هي أكلة الضيعة وأكلة جمعة الأحباء والأصدقاء واللمّة الحلوة انها اكلة "الهريسة" الشهية وهي كناية عن لحم الغنم المسلوق مع القمح المنكه بالتوابل والبهارات الطيبة.
ويحلو للسيدات والرجال في القرى اللبنانية التباهي في طبخها ولكل قرية سر لطهو الهريسة بشكل ناجح ومميز، تحاول ان تحتفظ به لنفسها يميز نكهة الهريسة الخاصة بها.
وانتقلت عادة طبخ هذا الطبق التقليدي من قرى لبنان إلى أستراليا. وعادة تحضر هذه الاكلة في المناسبات والفعاليات الخاصة.
مؤخرا احتفلت كاتدرائية سيدة لبنان في هاريس بارك بعيد السيدة وكان السادة والسيدات منهمكون في طهي سبع وعشرين "حلة" أو طنجرة كبيرة من الهريسة التي استهلكت هذه السنة ما يفوق المئتين وعشرين كيلوغراما من القمح.
وقال السيد انطوان حكيك، وهو من النشطاء في رعية السيدة ، ان هذا الطبق هو تقليد متوارث من الأجداد ويجب الحفاظ عليه لأنه يجمع الناس ويضيف جوا جميلا على المناسبات والأعياد.ويكمن سر نجاح هذه الأكلة بالطبخ البطيء على نار خفيفة واستخدام البهارات الجيدة والسمنة ذات الجودة العالية ولكن الأمر يعود بالدرجة الأولى وبحسب الطاهية ماري رعد المشرفة على أكلة الهريسة إلى الطاهي أو الطاهية نفسها لأنه كما يقول المثل الشعبي اللبناني "الأكل نفس."
Hrissi traditional Arabic dish Source: SBS
أما عن طريقة الطهو قالت ماري إن كل كيلو من القمح يحتاج الى كيلوغرامين اثنين من لحم الغنم. يبدأ التحضير من خلال سلق اللحم وتنسيفه إلى قطع صغيرة توضع جانيا، ثم يسلق القمح ويضاف إليه اللحم مجددا عند استوائه ومن ثم يضاف السمن حسب الطلب والملح أما البهارات فتضاف أخيرا عندما ينتهي الطبق كي لا يتغير لونه.
ولا يمكن لأكلة الهريسة أن تنجح الا بتعاون المشرفين عليها، فهناك الرجال الذين يجيدون التحريك بملاعق عملاقة وهناك من يجيد احكام الحرارة أو كمية البهارات اللازمة وغيرها.
وقال سركيس ملكون الذي ساعد بتحضير هذا الطبق أن هناك اقبال علي الهريسة من قبل الشبيبة، فهم يقصدون الأماكن التي تطبخ فيها في المناسبات والأعياد لانها غير متوفرة كباقي الأكل السريع وهم يحبونها كثيرا ولدى البعض رغبة في تعلمها.
ومن المعروف ان الطعام يضيف طعما خاصا على المناسبات السعيدة وهذا ما أشارت اليه احدى الناشطات في رعية سيدة لبنان ماريات ايليا حين تحدثت عن أجواء الفرح والتعاون في هذه اللقاءات.
كما التقى ميكروفون اس بي اس السيدة منوش رومانوس وهي من أعطت وصفة الهريسة للسيدات وعلمتهم كيفية طهيها ويعود تاريخ خدمتها في الكنيسة الى ما يزيد عن ثلاثين سنة. وربما يكمن سر "الهريسة" في رموزها فانها ترمز أولا الى الوحدة اذ يعتبر القمح المتوافر بفيض في القرى أكل الفقراء واللحم للأثرياء، فيتمتع البسطاء باللحم ويشارك الأثرياء اللقمة البسيطة وهكذا تجمع الهريسة كل طبقات المجتمع على مائدة واحدة.
Volunteers cooking at a church event making Hrissi at Our Lady of lebanon Church Source: SBS
وهناك من ينظر الى أكلة الهريسة البسيطة على انها تجمع عناصر الطبيعة كلها، فهري مؤلفة من القمح الذي يحصده المزارعون وهكذا يرمز القمح الى منتوجات الأرض الزراعية والمزارعون الى البشر كافة كما يرمز لحم الغنم والسمنة الى الحيوانات كافة ومشتقات الحليب، وأيضا الملح الذي يحفظ المواد من الفساد. وهكذا تجتمع في أكلة بسيطة بضعة مكونات لها بُعد كوني ورمزي يشمل الطبيعة والإنسان معاً.