أصبحت بريطانيا أول دولة في العالم توافق على تداول لقاح كورونا، حيث منحت السلطات التنظيمية الضوء الأخضر للقاح فايزر وبايونتك للتوزيع على المواطنين من الأسبوع القادم.
أما أستراليا فلا تزال تنتظر قرار هيئة المواد العلاجية المستقلة نهاية الشهر الجاري بخصوص اللقاح، فيما قال وزير الصحة الفيدرالي غريغ هانت إن التوزيع سيتم في مارس آذار القادم على الأرجح.
وبينما ينتظر العالم هذا اللقاح ولقاحات أخرى للخروج من نفق الأزمة التي استمرت أغلب شهور عام 2020، فإن كل الأنظار تتجه إلى عودة السفر الدولي مرة أخرى.
الوصول إلى لقاح فعال يجعل إعادة فتح الحدود الدولية أقرب من اي وقت مضى، ولكن اللقاح لوحده لن يكون كافيا من أجل اتخاذ تلك الخطوة، بل سيتعين على أستراليا والدول الأخرى وضع عدة عوامل في عين الاعتبار.
عندما يحصل الناس على اللقاح قبل الصعود على متن الطائرة، ستكون هناك ثقة بتراجع كبير لمخاطر انتقال عدوى كوفيد أثناء السفر الدولي. ولكن البيانات المتاحة حتى الآن لا تعطينا إجابة واضحة عن كل التساؤلات.
لنأخذ لقاح فايزر وبايونتك كمثال، الشركة أعلنت أن فعالية اللقاح الذي يعمل بتقنية mRNA تصل إلى 95% في منع التقاط عدوى كوفيد-19 المصاحبة للأعراض.
اختبرت الشركة هذا اللقاح على قرابة نصف المشاركين في التجارب والبالغ عددهم 34,000 مشارك في المرحلة الثالثة، والنصف الآخر حصلوا على جرعة مزيفة من أجل المقارنة بين المجموعتين.ويبدو اللقاح آمنا مع أعراض جانبية طفيفة ظهرت لدى بعض المشاركين. وجدير بالملاحظة أن الدراسة شملت أشخاص أعمارهم تتجاوز 65 عاما وأشخاص لديهم أمراض مزمنة تجعلهم من الفئات الأكثر عرضة للخطر.
Allergic reactions to the Pfizer/BioNtech vaccine are said to be incredibly rare. Source: Photonews
لكن الدراسة لم تصدر نتائج تتعلق بمدى الفعالية في المنع من الإصابة بالعدوى، حيث أن النتائج المعلنة هي نتائج عدم ظهور الأعراض وليس منع العدوى.
وعلى الرغم من أنه من المشجع أن نعرف أن اللقاح يمنع الإعياء المصاحب للإصابة إلا أنه من المهم أيضا أن نعرف إن كان الناس لا يزالوا يلتقطون العدوى بالفيروس، وإن كانوا قادرين على نقلها.
أوغور شاهين المدير التنفيذي ومؤسس شركة بايونتك التي طورت اللقاح يعتقد أن اللقاح يقلل العدوى بنسبة 50%.
هذه نتيجة محبطة نوعا ما عند الحديث عن لقاح يُنظر إليه باعتباره مفتاح استئناف السفر الدولي بشكل آمن.
كما أننا لا نعرف في المرحلة الحالية الفترة الزمنية التي ستستمر فيها تلك المناعة التي يوفرها اللقاح، ولكن التجارب من المقرر أن تستمر لشهور قادمة، وستكون تلك البيانات متاحة في 2021.
الحاجة إلى الحجر الصحي مستمرة
توزيع اللقاح على الجميع ربما يستغرق شهور، وبشكل أكثر واقعية، أعوام. وبالتالي من غير الممكن أن نتوقع أن كل مسافر سيكون قد تلقى اللقاح.
هناك العديد من البلدان التي يبدو أنها لم يظهر لديها أي عدوى محلية، ومنها على سبيل المثال الكثير من الجزر في الباسيفيك مثل تونغا وكيريباتي وميكرونيزيا وبالاو وساموا وتوفالو.
