بداية الطريق: من الخوف إلى الأمل
حين وصلت فيكتوريا إلى أستراليا في عام 2016، كانت تغمرها مشاعر متباينة. فرحٌ بالخروج من أتون الحرب، وخوفٌ من المجهول الذي تمثله الغربة. تقول: "كنت أسمع عن الغربة، لكن عندما وصلت، أدركت أن الغربة ليست مكاناً بل شعور... ومع الوقت، صرت أتعلم كيف أتأقلم معها وأجعلها معي لا ضدي".
لكن الصدمة الثقافية لم تكن سهلة. العوائق اللغوية كانت من أكبر التحديات، إذ تروي فيكتوريا كيف تحوّل الخجل من الحديث بالإنجليزية إلى جدار صامت حاصرها لسنوات: "كنت أفضّل الصمت على أن أُسخَر من لفظي أو لغتي... صمتُ دام خمس سنوات تقريباً".
لقاء غيّر كل شيء: حين يحوّل الحب الضعف إلى قوة
وسط العزلة اللغوية والاجتماعية، برز شخص غيّر مسار حياتها. شاب هندي متواضع وأنيق في تعامله، أصبح شريك حياتها لاحقاً، وكان أول من منحها الشعور بالأمان لتتكلم بلا خجل. "كان يسألني: هل تفهمين ما أقول؟ وإذا لم أفهم، يشرح لي بكلمات أخرى... دعمني كي أتكلم، وكان صادقاً، متفهماً، ومشجعاً دائماً".
هذا الحب، الذي وُلد صدفة خلال فترة كورونا حين بدأت فيكتوريا بالعمل لمغادرة العزلة المنزلية، تطوّر ليصبح شراكة حياة مبنية على التفاهم والاحترام، رغم اختلاف الثقافات. وتوضح: "الزواج من ثقافة مختلفة قد يبدو مخيفاً، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لي. عندما يكون هناك حب حقيقي، تصبح الاختلافات تفاصيل صغيرة أمام الانسجام والنية الصافية".

الحب والاحترام بين الثقافات
ما جذب فيكتوريا أكثر إلى شريكها، لم يكن فقط الدعم، بل أيضاً القيم العائلية التي يحملها: "أكثر ما أحببته هو الاحترام العميق للأم. كل صباح تفتح له الباب وتبارك يومه... شعرت أن في هذا الفعل شيئاً نبيلاً أثّر فيّ كثيراً".
من الهامش إلى الريادة
مع مرور الوقت، لم يقف دعم الزوج عند حدود العاطفة. بل شجعها على تحويل حلمها إلى واقع. "كان يؤمن بي حتى عندما شكك أقرب الناس... قال لي: جربي، الحياة تجربة، وإن لم تحاولي لن تعرفي إذا كنتِ ستنجحين".
وهكذا، أسست فيكتوريا مشروعها الخاص، متحدية كل ما كان يخيفها سابقاً، خصوصاً الحاجز اللغوي. تقول بفخر: "صار عندي زبائن لا يتحدثون العربية... واليوم، أتحدث معهم بثقة وأتذكر كم تغيرت".

رسالة فيكتوريا: لا مكان للضعف في هذا الزمن
اليوم، تنظر فيكتوريا إلى مسيرتها بشجاعة وفخر. من فتاة خجولة تهاب الحديث، إلى امرأة تملك مشروعها وتتحدث بثقة أمام الغرباء. ولمن تمر بتجربة مشابهة، توجه رسالة واضحة:
"الدنيا كلها تبدأ بخطوة. لا تخافي. ابدئي، وستكتشفين أن القادم أجمل بكثير... كوني جريئة، وابتعدي عن السلبيين. لا مكان للضعف في هذا الزمان".
قصة فيكتوريا ليست فقط عن الحب أو الاغتراب، بل عن ولادة جديدة في حضن التحدي. قصة امرأة وجدت في الغربة ذاتها، وفي الحب صوتها، وفي الحلم طريقها.