لم يكن عمر جون عجاقة يتجاوز السادسة عشرة عندما اقتحمت السياسة عالمه الصغير حيث ترشح والده في عام 1971 في انتخابات الولاية عن مقعد Granville ممثلاً لحزب الأحرار، ومنذ تلك الفترة أي قبل 50 عاماً، تدرج ابن العائلة اللبنانية المهاجرة في سلم الخدمة العامة متسلماً عدة حقائب وزارية بعد انتخابه نائباً في البرلمان في عام 2007.
"بصراحة، دائماً أطلب من الله أن يوحي لي بالوقت المناسب للقرارات الحاسمة. أغادر اليوم وأنا في قمة عطائي" بهذه الكلمات التي تحمل بين طياتها الكثير من الثقة والخبرة، فتح عجاقة قلبه لأس بي أس عربي24 مستذكراً البدايات ومعرجاً على المحطات المضيئة في مسيرته والتي ستبقى محفورة في ذاكرة مواطني نيو ساوث ويلز عامة وأبناء الجالية اللبنانية والجاليات العربية خاصة.
شجعوا أبناءكم على اقتحام معترك السياسة. عمال أو أحرار أو أي حزب آخر، أرغب بأن أرى شبابنا في صلب النظام الديمقراطي.
في مكتبه الذي كانت جدرانه شاهدة على قرارات مصيرية لعبت دوراً في تشكيل صورة نيو ساوث ويلز التي نعرفها، سألت الزميلة سيلفا مزهر الرئيس عجاقة عما اذا كان قد حقق أحلامه خلال مسيرته الطويلة فأجاب بكل تواضع: "بعد 14 سنة هنا (في البرلمان)، حققت كل ما حلمت به وأكثر. تدرجت في المناصب من وزير إلى وزير كبير واليوم أصبحت رئيس البرلمان."ولعل أبرز سؤال يتبادر إلى الذهن هو السبب الذي دفع بعجاقة إلى الاستقالة وهو لا يزال في الخامسة والستين من العمر. جون لديه 6 من البنات وحفيدين ويبدو أنه أعاد ترتيب أولوياته بعد مسيرته الطويلة: "لدي زوجة رائعة وبنات لم أقض معهم ما يكفي من الوقت. في آخر 14 عاماً، قضيت معظم وقتي في البرلمان وهذا أمر غير عادل بالنسبة لهم."
مديرة البرامج في أس بي أس عربي24 سيلفا مزهر على باب رئيس برلمان نيو ساوث ويلز. Source: SBS Arabic24
"السياسة في دمي"
انضم جون عجاقة إلى حزب الأحرار بشكل رسمي عندما أتم التاسعة عشرة من عمره، لكن علاقته بالحزب بدأت قبل ذلك بسنوات حيث كان والده جورج عجاقة مرشح الحزب في انتخابات عام 1971 وهكذا ومنذ نعومة أظفاره تشرب مبادئ الحزب في منزل عائلته.
"هاتفني صديق مقرب وقال لي أن المطران علّق على خبر استقالتي بالقول: حتماً ليس لبنانياً، لو كان كذلك لن يستقيل!" هكذا – وفق ما قال عجاقة – استقبل لبنانيو أستراليا خبر استقالته فالاستقالة الطوعية في بلدهم المنهك سياسياً واقتصادياً ليست أمراً مألوفاً.
وعبّر عجاقة الذي يحمل إجازة في القانون وكان قد امتهن المحاماة لفترة قبل دخوله معترك السياسة، عن اعجابه بالنظام الديمقراطي الأسترالي قائلاً: "الجميل في نظامنا الديمقراطي هو أن الناس تقرر من يمثلها، ليس قراري أن أحكم من سيتسلم منصبي حفيدي من بعدي! هذا دور مواطني نيو ساوث ويلز والأعضاء الـ42 في مجلس الشيوخ."
مكتب رئيس برلمان نيو ساوث ويلز جون عجاقة. Source: SBS Arabic24
أول حملة انتخابية عملت بها كانت لوالدي في عام 1971. السياسة أصبحت في دمي.
تجدر الإشارة إلى أن عجاقة تسلم في عام 2013 حقيبة الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة في حكومة باري اوفاريل، وبعد استقالة الأخير وانتخابات 2015، عُين وزيراً للتعددية الثقافية ولطالما كان مدافعاً عن حقوق المهاجرين ومؤكداً على دورهم في بناء مجتمع متعدد الثقافات وقادر على احتضان الجميع دون تمييز.
وأعرب عجاقة عن فخره بالعمل الذي أنجزه لأجل الشباب، حيث عمل على تطوير برامج للتدخل المكبر وينوي مواصلة العمل في هذا المضمار حتى بعد تقاعده.
علاقته بأستراليا ولبنان
"أستراليا أبي وأمي" هكذا وصف عجاقة علاقته بأستراليا دون أن ينسى وطنه الأم لبنان حيث يتحدر من قرية يارون في جنوب البلاد ولا تزال تربطه بها علاقة خاصة رغم بعد المسافات: "لبنان جدي وستي. أصلي من هناك وحبي للتاريخ جاء من هناك. في مكتبي صورة لمنزل جدي مكان ولادة أبي. أنظر بالصورة وأقول أننا بدأنا من هناك ووصلنا إلى هنا (رئاسة البرلمان)."
أكثر ما أقدره في ثقافتنا هو القيم العائلية والعمل الدؤوب ومساعدة الضعيف.
من اليسار إلى اليمين: جون عجاقة، باري اوفاريل، غلاديس برجكليان Source: AAP
"غلاديس برجكليان workaholic"
في أوج أزمة رئيسة حكومة برجكليان التي كادت تطيح بعملها السياسي بعد تكشف معلومات عن والذي كانت شبهات الفساد تحوم حوله، طرح العمال مذكرة للتصويت على فتح تحقيق برلماني في المسألة ولكن صوت عجاقة كان الصوت الحاسم لايقافها.
لا تسألوني عن رأيي بغلاديس برجكليان، اسألوا الناس، نتائج استطلاع الرأي تكشف أن نسب تأييدها من الأعلى في تاريخ الولاية.
"لدينا رئيسة استثنائية لحكومة الولاية وتقوم بعمل رائع" بهذه الكلمات لخص الرئيس عجاقة رأيه في غلاديس برجكليان وكشف المزيد من التفاصيل عن علاقتها بالعمل قائلاً: "هي تعمل لـ 7 ايام في الاسبوع، تستيقظ الساعة 5:30 او 6 صباحاً وتصل منزلها في ساعات متأخرة في الليل. برجكليان مدمنة على العمل!"
استمعوا إلى المقابلة مع رئيس برلمان نيو ساوث ويلز جون عجاقة في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.