يتمتع الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة بحقوق كثيرة تؤمنها الدولة الأسترالية، وهذه الحقوق لا تزال حتى اليوم غير متوفرة في بلداننا العربيّة.
النظرة في أستراليا إلى صاحب القدرات الخاصة تختلف، حيث يُنظر إليه باعتباره شخص قادر على التصرف كإنسان مستقل، له حياته الشخصية وقادر على التعلمّ والعمل وممارسة الهوايات مثل أي إنسان آخر. ويمكن القول أن "إيلي الخوري أنطونيوس" هو مثال على ذلك.
ولد إيلي وهو يعاني من مرض يعرف بالشلل الدماغي أو Cerebral Palsy، يمنعه من الحركة بشكل كامل. يحتاج إيلي إلى كرسي متحرّك ليتمكن من التنقل.
حالة إيلي لم تمنعه من إكمال دراسته الجامعية، حيث حصل على بكالوريوس العمل الاجتماعي ثم أكمل شهادة الماجستير في البحوث، وتخصص في دراسة توفير فرص لذوي الاحتياجات الخاصة في أماكن العمل. يعمل إيلي الآن في قسم العلاقات العامة والشؤون الحكومية في منظمة Hire Up التي تعنى بتوفير االخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة في ولاية نيو ساوث ويلز.يمارس إيلي عدداً من الهوايات وخصوصا الرياضة: "لدي شغف كبير بالرياضة وأنا من أكبر المتابعين للأحداث الرياضية كما أقوم بالكتابة والتعليق على المباريات عبر مدونات على الإنترنت".
Source: Supplied
تركز وظيفة إيلي في منظمة Hire Up على نشر الوعي بخصوص التغييرات الحكومية المتعلقة بالخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة والمشاكل التي قد تواجه هؤلاء: "الهدف الرئيسي من عملنا هو خلق مجتمع شامل وحاضن لهؤلاء الأشخاص."
شدد إيلي على الدور الكبير الذي لعبته العائلة في دعمه، حيث قدم أهله الكثير من التضحيات خاصة عندما كانوا يرافقونه في كل مرحلة من مراحل العلاج: "لم يتردد أهلي في مرافقتي إلى كل العمليات الجراحية وزيارات الطبيب، مع حرصهما في الوقت نفسه على أن أعيش حياة طبيعية وأن أحافظ على استقلاليتي وأبني علاقات اجتماعية".
والد إيلي هو الشاعر فؤاد نعمان الخوري والذي قال بدوره إن ما فعله هو واجب أي أب تجاه ابنائه: "ناضلنا أنا وزوجتي كي يحظى إيلي بنفس الفرص المتاحة لأي شخص آخر وخصوصاً على صعيد التعليم، وقد تتطلّب ذلك خوض تحديات كبيرة.يتذكر الخوري كيف رفضت إحدى المعلمات استقباله في المدرسة، لكنها وافقت في النهاية بعد إصرار العائلة: "كنا مصرين على الدفاع عن حقوقه ليس لأنه ابننا فقط بل لأنه انسان مثلنا جميعاً".
Source: Supplied
يعتبر إيلي أن انتماءه إلى المجتمع اللبناني - الأسترالي كان أمرا إيجابيا إذ يعتبر أن ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمعات المهاجرة يحصلون على دعم أكبر: " أشعر أنني محاط بعدد أكبر من الناس، كما أن العلاقات مع الأقرباء والأصدقاء وطيدة جداً ما يخفف من وطأة الضغط على الأهل الذين يجدون من يقف بجانبهم لدعم ابنهم ".
من جهته قال والده فؤاد الخوري إنه لم يشعر يوما بالخجل بسبب إعاقة ابنه: " ذوو الاحتياجات الخاصة أشخاص مميزون اختارهم الرب لرسالة معيّنة في الحياة" لكنه أقر أن الإعاقة لا تقابل بنفس الدرجة من القبول من كل أفراد المجتمع: "التحدي أن تعلّم هؤلاء تقبّل الإعاقة مثلما تعلّمت أنت هذا الأمر خصوصاً أن كل شخص فينا لديه إعاقة ما قد تكون خفية وعلينا تقبل بعضنا البعض".
وقال إيلي إنه على الرغم من النظرة الإيجابية لأصحاب الاحتياجات الخاصة إلا أنه يمكن فعل المزيد: "الطاقات والخبرات التي يستطيع أن يساهم بها هؤلاء تختلف عن الخبرات الأخرى، خصوصاً أنها تأتي من منظور مختلف لذا يجب الاستفادة منها قدر الإمكان."
إيلي وجّه رسالة إلى أسر الأولاد من ذوي الاحتياجات الخاصة قائلا: "الحماية المفرطة تحدّ من قدرتهم على تطوير قدراتهم وإثبات نفسهم في المجتمع، لذا لا تحرموهم من فرصة خوض تجارب جديدة في مختلف المجالات من الدراسة إلى العمل والهوايات وصولاً إلى العلاقات الاجتماعية".الشاعر فؤاد الخوري قال إن حماية إيلي أثناء تربيته تأتي من خلال تدعيم الثقة بالنفس: "على الأهل أن يسمحوا للولد أن يكون مستقلاً ويأخذ قراراته بنفسه لأنهم لن يبقوا معه طوال العمر لحمايته. الأمر قد يكون صعباً لكن من المهم المحافظة على التوازن بين تدخلنا لحماية الولد وبين السماح له باستخدام جناحيه للطيران والتحليق".
Source: Supplied
وقال إيلي إنه كان يشعر بانزعاج من بعض الممارسات في طفولته: "عندما كنت صغيراً كنت أتضايق من الأشخاص الذين كانوا يحدقون إلي باستغراب دون الحديث معي، كما أنني لا أحب أن ينظر إلى أحد كمعاق بحاجة لمن يهتم به بل أفضّل أن يراني الناس شخصاً عادياً لديه إعاقة ويحصل على الدعم لكي يستطيع القيام بالمهام اليومية".
استمعوا إلى اللقاء الكامل مع إيلي الخوري ووالده بالضغط على التدوين الصوتي أعلاه