قبل ثلاث سنوات، اتخذ عمر قويدر وزوجته جوانا قرارًا مصيريًا غيّر مجرى حياتهما، بترك صخب مدينة سيدني، حيث استقر الزوجان في بلدة "يونغ" الريفية الواقعة على منحدرات الجنوب الغربي لولاية نيو ساوث ويلز، حيث يعيشان مع طفليهما في مزرعة هادئة تعج بالحياة من الخيول والأغنام والدجاج.
تصف جوانا التحول بقولها: "وتيرة الحياة هنا أبطأ بكثير، لكنها أعمق وأكثر معنى؛ ففي سيدني، وتحديدًا بعد جائحة كوفيد-19، شعرنا بانعدام الترابط وغياب الدفء الإنساني. أما في يونغ، فوجدنا حريتنا من جديد".
لكن الحرية لم تكن وحدها المكسب. فالحياة المستدامة في الريف من زراعة الخضروات إلى تربية الدواجن، مكّنت العائلة من التكيف مع التحديات الاقتصادية. إذ يشير عمر إلى أن إيجار المسكن في "يونغ" لا يتجاوز نصف ما كان يدفعه في غرب سيدني لمساحة أصغر.

Omar Kowaider and Joanna Bryla with their children. Source: SBS / SBS News/Jack Giam
مجتمع مسلم في قلب الريف الأسترالي
مدينة "يونغ"، التي يبلغ عدد سكانها نحو 10,000 نسمة، تُعرف بزراعة الكرز وتبعد أكثر من 370 كيلومترًا عن سيدني. إذ لا توجد إشارات مرور، وكل شيء على بُعد دقائق معدودة، وهذا جزء من سحرها الذي جذب مئات العائلات المسلمة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
لكن الجذور الأولى للمجتمع المسلم تعود إلى أواخر الثمانينيات. في هذا المكان، إذ يقول باسم علي، الذي استقرت عائلته في يونغ منذ أكثر من 37 عامًا، إن "والدي وعمي خاطرا بشراء مزرعة هنا. لكنهما أحبا المكان، ونجحت التجربة".
اليوم، تُعد اللغة العربية ثاني أكثر اللغات استخدامًا في المدينة، ويشكّل المسلمون ما يقارب 10% من السكان.

Bassem Ali (second from left) with his family in Young, NSW. His parents were amongst the first Muslims to call this rural town home nearly 40 years ago. Source: SBS
عبدالله سلطان، رئيس لجنة المسجد، يرى في هذا المشروع أكثر من مجرد بناء: "إنه رمز لنمو مجتمعنا، وفرصة لتوسيع آفاق الأجيال القادمة".

Abdullah Sultan, the head of committee at Young Mosque, said the move to Young is a no-brainer for Muslim families. Source: SBS / Jack Giam
أما باسم علي، فيختم قائلاً: "ما بدأ كفكرة بسيطة من والديّ أصبح مجتمعًا مزدهرًا. نحن نزرع اليوم، ولكن من سيقطف الثمار هو الجيل القادم... وهذا جوهر العمل من أجل المستقبل".