جيل متعدد الثقافات يبحث عن صوت
يشكّل جيل زد (المولودون بعد عام 1996) وجيل الألفية (المولودون بين عامَي 1981 1996) ما يقارب خمسين في المئة من القاعدة الانتخابية في أستراليا، ويتميّز هذا الجيل بخلفياته المتعددة ثقافيًا. ورغم مشاركتهم المتزايدة في الشأن العام، إلا أنّ أصواتهم – لا سيما من ينتمون إلى أسر مهاجرة أو لاجئة – غالبًا ما تُهمل عند رسم السياسات.
أروزو رحيمي، شابة أفغانية الأصل وصلت إلى أستراليا لاجئة في عام 2018، تستعدّ للانتخاب للمرة الأولى. وبين دراستها لعلوم الصحة، وعملها كمساعدة طبيب أسنان، ومشاركتها في مبادرات مجتمعية من خلال "مركز اللاجئين والمهاجرين الجنوبي"، تؤكد رحيمي أنّ الشباب من أصول مهاجرة يواجهون تحديات لا تُدرَك غالبًا من قبل صانعي القرار.
وتقول: "عندما أرى سياسيين يتحدثون عن مشاكلنا دون أن يعيشوا تجاربنا، أفقد الحماس للمشاركة السياسية".وتُشدّد رحيمي على ضرورة التمثيل الحقيقي في مواقع القيادة السياسية، وتطالب بمزيد من الجهود لمواجهة العنصرية والتمييز، لا سيما في المدارس، حيث تقول إن الطلاب من خلفيات ثقافية متنوعة يتعرضون لسوء فهم مستمر.

Arozoo Rahimi. Credit: Sam Biddle
من النزوح إلى التغيير
لينا نبي زاده، شابة أخرى تصوّت لأول مرة، تشارك رحيمي ذات الحماس للتغيير. لينا، التي هاجرت إلى أستراليا في سنّ الثامنة بعد الإقامة في باكستان، تقول إن نشأتها في مدينة صغيرة كـ"تومبا" في ولاية كوينزلاند، التي تفتقر للتنوع الثقافي، كشفت لها مدى انتشار الجهل بالثقافات الأخرى، وما قد يسببه من تمييز غير مقصود.
وتوضح: "التمييز قد لا يكون دائمًا بقصد الإساءة، لكنه ينتج عن نقص في التوعية والدعم، خصوصًا في مجالات التعليم والخدمات".وترى نبي زاده أن الحل يكمن في "الاستثمار الحقيقي" في مبادرات يقودها الشباب بأنفسهم، ومنحهم منصات وفرصًا مستدامة لتقديم حلولهم. وتضيف: "هناك قادة شباب يحققون تأثيرًا واضحًا على الأرض، لكن ينقصهم الدعم السياسي والإرادة الجادة".من بين أبرز القضايا التي تشغلها أيضًا: التغيّر المناخي. وتقول: "أستراليا تمتلك الموارد والخبرات. ما نحتاجه هو الإرادة السياسية للتحرّك".

Lena Nabizada at the National Youth Policy Launch by MYAN. Credit: Multicultural Youth Advocacy Network (MYAN)
العنصرية، اللغة، والعقبات الخفية
تشير كل من رحيمي ونبي زاده إلى مشكلات عميقة يواجهها اللاجئون، من بينها صعوبة الوصول إلى دورات تعليم اللغة الإنجليزية، حيث تقول نبي زاده: "في بعض الحالات، ينتظر اللاجئ أكثر من ثمانية أشهر للالتحاق بدورة ممولة حكوميًا، مما يصعّب عليه تأمين احتياجاته اليومية".كما تعاني بعض الشابات من تمييز في التوجيه المهني. تقول رحيمي إن بعضهن يُثبّطن عن دراسة تخصصات طبية ويُدفعن إلى خيارات "أسهل" مثل التمريض. وتضيف بحسرة: "هذا مؤلم، لكن لدينا قصص نجاح تُثبت أننا قادرون، فقط إن أُعطيت لنا الفرصة".

Lena Nabizada, together with her peers at the National Youth Policy Launch. Credit: Ishani Buff - Ishani Photography
من الاستماع إلى المشاركة الفعلية
رنا إبراهيم، المديرة الوطنية لشبكة "MYAN" المعنية بدعم الشباب من خلفيات متعددة ثقافيًا، تشدّد على أن الشباب يجب ألا يُستمع إليهم فحسب، بل أن يُشركوا فعليًا في صياغة القرارات.
وتقول: "من يملكون الخبرة الحياتية هم الأفضل لصياغة السياسات. لكننا غالبًا ما نراهم يُستدعون في اللحظة الأخيرة، لا كمكوّن أساسي في الحوار".وتطالب "MYAN" الحكومة هذا العام بثلاثة مطالب أساسية:
1. دعم قيادة الشباب من خلال إشراكهم الحقيقي في التخطيط.
2. تعزيز الأمان الرقمي والشمول.
3. صياغة سياسات وطنية تعبّر عن واقع الشباب المهاجرين واللاجئين.

Rana Ebrahimi National Manager of the Multicultural Youth Advocacy Network (MYAN). Credit: Multicultural Youth Advocacy Network (MYAN)
دور التعليم المحلي في كسر الوصمة
من جهتها، ترى ميشيل كلاينرت، العمدة السابقة لمدينة "مانينغهام" والمدرّبة في مجال الصحة النفسية، أن دعم الشباب يجب أن يبدأ من المدارس والمجالس المحلية. وتقول إن بعض الثقافات ما زالت تعتبر الحديث عن الصحة النفسية من المحظورات، ما يجعل الشباب يخشون طلب المساعدة.
وتقترح: "ينبغي أن يكون هناك دمج لمفاهيم الصحة النفسية في المناهج الدراسية. ونحتاج إلى قادة محليين يكونون قريبين من الناس، يعرفون مشكلاتهم، ويصلونهم بالخدمات المناسبة".وتحثّ الشباب المهاجر على التواصل مع ممثليهم السياسيين، ونقل قصصهم مباشرة. وتختم بالقول: "الصوت الانتخابي أمانة ومسؤولية. لا تفرّطوا فيه، بل استخدموه لبناء مستقبل أفضل".

Michelle Kleinert. Credit: Fiona Huber Photography
جيل يقوده الأمل
في ختام حديثهما، تؤكّد كل من رحيمي ونبي زاده أن التغيير ممكن، وأنّ جيلاً كاملاً من الشباب المهاجرين يملك الإرادة لصناعة الفارق.
رحيمي تقول: "نحلم بيوم نشعر فيه بأننا ننتمي، لا أن نقاتل لإثبات أحقيتنا بالانتماء".وتضيف نبي زاده: "نحن نبني المستقبل الذي نريده، ونأمل أن يكون لنا فيه مقعد على الطاولة".