يتم الاحتفال في استراليا إلى جانب المجتمع الدولي في 15 تشرين الثاني/أكتوبر من كل سنة في اليوم الوطني للحمل وإحياء ذكرى خسارة جنين Pregnancy and Infant Loss Remembrance Day.
النقاط الرئيسية
- واحدة من كل أربع حالات حمل تنتهي بخسارة الجنين أو الإجهاض غير الإرادي.
- أقر البرلمان الأسترالي رسميًا اليوم الوطني للحمل وإحياء ذكرى خسارة جنين، من أجل الاعتراف بالعائلات التي فقدت طفلًا في أية مرحلة من مراحل الحمل.
- تروي ندين أبو نقّول دميان تجربة خسارة طفلتها ومراحل الألم النفسي في انتظار 4 أيام مع جنين توقف نبضه قبل عيش كل مراحل المخاض والولادة لطفلة ان تفتح عينيها.
15 تشرين الثاني/أكتوبر هو يوم تكشف فيه الستارة عن حزن وألم صامت، أسكتته دينامية الحياة وثقافة المحرمات والحاجة الى المضي قدمًا مع آلام الفراق في مجتمع عربي يشعر المرء بأن الحديث عن الألم يترك جرحًا حيًّا وذاكرة طفل حي في قلب ووجدان والديه. اسكات الحزن لا يشفيه أو يلغيه، في رحم وقلب كل أم خسرت جنينها.
ندين أبو نقّول متزوجة من مايكل دميان منذ 15 عامًا ولطالما أراد الزوجان عائلة كبيرة. تكلل توقهما بطفلين على قيد الحياة، صبي يبلغ من العمر 13 عامًا يدعى أنجيلو وابنة تبلغ من العمر 18 شهرًا تدعى ميا وطفلة فارقت الحياة بعد تسعة أشهر من الحمل اسمها ماري.
تقول ندين:
" منذ صباي كنت أحلم بالعائلة الكبيرة. للأسف تعثر الحمل أكثر من وخسرت الجنين في مراحل مختلفة، بعضها مبكرًا وواحدة في الأسبوع 12 ولكن أصعبها كانت خسارة طفلتي ماري في مرحلة متأخرة من الحمل".
روت ندين بغصة تفاصيل حملها بطفلتها ماري والذي كان طبيعيًا دون أي مضاعفات حتى توقف قلبها عن النبض في الأسبوع 35 قائلة:
"كان الحمل طبيعيًا وكنت قد دخلت في شهري التاسع، وفجأة توقف نبض قلبها ومعه توقفت الحياة في داخلي ".
عادت ندين إلى المنزل وعاشت أطول أربعة أيام في حياتها مع جنين توقف قلبه في أحشائها إلى أن حان الوقت لمخاض ولادة لن تتكلل بدموع الفرح. حاولت أن تطلب ندين ولادة قيصرية في اليوم ذاته لتتمكن من احتواء الخسارة إلا أن الأمر لم يتحقق، فعاشت مخاض الولادة في كل تفاصيله لمعانقة حياة فارقت الحياة!
سردت ندين ألم هذا الاختبار قائلة:
اضطررت لأن أعيش كل مراحل المخاض والولادة وكنت أعي أن ابنتي لن تفتح عينيها بعد الولادة. لا أظن أن هناك كلمات تصف هذا الشعور
نذرت ندين أن تطلق على طفلتها اسم السيدة العذراء، ورغم أن الحياة توقفت، إلا أنها وفت نذرها وأطلقت عليها اسم ماري. أعطت ندين لابنتها اسمًا أي كيانًا ما زال ينبض رغم الفراق في داخلها.
"ابنتي هدية في حياتي رغم انني لم أتمكن من سماع صوت بكائها أو رؤية عينيها. ماري هي جزء مني سيبقى إلى الأبد".
قدم الزوجان الموافقة على إجراء تشريح كامل للجثة لمعرفة سبب وفاة طفلتهما، لكن تقرير تشريح الجثة المكون من 10 صفحات لم يقدم أي إجابات، فقد كان كل شيء كان طبيعيا.
