تأتي هذه الخطوة في إطار حزمة من العقوبات التي تهدف إلى تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني، ومنع طهران من إيجاد أي ممرات تسمح لها بالتحايل على العقوبات الأمريكية الصارمة.
لم تقتصر المذكرة على إلغاء الإعفاء فحسب، بل تضمنت توجيهات فورية إلى وزارة الخزانة الأمريكية والوكالات الحكومية الأخرى لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي كوسيلة للالتفاف على العقوبات، بالإضافة إلى منع استخدام دول أخرى كنقاط عبور لهذه السلع. كما نصت المذكرة على مراجعة جميع التراخيص العامة والمذكرات التوضيحية وأي توجيهات قد تُمنح لإيران أو وكلائها، مع إمكانية تعديلها أو إلغائها تمامًا.
وتشدد المذكرة أيضًا على ضرورة تنفيذ حملة قوية ومستدامة تهدف إلى "تصفير" صادرات النفط الإيراني، بما في ذلك وقف تصدير النفط الخام إلى الصين. بالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء الاستثناءات المتعلقة بالمشاريع الاقتصادية التي ترتبط بإيران، مثل مشروع ميناء تشابهار الإيراني، الذي كان قد حصل على استثناءات في وقت سابق.
قرار ترامب يحمل في طياته عقوبة لبغداد. العراق سيواجه مشكلات اقتصادية، سياسية واجتماعية جراء هذه الخطوة، في الوقت الذي يمكن لإيران إيجاد بدائل لتصدير الغاز والحصول على العملة الصعبةالخبير الاقتصادي العراقي د. علي الشامي
يضع هذا القرار حكومة بغداد في موقف بالغ التعقيد. فمن ناحية، يعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز والكهرباء من إيران لتلبية احتياجاته من الطاقة، خصوصًا في ظل النقص المزمن في الكهرباء والبنية التحتية المتدهورة التي تجعل من الصعب على العراق تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في المستقبل القريب.
ومن ناحية أخرى، يثير الالتزام الكامل بالعقوبات الأمريكية توترًا في العلاقات بين بغداد وطهران، مما قد يؤثر على الوضع السياسي والأمني في العراق، خاصة في ظل النفوذ الإيراني الواسع في المشهد السياسي العراقي.
وفي هذا السياق، يعبر خبير الاقتصاد في بغداد، الدكتور علي الشامي، عن قلقه البالغ قائلًا: "كان الاستثناء الممنوح للعراق يتم تجديده كل 6 أشهر، حيث كان يتيح شراء الغاز الإيراني بالعملة الصعبة". وأضاف: "يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتوليد حوالي 50% من إمدادات الطاقة، علمًا بأن الإنتاج الكلي يصل إلى 7 آلاف ميغاواط".
وأشار إلى أن "إلغاء الإعفاء قد يعطل 35% من إجمالي الإنتاج الكهربائي، ما يضع البلاد أمام أزمة حقيقية، خاصة ونحن على أبواب الصيف المعروف بدرجات الحرارة المرتفعة جدًا".
LISTEN TO

العراق بعيون أسترالية: مشاهدات حية ومثيرة لصحفي زار مدن العراق مؤخراً
SBS Arabic
05/06/202210:04
وحول إمكانية إيجاد بدائل للغاز الإيراني، يوضح الدكتور الشامي: "المشكلة الأساسية تكمن في أن الغاز الإيراني صعب التعويض، حيث لا يمكن تشغيل محطات توليد الطاقة إلا بالغاز. الخيارات المتاحة قليلة، وأبسطها صعب. لدينا اتفاق مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز، لكن هناك إجراءات إدارية وعقبات فنية كثيرة".
ويختتم الدكتور الشامي حديثه قائلاً: "قرار ترامب يحمل في طياته عقوبة لبغداد. العراق سيواجه مشكلات اقتصادية، سياسية واجتماعية جراء هذه الخطوة، في الوقت الذي يمكن لإيران إيجاد بدائل لتصدير الغاز والحصول على العملة الصعبة".
في ظل هذه التعقيدات، تثار تساؤلات حول قدرة العراق على إيجاد حلول سريعة وفعالة لتعويض النقص في إمدادات الغاز والكهرباء، وما إذا كان بإمكانه توقيع اتفاقيات مع دول أخرى لتأمين احتياجاته. كما أن هناك مخاوف من أن تؤدي هذه العقوبات إلى تصعيد التوترات في المنطقة، سواء من خلال ردود فعل من إيران أو من خلال تأثيرات سلبية على الوضع الداخلي في العراق.
استمعوا إلى اللقاء مع الخبير الاقتصادي من بغداد، د. علي الشامي، في الملف الصوتي أعلى الصفحة.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على