في إطار مشاركته في مهرجان الكتّاب في سيدني، التقت "أس بي أس" بالكاتب والروائي عباس الزين، الذي استطاع أن يصنع لكتاباته صدى واسعًا بين الشرق الأوسط وأستراليا، ناشرًا نصوصه في منصات عالمية مرموقة مثل The Guardian وThe New York Times وThe Sydney Morning Herald.
الزين، الذي وُلد في لبنان وترعرع في ربوعه، عاش بدايات صعبة شهدت اندلاع الحرب الأهلية ومآسيها، قبل أن يغادر إلى بريطانيا لمتابعة دراسته الجامعية، ومنها إلى أستراليا حيث يعمل اليوم أستاذًا للهندسة البيئية في جامعة سيدني. على امتداد مسيرته، أبدع في كتابة الرواية والمقالة والمذكرات، وكان دائمًا مشغولًا بأسئلة الهوية والهجرة والانتماء.
LISTEN TO
وديع مراد يكشف المستور: شخصية عربية حاولت إقصائي وصديق في أميركا أنقذ مسيرتي
SBS Arabic
27:24
بدايات محفوفة بالقصص منذ نعومة أظافره، نما شغف الكلمة مع عباس الزين، إذ كان البيت الذي نشأ فيه يعج بالكتّاب: من جده إلى أبيه وأخيه. في حديثه إلينا، قال إن الكتابة بالنسبة له لم تكن خيارًا بل "حاجة ملحة لفهم العالم"، مشيرًا إلى أن مواضيع الهجرة والهوية شكّلت ركيزة أساسية في معظم نصوصه، كما هو حال العديد من الكتّاب اللبنانيين الذين حملوا مرارة الحرب في ذاكرتهم.
بين المقال والقصة والمذكرات يتنقل الزين برشاقة بين القصة القصيرة والمقالة والمذكرات. وعن هذا التنوع، أوضح أن لكل نوع جاذبيته الخاصة: فالمذكرات تتيح مساحة أوسع للتأمل والبوح، بينما تمنح القصة القصيرة فرصة لتكثيف المشاعر وتجريب اللغة بطرائق مبتكرة. وقد تحدث عن الأحكام المسبقة التي طالت اللغة العربية، معتبرًا أن البعض يظلمها حين يدعي أنها قاصرة عن التعبير عن العاطفة، مؤكدًا أن تجربته أثبتت العكس.
"رصاصة، ورقة، حجر"... والاحتفاء بالكلمة بأحدث أعماله Bullet, Paper, Rock: A Memoir of Words and Wars، الذي فاز بجائزة جامعة كوينزلاند لعام 2024، يروي الزين سيرته الذاتية من طفولته في لبنان حتى استقراره في أستراليا. في هذا الكتاب، يتنقل بين ذكريات الحرب والانفجارات والفقد، وبين لحظات الدهشة والحب والحياة اليومية. يرى عباس أن الفوز بهذه الجائزة هو تكريم للأصوات التي تعبر عن تجارب الهجرة والنزوح، مؤكدًا أن القراء وجدوا أنفسهم في قصصه عن الذاكرة والحرب والمنفى.
"على الرغم من بشاعة الحرب"، قال، "عشنا أوقاتًا سعيدة وكانت هناك دائمًا قدرة للبنانيين على العودة إلى حياة شبه طبيعية."
ثنائية الهوية... قلق خلّاق بين الوطن والمنفى، ينتمي عباس الزين إلى عالمين متداخلين أثريا رؤيته الأدبية. يقول: "الانتماء إلى ثقافتين مختلفتين يخلق نوعًا من القلق الخلّاق الذي يغذي الكتابة." وفي مذكراته Leave to Remain، عالج ببراعة تجربة الغربة وما يصاحبها من مشاعر اللاانتماء، معتبرًا أن الغربة يمكن أن تكون مصدرًا للإبداع وليست عبئًا.
الحرب والسياسة... حين تتحول القصة إلى شهادة نصوص الزين، وإن كانت تغوص في تفاصيل الحرب والسياسة، إلا أنها تحافظ على وفائها للجانب الإنساني، مبتعدة عن السرد التقريري الجاف. "على الكاتب أن يحكي الحقيقة لا أن يردد الشعارات. الأدب أقوى حين يلتزم بالصدق العاطفي"، قال مؤكّدًا.
تحديات المشهد الأدبي الأستراليعن تحديات الكتابة في أستراليا، أشار الزين إلى أن الكتّاب من خلفيات مهاجرة يواجهون صعوبات إضافية، أبرزها الوصول إلى جمهور أوسع أو كسر الصور النمطية. لكنه في المقابل، يرى أن التنوع الثقافي يمنح الأدب الأسترالي طاقة متجددة تفتح أمامه آفاقًا واسعة.
وفي الختام، يضرب د.عباس موعدا مع جمهوره بمناسبة مهرجان سيدني للكتاب لمناقشة محور كتبه.