رغم وفرة الشمس في أستراليا، حيث تتجاوز مستويات الأشعة فوق البنفسجية الحدود الآمنة في بعض الأيام، فإن المفارقة تكمن في انتشار نقص فيتامين "د" بين السكان، لدرجة أن واحدًا من كل خمسة بالغين يعاني من هذه المشكلة، وفق بيانات مكتب الإحصاء الأسترالي بين عامي 2022 و2024. وفي الشتاء، ترتفع النسبة إلى واحد من كل أربعة.
فيتامين "د" لا غنى عنه لتقوية العظام وتنشيط العضلات والأعصاب، كما يلعب دورًا محوريًا في امتصاص الكالسيوم والفوسفات. وتشرح الباحثة في علوم الجلد والعظام، البروفيسورة ريبيكا ميسون من جامعة سيدني، أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية يفعّل مادة كيميائية في الجلد تتحول إلى فيتامين "د"، ليقوم الجسم بعد ذلك بامتصاصه وتحويله إلى مواد مفيدة أخرى.
LISTEN TO

تحت المجهر: إليك أفضل وقت للحصول على فيتامين "د" من أشعة الشمس
SBS Arabic
09:08
لكن ما الذي يحجب هذا المصدر الطبيعي؟
أحد الأسباب هو الحرص الشديد على الوقاية من سرطان الجلد، ما يدفع كثيرين لاستخدام الكريمات الواقية التي تمنع الأشعة فوق البنفسجية من أداء وظيفتها.
كما أنّ ارتداء ملابس تغطي معظم الجسم لأسباب ثقافية أو دينية، والعمل داخل المكاتب لساعات طويلة، وأيضًا اختلاف درجات لون البشرة، كلها عوامل تقلل من فرص التعرّض الكافي للشمس.
وعواقب النقص ليست بسيطة، فقد يؤدي إلى هشاشة العظام وضعف العضلات، خاصة في منطقتي الكتفين والوركين، فضلًا عن إمكانية ارتفاع خطر الإصابة بأمراض مناعية مثل التصلب المتعدد، بحسب دراسة حديثة من جامعة موناش.
ورغم أنّ نقص فيتامين "د" لا يظهر دائمًا بأعراض واضحة، فإنّ بعض المؤشرات كسهولة كسر العظام أو صعوبة النهوض من وضعية الجلوس قد تنذر بمشكلة صحية.
للتشخيص، تتوفر اختبارات سريعة تعطي نتائج خلال 15 دقيقة باستخدام قطرة دم، لكنها ليست دقيقة دائمًا، ما يجعل الفحص المخبري التقليدي عبر الطبيب هو الخيار الأفضل.
وفي ظل قلة أشعة الشمس في الشتاء، ينصح الخبراء بممارسة الرياضة في الهواء الطلق عند توفّر الشمس، ورفع الأكمام للحصول على أكبر قدر ممكن من الأشعة. كما يُنصح بتناول أطعمة غنية بفيتامين "د" مثل الأسماك الدهنية، البيض، ومنتجات الألبان، أو اللجوء إلى المكملات الغذائية تحت إشراف طبي.
لكن الإفراط في تناول الفيتامين عبر المكملات قد يكون مضرًا، إذ يُمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الكلى وارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم، وهي حالات قد تكون خطيرة أو حتى مميتة في بعض الأحيان.
في النهاية، الحفاظ على التوازن هو الأساس، فالشمس التي قد تسبب الأذى إذا أُفرط في التعرّض لها، تبقى أيضًا مفتاحًا لصحة العظام والعضلات إذا استُخدمت بحكمة.