في 23 ديسمبر 2021 ، ظهرت تغريدة غريبة على الإنترنت تقول:"مرحبًا ، أيها العالم! تغريدة قصيرة. تقدم هائل ".
ظهرت هذه التغريدة على حساب تويتر للدكتور توماس أوكسلي طبيب أعصاب والمدير التنفيذي لشركة التكنولوجيا العصبية الأسترالية Synchron.
لكن التغريدة لم يكتبها أوكسلي بل تم بثها مباشرة من دماغ رجل يدعى فيليب أوكيف يبلغ 62 عاماً ويعيش في ولاية فيكتوريا.
وأضاف فيليب في رسالة لاحقة أنه يأمل في أن يمهد ذلك الانجاز الطريق للناس للتغريد من خلال الأفكار.
وسرعان ما انتشرت تغريدة فيليب كالنار في الهشيم، حيث ذهل المستخدمون من الطريقة التي تمكن بها من التغريد من خلال التفكير.
حيث رد أحد المتابعين عبر تويتر "مرحبًا فيليب، كيف تتحكم في الأفكار المكتوبة؟".
وكتب آخر، "مدهش. مرحباً ماتريكس".
لكي نفهم كيف أصبح فيليب أول شخص في العالم يغرد مباشرةً باستخدام عقله علينا العودة إلى عام 2015.
في أيار/ مايو من ذلك العام، تم تشخيص فيليب بمرض العصبون الحركي (MND)، وهو مرض قاتل يهاجم الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي، إضافة إلى حدوث ضعف في عضلات الجهاز التنفسي في نهاية المطاف لدى كل شخص مصاب بهذا المرض.قال فيليب في حديثه مع Insight, "من أول الأشياء التي فقدتها كانت مهاراتي الحركية الدقيقة. إن القدرة على إمساك القلم والكتابة على لوحة المفاتيح والنقر على الهاتف أصبحت محدودة للغاية وبدأ التواصل مع العالم الخارجي بالإختفاء".
MND Patient Phil O'Keefe. Source: University Of Melbourne
كان فيليب مصممًا دائمًا على وضع جسده ودماغه في تصرف العلم لمواصلة أبحاث MND. وفي كانون الأول /ديسمبر من عام 2019، التحق بتجربة لزرع جهاز في دماغه يسمح له بالتحكم في جهاز الكمبيوتر من خلال التفكير.
وأخبرت تريش زوجة فيليب Insight: "لقد انتهز الفرصة لتقديم أي مساعدة بالنظر إلى النتيجة النهائية التي حصل عليها".
كان فيليب هو ثاني شخص في العالم يتم زرعه بهذه التقنية وهي تجربة محفوفة بالمخاطر.
وقالت تريش أن العملية كان بها خطر كبير على حياة زوجها في ذلك الوقت.
وبدون تردد، زرع فيليب الجهاز في دماغه في نيسان/أبريل 2020.تسمى هذه التقنية "جهاز Stentrode" حيث يتم إدخاله في الوريد الموجود أسفل الجمجمة مباشرة في الجزء العلوي من الرأس. تقرأ هذه التقنية إشارات دماغ التي يصدرها فيليب وتنقلها لاسلكيًا إلى جهاز كمبيوتر والذي يحولها بعد ذلك إلى أوامر على الشاشة مثل النقر والسحب.
Researchers have developed a tiny device to stimulate the brain in the hope of treating epilepsy. (AAP) Source: AAP
تمكن فيليب من إرسال النصوص ورسائل البريد الإلكتروني وتصفح الإنترنت باستخدام قوة أفكاره فقط. واستطاع من خلال هذه العملية استعادة بعض الاستقلالية التي سرقها منه مرض العصبون الحركي.
قالت تريش لـ Insight ,"لقد أصبنا بالذهول. اعتقدنا أنه ذكاء اصطناعي أوشيء من برنامج Star Trek".
تندرج التكنولوجيا التي يستخدمها فيليب تحت مظلة BCI أو واجهة كمبيوتر الدماغ.
يلقي كبار المضاربين من Silicon Valley، مثل Elon Musk's Neuralink ، بثقلهم وراء تطوير تقنية BCI، والتي تحمل فوائد طبية واعدة للأشخاص الذين يعانون من مجموعة من الحالات مثل إصابات الحبل الشوكي والخرف ومرض الزهايمر.سوف تأتي المزيد من التجارب السريرية البشرية من خلال هذا الإستثمار. وفي حين كانت تجربة فيليب إيجابية للغاية ، فإن الأمر لا ينطبق دائمًا على كل من يتم دمج عقولهم مع التكنولوجيا.
Tesla and SpaceX Chief Executive Officer Elon Musk Source: APP
تعيش هانا جالفين، 33 عامًا، في شمال تازمانيا ، وقد قضت معظم حياتها مع الصرع المزمن. إن طبيعة المرض غيرالمؤكدة والتي لا تسمح لها بمعرفة متى ستتعرض لنوبة كان لها تأثير مدمر عليها.
وقد قالت, "انتهى بي الأمر بالعديد من الكدمات على ساقي والتوى كتفي للخارج. إن عقلي لم يكن يعمل كما ينبغي".
لقد سرق هذا الأمر قدرتها على القيام بأشياء أخرى كانت تحبها في الحياة مثل الرقص.
أرادت هانا تجربة أي شيء يمكنها من إدارة حالتها ، لذلك وقبل حوالي عقد من الزمن شاركت أيضًا في تجربة هي الأولى من نوعها تضمنت زرع جهاز في دماغها كما فعل فيليب.تم تطوير الجهاز المزروع في دماغها لكي يتمكن من قراءة نشاطها العصبي للتنبؤ عندما كانت على وشك التعرض لنوبة.
Source: SBS
لقد كانت التجربة ناجحة علمياً. ولكن نظرًا لأن التكنولوجيا كانت دقيقة جدًا، فقد اكتشفت أن هانا كانت تتعرض لأكثر من 100 نوبة صرع يوميًا.
قال فريدريك جيلبرت عالم الأخلاقيات الحيوية من جامعة تازمانيا والذي يجري مقابلات مع الأشخاص الذين لديهم تقنية مزروعة في أدمغتهم كجزء من بحثه بإن حالة هانا تثير بعض الأسئلة المعقدة التي تأتي مع دمج الدماغ البشري مع التكنولوجيا.
وأخبر Insight: "لقد لاحظنا أنه حتى لو كانت التكنولوجيا ناجحة وفعالة وتعمل بشكل جيد، يمكن أن يكون هناك رفض نفسي".
يقول جيلبرت إنه غالبًا ما تظهر هذه الأسئلة حول مدى أخلاقية هذه التقنيات بعد حدوث الابتكار.
ويعتقد أنه من المهم تدخل الأخلاقيات بصورة مبكرة وبأسرع وقت عندما يتعلق الأمر بالدماغ الذي هو شيء مركزي لهوية الشخص والشعور بذاته.
ومع تقدم التكنولوجيا ، تبدأ المزيد من التجارب ويضع المزيد من الناس أدمغتهم على المحك من أجل العلم ، يقول فريدريك: "أعتقد أن الخط الذي نحتاج إلى السير فيه هو إبقاء البشر أولوية لنا."