في ظل تغيرات إقتصادية عالمية متسارعة، شهدت الأسواق المالية تراجعاً حاداً، وانخفض سعر صرف الدولار الأسترالي، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن فرض رسوم جمركية جديدة طالت معظم شركائها التجاريين، بما في ذلك أستراليا. هذه التطورات تثير تساؤلات جدية حول انعكاساتها على قطاع الإسكان الأسترالي، أحد أبرز ركائز الاقتصاد المحلي وأكثرها نشاطًا.
ورغم أن الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تستهدف سوق العقارات بشكل مباشر، إلا أنّ تداعياتها قد تمتد إليه بشكل غير مباشر عبر التأثير على التجارة العالمية وثقة المستهلك والنمو الاقتصادي العام. وقد شملت الإجراءات الأمريكية فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات من أستراليا، بينما تعرضت دول أخرى لرسوم أعلى بكثير، مثل الصين التي فُرضت عليها نسبة بلغت 104%.
LISTEN TO

كيف ستمنع ضرائب ترامب خفض سعر الفائدة في استراليا؟ خبير اقتصادي يجيب
SBS Arabic
11:59
يرى محللون إقتصاديون أنّ العامل الحاسم في مستقبل سوق العقارات الأسترالي لن يكون الرسوم الجمركية بحد ذاتها، بل كيفية استجابة البنوك المركزية والحكومات لها.
تيم لويس، رئيس قسم الأبحاث في شركة CoreLogic لتحليل الأسواق العقارية، أوضح أن "الصدمات الاقتصادية غالباً ما تتبعها إجراءات تحفيزية مثل خفض أسعار الفائدة، وهو ما بدأنا نلمسه في الوقت الراهن".
ويُرجّح لويس أن يؤدي خفض الفائدة بواقع 0.5 نقطة مئوية في مايو، وربما نقطة مئوية كاملة بنهاية العام، إلى تحفيز سوق العقارات. فالفائدة المنخفضة تعني قروضاً عقارية أرخص، وزيادة في قدرة الأفراد على الاقتراض، مما يعزز الطلب في سوق يعاني بالفعل من محدودية في العرض.
لكنّه أشار إلى أن هذه التخفيضات لن تُحدث فرقًا جوهريًا في مستوى القدرة على تحمل تكاليف السكن، لكنها قد تساهم في تعزيز ثقة المشترين بالسوق.
من جانبه، يرى الدكتور لوك هارتيغان، أستاذ الاقتصاد بجامعة سيدني والمستشار السابق في بنك الاحتياطي الأسترالي، أن استقرار سوق العمل هو العامل الأكثر أهمية في تحديد اتجاهات أسعار المساكن.
وقال: "ما دام سوق العمل مستقراً، فلن نشهد تدهوراً كبيراً في أسعار العقارات".
ويضيف أن الأستراليين غالباً ما يواصلون سداد قروضهم طالما احتفظوا بوظائفهم، وهو ما يقلل من احتمالات حدوث انهيار في السوق العقاري حتى في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
على الرغم من التقلبات في الأسواق العالمية، لا يتوقع الخبراء تراجعاً كبيراً في أسعار العقارات الأسترالية. بل إن السيناريو الأرجح، بحسبهم، هو استمرار الارتفاع ولكن بوتيرة أبطأ، بفعل حالة القلق السائدة بين المشترين، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بعدم اليقين حيال مستقبل وظائفهم أو يجدون صعوبة في الحصول على التمويل.
وأظهرت بيانات CoreLogic أن أسعار المنازل ارتفعت بنسبة 0.4% في مارس الماضي، مدفوعة بخفض الفائدة الذي أعلنه مصرف الاحتياط في شباط/ فبراير، وهو أول خفض منذ عام 2020.
ويعكس هذا الارتفاع الجزئي عودة تدريجية للثقة في السوق، رغم التحديات المستمرة المتعلقة بارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.

Australia's property market has already lifted off the back of the Reserve Bank's interest rate cut. Source: SBS
يبدو أن أصحاب العقارات الحاليين هم المستفيدون الأكبر من هذه التحولات. فإذا ارتفعت الأسعار، فإن قيمة ممتلكاتهم تزيد، ما يعزز ثرواتهم. أما الباحثون عن منزل لأول مرة، فقد يواجهون صعوبة أكبر في الدخول إلى السوق، خصوصاً إذا تراجعت استثماراتهم في أسواق الأسهم أو الصناديق المدارة.
بحسب هارتيغان، "إنّ الذين لديهم سيولة أو يمتلكون منازل بالفعل هم من سيستفيدون أكثر"
مضيفاً أنّ: "العديد من المشترين المحتملين قد يجدون أنفسهم خارج اللعبة إذا ارتفعت الأسعار مجدداً".