مع تطور أنماط العمل الحديثة، أصبح العمل من المنزل جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين، مما يوفر لهم راحة ومرونة لم يعهدوها من قبل. إلا أن تقريرًا حديثًا أظهر أن هذه الراحة لها تبعاتها المالية، إذ يتقاضى العاملون عن بُعد أجورًا أقل من نظرائهم الذين يعملون من المكاتب.
أظهر تقرير صدر في شهر آذار/مارس 2025 عن لجنة التنمية الاقتصادية الأسترالية (CEDA)، مستندًا على بيانات دخل الأسرة وديناميكيات العمل في أستراليا، أن الأشخاص الذين يعملون عن بُعد أو بنظام العمل "الهجين" يكسبون أقل بنسبة 5.8% مقارنة بمن يعملون من المكاتب.
وأوضح التقرير، أنه بالنسبة لموظف يبلغ متوسط أجره السنوي 75,665 دولارًا، فإن هذا الفارق يُترجم إلى خسارة سنوية تبلغ حوالي 4,400 دولار. ويتماشى هذا مع استطلاع أسترالي أُجري في 2023، حيث عبَّر المشاركون عن استعدادهم لقبول تخفيض في رواتبهم يتراوح بين 3,000 و6,000 دولار مقابل طريقة العمل من المنزل.
A new CEDA analysis has found Australians who work from home earn 5.8 per cent less than those who don't work from home. Source: SBS
تفضيل العمل من المنزل رغم انخفاض الأجور
أظهرت استطلاعات أجريت عام 2023 أن الموظفين مستعدون لتخفيض رواتبهم بمقدار 3,000 إلى 6,000 دولار سنويًا - أي ما يعادل 4% إلى 8% - مقابل العمل في المنزل لعدة أيام أسبوعيًا.
وفي المملكة المتحدة، كشفت أبحاث مماثلة أن العاملين عن بُعد يحصلون على أجور أقل بنسبة تصل إلى 7% مقارنة بزملائهم في المكاتب.
هل يستحق الأمر هذا التنازل؟
رغم عرض انخفاض الأجور، يرى بعض الموظفين أن العمل من المنزل يوفر عليهم نفقات أخرى، مثل:
- التنقل: بمتوسط تكلفة سنوية تبلغ 2,820 دولارًا.
- وجبات الغداء: تكلفتها السنوية 2,436 دولارًا.
- الملابس الخاصة بالعمل: تكلفتها 420 دولارًا سنويًا.
- الصراع المستمر بين المرونة وأجور العمل
ومع تزايد عدد الشركات التي تُلزم موظفيها بالعودة إلى المكاتب، يبقى التوازن بين متطلبات أصحاب العمل وتفضيلات الموظفين محل جدل. فوفقًا لموقع الإعلانات عن الوظائف (SEEK)، فإن أكثر من 50% من العاملين الأستراليين يفضلون العمل عن بُعد ليومين أو أكثر أسبوعيًا، في حين أن 17% منهم يفضلون ترك وظائفهم تمامًا على العودة إلى المكتب بدوام كامل.
تأثير العمل عن بُعد على الإنتاجية وسوق العمل
وفقًا لمكتب الإحصاء الأسترالي، فإن 36% من الأستراليين يعملون من المنزل بانتظام، حيث تُعتبر المرونة والقدرة على إدارة الوقت بشكل أفضل من أبرز المزايا. كما أن بعض الفئات، مثل مقدمي الرعاية، والنساء اللواتي لديهن أطفال صغار، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، قد استفادوا بشكل كبير من انتشار أنظمة العمل المرنة، مما أدى إلى زيادة مشاركتهم في القوى العاملة.
أما من ناحية الإنتاجية، فيشير الخبراء إلى أن العاملين من المنزل يحققون نتائج مشابهة لزملائهم في المكاتب، بل وقد يسهم العمل "الهجين" أي بين المكتب والمنزل في تعزيز الاحتفاظ بالموظفين وزيادة رضاهم الوظيفي.
LISTEN TO
Could a flexible work arrangement work for you - and if so, how do you get one?
SBS News
17/01/202508:49
وبينما يوفر العمل من المنزل راحة ومرونة كبيرة، إلا أنه يأتي بثمن، سواء من حيث الأجور أو إمكانية التطور المهني. ويبقى التحدي الرئيس هو إيجاد نموذج عمل يوازن بين الراحة والإنتاجية مع ضمان عدالة الأجور لجميع العاملين.
