ساد طقس معتدل صباح اليوم الذي توجهت فيه عشرات الأسر لمبنى بلدية كامبرلاند في غرب سيدني، الرجال والنساء يرتدون أفضل ملابسهم، وبعض الذين قدموا لأستراليا من بلدان آسيوية يرتدون الزي التقليدي لوطنهم الأم، يبدو السرور على ملامح الجميع فهذه الأسر عملت بجد واجتهاد لأعوام للوصول لهذا اليوم الذي يؤدون فيه القسم ويصبحون أستراليين.
وسط الحشد جلس المهاجر المصري محمد زهران مع زوجته أمل وابنتهما تالين في انتظار ذكر أسمائهم ليتوجهوا لأداء القسم واستلام شهادة الجنسية الأسترالية.
زهران وصل إلى أستراليا عام 2011 واستقر في مدينة سيدني حيث يعمل كمتخصص في تكنولوجيا المعلومات، ومثل عشرات الآلاف من المهاجرين انتظر زهران عدة أعوام ليصبح مواطناً أسترالياً، ففي عام 2018/2019 والذي نال فيه شهادة الجنسية الأسترالية مُنِحت الجنسية إلى 127,674 من المهاجرين أغلبهم من الهند (28,470) وبريطانيا (13,364) والفلبين (9,267) والصين (7,974).

An Australian citizenship recipient holds his certificate during a citizenship ceremony on Australia Day. Source: AAP
جاء زهران إلى أستراليا لأنه علم أن مجال تكنولوجيا المعلومات هنا أكثر تطوراً، وكمتخصص في علوم الحاسب يضع المهاجر الشاب أهمية كبرى على اكتساب خبرات عملية جديدة.
على الرغم من حصول زهران على الجنسية إلا أنه حتى الآن لم يقرر ما إذا كان سيستقر في أستراليا بشكل نهائي أم قد يغادر للاستقرار في بلد آخر، والسبب هو اهتمامه بوالديه: "كبر والديّ في السن، وأود أن أكون قريباً منهم في حال لا قدر الله وقع مكروه لهم."
في عطلات نهاية الأسبوع يلتقي زهران بعدد من أصدقائه، ويتطرق الحديث إلى شؤون الهجرة، وبصفته أحد قدامى المهاجرين في دائرة أصدقائه يتحدث زهران عن تجربته في الحصول على الجنسية، فيما يسأله صديقه محمد محمد، وهو مهاجر مصري أيضاً عن بعض التفاصيل.
هاجر محمد لأستراليا عام 2015 مع زوجته رنا، واجتاز امتحان الجنسية بنجاح منذ عدة أسابيع، وهو في انتظار الذهاب استلام شهادة جنسيته، بالنسبة لمحمد ستمنحه الجنسية إحساس الاستقرار: "أكثر حاجة تهمني أن أحس أن هذه بلدي، وسأعيش فيها في أي وقت أريد، لن أحتاج لأثبت لأي جهة أنني بالفعل مواطن صالح لأكون جزء من هذه البلد، ستصبح بلدي وسأتمكن من السفر والعودة في أي وقت أريد، سأتوقف عن حساب عدد الأيام التي قضيتها داخل البلد."
محمد قلق من أن تتغير قوانين الهجرة قبل حصوله على الجنسية، فمن وجهة نظره من الممكن تصبح القوانين الجديدة أكثر تعسفا ويقول محمد إن "أي شيء ممكن يحصل." وبالتالي يشعر محمد الحاصل على إقامة دائمة في أستراليا بعدم الاستقرار.

Australian passport with background of Australian flag Source: iStockphoto
في حالة محمد أضاف له الامتحان الجنسية الكثير من المعلومات التي لم يكن يعرفها مثل "تداول السلطة بين الأقسام الثلاثة للحكم (السلطة) التنفيذية والتشريعية والقضاء، وأيضا ما لي من واجبات وما علي من حقوق."
ويبدو على محمد أنه متحمس للمشاركة في العملية الانتخابية والتعبير عن رأيه السياسي: "أنا غير موافق على الحكومة الحالية والطريقة التي تعمل بها، وهناك أحزاب أخرى أعتقد أنهم أفضل للمجتمع، فأحب أن أمنحهم صوتي، مثل حزب الخضر فهو حزب جيد، للأسف ليس له أغلبية في البرلمان، لكن صوتي قد يساعدهم على الحصول على كراسي أكثر (في البرلمان)."
فكرة أن يترشح محمد كممثل لمنطقته في المجلس المحلي أو في البرلمان تراود محمد من آن لآخر، والبداية كانت بالمشاركة في المظاهرات والمسيرات التي يرى أنها تتماشى مع رأية السياسي، فقد شارك في عدة مظاهرات في سيدني تندد بسياسة الحكومة في ملف تغير المناخ.
شارك زهران في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة ومنح صوته لحزب العمال، وسبب عدم تفضيل زهران للحكومة الحالية هوطريقة تعامل الحكومة الحالية مع المتقدمين للحصول على الجنسية، فيرى زهران أن هناك تمييزاً في منح الجنسية: "أرى أشخاصا يتسلمون الجنسية بسرعة، وآخرون من بلدان معينة يجرون عليهم فحوصات عديدة، أتفهم أن الاستعلام الأمني مطلوب لكن من غير المنطقي أن ينتظر البعض ثلاثة سنوات. أفضل الأحزاب التي تنظر للطبقة المتوسطة، لا أفضل من يعمل ل لرأسمالية وطز في الشعب."

Source: AAP
يقرأ محمد عن تاريخ أستراليا من آن لآخر تاريخ أستراليا من وقت لآخر وهو على دراية بالجدل الذي يثور حول الاحتفال بيوم أستراليا في نهاية شهر يناير، فالسكان الأصليون يرونه يوما للحزن، لأنه اليوم الذي سلبت فيه أرضهم، ويراه آخرون كيوم للاحتفال بوصول الإنجليز لأستراليا، وبالنسبة لمحمد فرأيه واضح: "أرى أن للأبوريجينيين حق (في تغيير اليوم) لأنه يذكرهم بالمجازر التي حدثت من قبل، فالأفضل أن يتغير التاريخ، ومن الممكن أن نحتفل بيوم كتابة الدستور لأستراليا."
بالنسبة لزهران الذي يقضي بعضاً من وقته أسبوعياً مع إحدى الجمعيات الخيرية التي تساعد اللاجئين، وله زملاء من الأبوريجينين يمتنى الاحتفال بيوم أستراليا في موعد آخر: "إذا كان القرار بيدي سأغير (اليوم)، فالمفروض أن أستراليا هي بلد لكل الناس، فلماذا نحتفل بيوم يعتبر يوم للحزن عند آخرين ولهم أسبابهم المشروعة، من الممكن ان نحتفل في يوم آخر."