عندما اختار فادي الزوقي دراسة القانون في نهاية الثمانينات، اعتقد أن هذا الاختيار سيضعه على بداية طريق النجاح في أستراليا، فالشاب الذي هاجر مع أبيه وإخوته واستقر في ملبورن منذ سنوات كان ليصبح محامياً على أن تساعده لغته العربية على جذب الزبائن العرب.
ما لم يُخطط له فادي هو تباطؤ الاقتصاد الذي ضرب أستراليا حين تخرج من كلية الحقوق عام 1992، لكن فادي كان يمتلك خبرة عملية في مجال آخر.
أثناء دراسته للحقوق، عمل فادي في كافيتيريا الجامعة التي كان يديرها مهاجر آخر من لبنان يمتلك مطعماً في ملبورن، فتعلم فادي على يديه إدارة الكافيتيريا وإعداد الطعام، ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية في بداية التسعينات لجأ فادي و أخواه سام و جوزيف لفتح مطعم، ووقع اختيارهم على مستشفى ألفريد في مدينة ملبورن التي كانت تعتمد على المتطوعين لإعداد الطعام.
Zouki Cafe at The Royal North Shore Hospital in Sydney. Source: AAP
كثير من مقدمي الطعام كانوا يتحاشون العمل مع مستشفى ألفريد، والسبب هو أن المستشفى كانت تعالج مرضى نفسيين في ذلك الوقت، وبها مركز للأمراض المعدية، هذه السمعة تكفلت بطرد أصحاب المطاعم فلجأت المستشفى للمتطوعين لعمل ساندويتشات وقهوة بشكل بدائي.
لكن أبناء الذوقي رأوا في المستشفى فرصة كبيرة كما يروي فادي: "عدد العاملين في المستشفى كان كبير كتير، ستة آلاف موظف يديرون بالهم على المرضى، يحتاجون أكل وقهوة، ولذلك كان الجو رائع للبيزنس والاستثمار(..) حوّلنا كافيتيريا المستشفى لشوبنج سنتر، مش بس الأكل، لكن عندنا بائع زهور، مصفف شعر، مكتب بريد و فرع لبنك. وفرنا كل شيء، حتى الناس من برة صاروا يفوتوا على المستشفى ليتسوقوا."
Australian Prime Minister Scott Morrison with Fady Zouki. Source: Supplied
ماذا يمكن أن تتعلم أستراليا من المهاجرين؟
خلال عمله في إدارة مطاعم المستشفيات احتك فادي بمئات الموظفين، إلا أن المهاجرين لفتوا نظره على وجه الخصوص كما يوضح: "(العاملون) اللي بيجوا من بره بيكونوا متعطشين ليشتغلوا، ولينجحوا، وليعملوا مستقبل لهم في هذا البلد. لذلك يشتغلوا ويعطوا كل شيء للعمل (..) الأسترالي يمكن أن يتعلم من المهاجر الطموح القوي، والشغل والتضحية اللي بيعملها المهاجر الذي يقلب الضعف لقوة، أوقات المهاجر لا يعرف اللغة أو المهارة لكنه بيشتغل بكل قلبه علشان يتعلم."
وهو أمر يعتقد فادي أنه يختلف بشكل كبير عما يقوم به من وُلد في أستراليا، الذين يرى أن بعضهم لا يملك نفس الشغف.
ورغم ما وصل له فادي و إخوته في أستراليا من نجاح، ورغم أنه يرى أن أستراليا كدولة تعطي لكل حقه، لكنه يرى أن هناك سقفا زجاجياً يقف حائلاً بين المهاجرين وبين وصولهم للمناصب العليا في الشركات الأسترالية، فيقول فادي: "لن أذوق الكلام:لا أعتقد أن كل شركة أو كل مؤسسة ستوظف الناس اللي جايين من برة أو المهاجرين من برة، لأنهم بيعرفوا إنه بده كتير تدريب ووقتحتى يبدأ ينفع الشركة."
Zouki Cafe at the Royal North Shore Hospital in Sydney. Source: SBS Arabic24
لذلك ينصح فادي المهاجرين في بداية وصولهم بالانخراط في العمل التطوعي من أجل بناء بعض الخبرة في التعامل مع الأستراليين، بعدها يستفيد المهاجر بهذه الخبرة ويذكرها أثناء التقديم لوظيفة.
أما عن المهاجرين الراغبين في البدء في عمل خاص بهم وتأسيس شركة تجارية، فيرى فادي أن البداية هي اكتساب خبرة في المجال الذي تريده كموظف للتعلم، قبل بداية عمله الخاص.
الآن وبعد نجاح شركة الذوقي لإدارة المطاعم، قرر فادي الذي يبلغ من العمر 55 عاماً بناء اسمه في مجال آخر يحبه وهو ممارسة المحاماة، يدير فادي الآن مكتباً للمحاماة بجانب عمله كمدير تنفيذي في شركة إدارة مطاعم المستشفيات، و شغل أيضاً منصب رئيس الغرفة التجارية العربية الأسترالية بملبورن، كما نُصّب فادي قنصلاً فخريا للبنان في ولاية تازمانيا.