شرحت ندين أن حالة الحزن كانت صعبة للغاية لأن الخسارة تتفاقم بسبب اللامبالاة الثقافية وتجنب الموضوع وتخطيه من خلال عدم التحدث عنه قائلة:
يطلب منك السكوت الذي يزيد جرحًا على الجرح. يعتبر بعض الناس أن التحدث عن هذا الموضوع بمثابة عيب وكأن المشاركة بالحزن قد تنقل عدوى ما إليهم
عادت ندين إلى المنزل فاغرة اليدين بدون ماري. كل خلية في جسمها تنادي ماري وكل تفاصيل المنزل تنتظرها. فالغرفة المخصصة لها بقيت فارغة قائلة:
أصعب شيء عشته أن أترك طفلتي في المستشفى وأعود وحيدة إلى المنزل. كل إحساس في جسمي كان يقول لي أن أعود الى المستشفى وأحضرها معي
وتابعت قائلة:
"السكوت كان قاتلًا".
كان على ندين أن تتماسك من أجل ابنها الذي كان ينتظر بفارغ الصبر ولادة أخته، فاحترمت حقه بمشاهدة أخته وتحاول أن تجيب عن أسئلته ولا تخاف أن تقول له أنها لا تمتلك الأجوبة لبعض الأسئلة تمامًا مثله. وكي لا يضاعف ألمه، كانت الأم تنهار بصمت قرب سرير ابنتها الفارغ بينما كان جسمها يذكرها في كل لحظة أنها أم. فغدد الرضاعة كانت تفرز الحليب لطفلتها وجرح الولادة لم يختم وذلك الجرح النفسي هل سيختم يومًا؟وعن لحظات الوداع الأخيرة تقول ندين:
Bereaved parents Nadine and Michael and brother Angelo with their stillborn awaited child and sister in hospital. Source: Nadine Naccoul
ما ان اقتربت من طفلتي في التابوت الصغير خلال مراسم الدفن، إلا أن حليب الرضاعة بدأ يدرّ لأن غريزة الأم لا تفهم أن الجنين رحل
عاش كل من الزوجان ألم الفراق على طريقته الخاصة، لكن الأب المتألم مايكل كان زوجًا محتضنًا لآلام زوجته وسندًا لها ولابنهما انجلو .
أشارت ندين إلى أن الجميع يمكن أن يتفقوا على أن فقدان طفل في أي سن هو من أصعب محن الحياة. ومع ذلك، فإن فقدان طفل قبل أن تتاح له الفرصة لرؤيته يزدهر أو سماع صوته، ورؤية النظرة في عينيه، والشعور باحتضانه، ومشاهدته يتعلم وينمو، يجعل الأمر صعبًا للغاية مع غياب ذكريات سعيدة للتمسك بها ومراجعها من أجل الراحة.
اختارت ندين رغم الضغوطات المجتمعية في ثقافتنا العربية، أن تحتفل بطفلتها وتبقي ذاكرتها الحية رغم ولادة طفلتها الثالثة، وهي تحتفل سنويًا بعيد مولدها في السماء قائلة:
"ماري هي ابنتنا، هي جزء من عائلتنا وان كان وجودها لفترة قصيرة وبشكل مؤلم. احتفل بميلادها تمامًا كإخوتها، نصلي ونضيء الشموع لها ونقطع قالب الحلوى. أريد أن يعرف اخوتها أنها مهمة".تشعر ندين اليوم أن عدم القدرة على مشاركة أي شيء عن طفلتها، يجعلها تشعر وكأنها فقدتها مرتين. أما بالنسبة لافتراض الناس أنه بمجرد أنها رزقت بطفلتها الثالثة، تم إصلاح كل شيء وأن حزنها الآن يجب أن يختفي تقول:
Angelo and Mia commemorating the birthday of their stillborn sister Mary. Source: Nadine Naccoul
"بالنسب للأم، ولادة طفل لا تعوض خسارة آخر. أشكر الله على طفلتي ميا ولكن لا أحد يعوض خسارة ماري".
فافتراض هذا الشيء، ليس فقط مؤلمًا، ولكنه مسيء إذ لا يمكن لأي طفل أن يحل محل آخر، سواء كان حياً أم ميتاً. إن الاستمتاع بالطفل وحبه لا يبطل الألم والحزن الناجمين عن فقدان طفلتي.
لهذا تحث ندين كل أم وأب عاشا الخسارة أن يكسروا صمتهم القاتل قائلة:
إن خسارة أي شخص في العائلة يقابل بالتعزية ويترك لأهل الفقيد المجال للبكاء والحزن. لماذا إذًا لا تقابل خسارة الجنين بهذه المواساة أيضُا؟
وختمت قائلة:
في كل يوم، تعود ستة نساء في أستراليا فارغة اليدين إلى المنزل وهذا العدد لم يتقلص منذ عشرين سنة، لذا فنحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث".
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على