للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على |
تروي روبي تشودري أن هذا هو الواقع الذي تعيشه العديد من العائلات المتوسطة الدخل، بمن فيهم أنا وزوجي، حيث وجدنا أنفسنا محاصرين بين ارتفاع الأسعار وضغوط الحياة اليومية، رغم أننا نكسب الآن ثلاثة أضعاف ما كنا نكسبه قبل عشر سنوات.
تحديات تربية الأطفال في سيدني
تتابع روبي: تربية ثلاثة أطفال في سيدني ليست بالمهمة السهلة. فبحسب تقديرات الحكومة، يكلف تربية طفل واحد في أستراليا حوالي 8000 دولار سنوياً، مما يفسر تردد زوجي في إنجاب طفل ثالث. بالإضافة إلى ذلك، نعيش في واحدة من أغلى المدن في العالم.
لكنني كنت متفائلة بأننا سنتمكن من التأقلم. بعد كل شيء، هاجر والداي من بنغلاديش في أوائل التسعينيات بإمكانات مالية محدودة وثلاثة أطفال. ومع ذلك، تمكنوا من بناء وظائف ناجحة وأعمال مستقرة، مما وفر لي ولأشقائي تعليماً جيداً وفرصًا اجتماعية واستقراراً مالياً.
منذ عشر سنوات، كنا نكسب ثلث ما نكسبه الآن، ومع ذلك، كنا نستطيع تحمل تكلفة تناول الطعام في الخارج أسبوعياً، والقيام برحلات ترفيهية، والاستمتاع بمزايا الحياة دون قلق.
واقع جديد مخيب للآمال
تضيف روبي: في عام 2025، نمت عائلتنا وكذلك دخلنا، لكن المفارقة أنني أشعر أننا نسير إلى الخلف. لم أتصور أبداً أن مستوى دخلنا الحالي لن يكون كافيًا لتلبية تطلعاتنا. فبين تكاليف رعاية الأطفال، والغذاء، والتنقل، والتأمين، وأقساط الرهن العقاري، لم يعد هناك مجال كبير للمناورة المالية.
ذات يوم، كنا قادرين على مساعدة صديقة بشراء غسالة جديدة عندما تعطلت غسالتها، دون تفكير. أما اليوم، فحتى شراء الأجهزة الضرورية أصبح عبئاً يستوجب التخطيط والتأجيل.
أحلام تلاشت أمام التضخم
أشارت روبي أنها قبل جائحة كورونا، كنت أعتقد أن عام 2025 سيشهد انتقالنا إلى منزل واسع في إحدى ضواحي سيدني، حيث يمكنني مساعدة أطفالي في أداء واجباتهم المدرسية في مطبخ أنيق، بينما يلعب الأصغر سناً في الفناء الخلفي الواسع.
لكن هذا الحلم يبدو اليوم بعيد المنال، بل حتى التفكير به بات مثيراً للسخرية. أصبحنا مضطرين لتقليص الأنشطة الإضافية لأطفالنا، وتأجيل شراء المستلزمات المدرسية، والتخلي عن رحلات السفر التي كنا نخطط لها منذ سنوات.

Ruby and her husband have tripled their income over the past decade, and feel this should make life easier than it is. Source: Supplied / Sarah Moore/de lumiËre photography
أثر التضخم واتساع الفجوة المالية
تقول روبي: التضخم أثر على الجميع، لكن العبء الأكبر يقع على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض. فوفقاً لمعهد أستراليا للسياسات العامة، فإن أغنى 10% من الأستراليين حصلوا على 93% من المكاسب الاقتصادية منذ عام 2009، بينما حصل بقية السكان على 7% فقط.
دون تدخل فوري من القادة وصناع القرار، تخشى روبي أن تتسبب هذه الأزمة في تداعيات طويلة الأمد على الأجيال القادمة.
خلق عقلية الوفرة رغم الضغوط
تضيف روبي: ما يقلقني أكثر من الضغوط المالية هو تأثيرها على عقلية أطفالي. في الثقافة البنغالية، هناك عبارة تعني "العقل يصبح صغيراً"، أي أن الإنسان يفقد الطموح ويستسلم لمحدودية التفكير.
لذا، أحاول غرس الامتنان في نفوس أطفالي، وتعليمهم أن الفرح ليس مرتبطاً بالمال وحده. أصبحنا نقضي المزيد من الوقت معًا في المنزل، نستمتع بأبسط الأشياء، مثل نزهات المكتبة، أو أمسيات الأفلام المنزلية تحت بطانية دافئة مع الفشار.
تتابع: أدركت أنني رغم كل هذه التحديات، لا زلت قادرة على توفير الأمان العاطفي لأطفالي. صحيح أن الظروف صعبة، لكن بتبني عقلية الوفرة بدلًا من الندرة، يمكننا تجاوز هذه المحنة بحب وتكاتف، مع الحفاظ على الأمل في مستقبل أكثر إشراقاً.
Ruby says despite her family feeling the pinch, she wants her children to grow up with an abundance mindset. Source: Supplied