في الأسبوع الوطني للتوعية بالتبني والذي يهدف لإيجاد أسر للأطفال والممتد من الرابع عشر وحتى العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري نلقي الضوء على قصة اللبنانية جينا رحمة.
جينا هي أم لثلاث بنات وتعيش في مدينة سيدني، لكن طفولتها في بشرى شمالي لبنان كانت مختلفة بعض الشيء، ففي عمر السبعة أشهر أخدتها عمتها في كنفها بسبب مشاكل بين والديها.
ارتبطت جينا بعمتها حيث قالت في حديث مع أس بي أس عربي24 "عمتي ربتني منذ كنت طفلة بعمر سبعة أشهر، لا يمكنني أن أدعوها عمتي بل أدعوها ماما." غالبت جينا غصة البكاء وهي تتحدث عن الجرح الذي سببه رحيل العمّة-الأم التي توفت قبل ستة أشهر، حيث قالت إن فقدانها "جرح ما زال يتعبني"، وأضافت "لو توفيت أمي لا أظنني سأحزن كما حزنت عليها."
ارتباط جينا بعمتها حدث مبكرا في حياتها، حيث أن أهلها عندما حاولوا إعادتها إلى المنزل بعد انقضاء تلك الفترة العصيبة في زواجهما كانت تصاب بما يشبه الحمى: "أول شيء اتذكره من طفولتي أن أهلي حين كانوا يأتون لأعادتي إلى المنزل كنت أستمر في البكاء إلى أن ترتفع حرارتي، ولا أهدأ حتى تأتي عمتي وتأخذني في أحضانها الى بيتها."

Giena and her husband with her aunt Source: Supplied
هكذا قضت حياتها في بيت عمتها وتربت في كنفها طوال حياتها، وكانت تزور والديها "خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط." حتى أنها عندما خرجت من بيت عمتها للزواج في عمر التاسعة عشر فإن "عمتي وزوجها هم من سلموني لزوجي يوم الزفاف."
هذا الارتباط الوثيق بالعمة لم يؤثر على مشاعرها تجاه أمها حيث قالت جينا رحمة إنها تكن لأمها كل المحبة والتقدير." والآن بعد أن أصبحت هي نفسها أم لثلاث بنات تتخيل الشعور الذي كان يراود أمها عندما كانت إحدى بناتها تنادي أخت زوجها بكلمة أمي.
لكنها تستطرد قائله"عمتي كان شخصا عاطفيا للغاية، حيث أعطت من ذاتها الكثير، وأنا أشكرها على كل لحظة ساعدتني فيها ووقفت إلى جانبي وكل لحظة غمرتني فيها وكل لحظة ربتني فيها لأكون ما أنا عليه الآن في المجتمع."
هاجرت رحمة مع زوجها إلى أستراليا في التسعينات، لكن عمتها لم تترك هم رعايتها: "عمتي كانت مشغولة بي كأني ابنتها ولم تعرفني إلا كذلك". أتت العمة إلى أستراليا مرتين للوقوف مع عائلة جينا حين كانت تضع مولودا، وكانت تحمل معها هدايا الضيافة ولوازم الطفل الموعود.

Geina anf her aunt Source: Supplied
وعندما مرضت عمتها في آخر حياتها، تركت جينا أسرتها لأول مرة في حياتها، وعادت إلى لبنان في زيارتين لتكون قربها في لحظات الوداع، وتصف جينا وقع وفاة عمتها عليها قائلة "شعرت أن قطعة من قلبي قد راحت." وتعهدت أن تربي أولادها بنفس الطريقة التي زرعتها بها العمة: "سأكمل مسيرتي مع أولادي بالطريقة التي ربتني هي عليها."
وقال جينا إن بناتها كن يستغربن كيف أن لهن جدتين من ناحية الأم ولكن "عندما ادركوا عاطفتي نحو عمتي عرفوا أنها أمي."
وقال رحمة أنها من أول المشجعين لأي شخص يفكر بالتبني خاصة إذا تمكن الوالدين من تأمين العاطفة للولد: "أنا تلقيت العاطفة من أهلي ووجدتها أيضا في عمتي وزوجها الذي كنت أدعوه بابا أيضا، فالتبني يساعد الأهل والولد على حد سواء والعاطفة التي أتحدث عنها من خلال خبرتي الشخصية عاطفة غير طبيعية، تكمل مع الشخص وترافقه في حياته ويعيشها مستقبلا مع عائلته وأولاده."