والمقاتلين الموالين لها. وذكر المرصد أن المواجهات وقعت على خلفية التوتر الذي تسبّب به التسجيل الصوتي المسيء.
وشهدت المدينة انتشاراً أمنياً كثيفاً شمل عناصر من وزارتي الداخلية والدفاع، كما شوهدت طائرات مسيّرة تحلّق في سماء المنطقة. وأفاد شهود عيان بأن الحياة العامة كانت شبه مشلولة صباح الثلاثاء، مع إغلاق معظم المحال التجارية وبقاء السكان في منازلهم خشية تجدد الاشتباكات.
ردود فعل درزية وتحذيرات من الفتنة
نددت الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في جرمانا بـ"الهجوم غير المبرر"، محمّلة السلطات السورية "المسؤولية الكاملة عمّا جرى وأي تصعيد محتمل". كما شددت على أهمية حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، داعية إلى ضبط النفس والحفاظ على السلم الأهلي.
من جانبه، اعتبر الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية للدروز في سوريا، أن الاعتداءات تمثل استمراراً لـ"فكر الإقصاء واللون الواحد"، متهماً السلطة الحالية بالتماهي مع ممارسات النظام السابق.
LISTEN TO

قضية طفل مصري في مدرسة بدمنهور تثير الغضب والمتهم ثمانيني!
SBS Arabic
06:38
خلفية مشتعلة وتحذيرات إقليمية
تأتي هذه التطورات بعد نحو شهر من أعمال عنف طائفية دامية في منطقة الساحل السوري، أوقعت نحو 1700 قتيل، معظمهم من الطائفة العلوية، ما يعكس التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه السلطة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، والتي تولّت الحكم بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وفي تطور لافت، سبق أن هددت إسرائيل بالتدخل لحماية الأقلية الدرزية في سوريا. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في مارس الماضي، إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرض الدروز للخطر".
وتُعدّ جرمانا من المناطق الحساسة طائفياً، إذ تقطنها غالبية درزية ومسيحية إلى جانب عدد كبير من النازحين منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011. وشهدت المدينة في السنوات الأخيرة توترات متقطعة، ازدادت حدّتها منذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، وما تبعها من انتشار لقوات أمنية واشتباكات مع مجموعات مسلحة محلية.
دعوات للتهدئة واستمرار التحقيقات
في ظل هذا التصعيد، أكدت وزارتا الداخلية والعدل السوريتان عزمهما على "ملاحقة المتورطين ومثيري الفتن"، ودعتا المواطنين إلى الالتزام بالقانون وتفادي الانجرار خلف الخطابات الطائفية التي تهدد نسيج المجتمع السوري.
ويخشى مراقبون من أن تتسبب مثل هذه الأحداث في تأجيج التوترات الأهلية في مناطق أخرى من البلاد، ما قد يعيد مشاهد العنف التي عاشتها سوريا خلال سنوات الحرب، رغم التغيير السياسي الذي طرأ مؤخراً.