وهناك دول أخرى قد نجحت في السيطرة على العدوى المحلية، إما من خلال القضاء عليها أو تحجيمها إلى مستوى ضئيل للغاية، منها نيوزيلندا وأستراليا وفيتنام وسنغافورة.
من يصل إلى أستراليا من تلك البلدان لا يشكل خطورة تذكر ولا حاجة للخضوع إلى الحجر الصحي سواء كان المسافر قد تلقى اللقاح أم لا.أما البلدان التي تكافح للسيطرة على مستويات مرتفعة من العدوى، فإن السفر الدولي لمواطنيها سيعتمد على الوضع الوبائي فيها خلال وقت السفر.
Quarantined hotel quests on the balcony of the Peppers on Waymouth Hotel on 18 November, 2020 in Adelaide, Australia. Source: Getty Images AsiaPac
هناك بعض المنظمات التي بدأت بالفعل في توفير تقييم لمخاطر نقل عدوى كوفيد لمواطني بعض الدول والمناطق. ويعتمد هذا التصنيف على معدل الإصابات خلال 14 يوما وعدد الفحوصات التي تجريها الدولة ومعدل الوفيات.
ومن الواضح أن أستراليا ستعتمد نظام مشابه لهذا لتحديد الدول عالية ومتوسطة ومنخفضة الخطورة، وسيتعين على المسافرين الذين يصلون إلى القارة أن يخضعوا للحجر الصحي لو كانوا لم يتلقوا اللقاح وقادمين من دول ذات معدلات إصابة تعتبرها أستراليا غير مقبولة.
الفحوصات
الكثير من الدول الآن تشترط شهادة تثبت أن فحص كوفيد للمسافر سلبي قبل الدخول. إسبانيا على سبيل المثال تشترط مسحة سلبية لفحص PCR تم إجرائها في وقت لا يزيد عن 72 ساعة قبل السفر.
الخطوط الجوية الإماراتية سواء الاتحاد أو الإمارات تشترط وجود شهادة مسحة سلبية قبل السفر.
ومن المنطقي أيضا أن توفر المطارات فحص كورونا السريع لضمان أن المسافر لم يلتقط العدوى في الطريق، على الرغم من أنه ليس دقيقا مثل PCR إلا أنه بمثابة خط دفاع ثاني لتقليل احتمالات نقل العدوى.
وحتى مع اعتماد اللقاح، فإن الفحص سيظل مهما، لأن اللقاح لا يضمن أن الشخص لا يحمل العدوى أو قادر على نقلها.
جوازات التطعيم
مع شيوع التلقيح، ربما تطلب شركات الطيران والدول أن يحمل المسافرين شهادة تطعيم تثبت تلقي اللقاح.
الرئيس التنفيذي لشركة كوانتس آلان جويس قال إن كل المسافرين الدوليين على الناقل الوطني لأستراليا سيكون مطلوب منهم شهادة إثبات تلقي اللقاح بداية من العام القادم.
وهناك الكثير من المجموعات حول العالم تعمل على تطوير جوازات للتطعيم، تشبه جوازات السفر ومرتبطة بنظام تقني عالمي لمشاركة البيانات يجعل بالإمكان تعقب الإصابات ومخاطر العدوى أثناء التنقل.على سبيل المثال تعمل الجمعية الدولية للنقل الجوي على تطوير جواز صحي إلكتروني مسجل به وضع المسافر فيما يتعلق بالتطعيم وآخر مرة قام بها بإجراء فحوصات.
In this file photo dated Monday, June 8, 2020, passengers wearing face masks arrive at London's Heathrow Airport. Source: AAP Image/AP Photo/Matt Dunham
وعلى الأرجح سيعود السفر الدولي مرة أخرى في النصف الثاني من العام القادم، مع اتساع رقعة توزيع اللقاحات حول العالم.
ولكن حتى مع اللقاح فإن الأمر سيستغرق وقتا طويلا حتى يعود السفر الدولي إلى ما كان عليه قبل تفشي الوباء.
أدريان إيسترمان: بروفيسور البيانات الحيوية وعلم الأوبئة في جامعة جنوب أستراليا
كاتب هذه المقالة لا يعمل أو يملك أسهم أو يقدم استشارات لأي جهة قد تستفيد من الوارد في تلك المقالة