النقاط الرئيسية:
- "ضع حدًا له من البداية" حملة مبدئية وقائية تمولها الحكومة الأسترالية تشجع البالغين للتعامل باحترام للحد من العنف العائلي.
- يجب على الآباء ومقدمي الرعاية أن يكونوا على وعي بالقيام بتصرفات محترمة مع الآخرين أمام الأولاد فهذا ينعكس على سلوكم عبر التقليد.
- بالوقاية يمكننا منع العنف المنزلي قبل أن يبدأ.
تحذير: يحتوي هذا المقال على تفاصيل جريمة عنف عائلي قد تكون مزعجة أو مؤلمة.
في معظم الأحيان، لا تظهر بوادر العنف المنزلي بعد حادث أدى لآثار جسدية فقط، لكنه يتسلل تدريجيًا وخفية عبر تصرفات مثل عدم الاحترام، والسيطرة على الشخص الآخر، والإساءة إليه عاطفيًا، دون أن ينتبه أحدٌ لهذه الإشارات أو يتم معالجتها.
أرمان إبراهيم زاده ناشط مقيم في مدينة أديلايد في مجال مكافحة العنف العائلي، ويعمل كمناصر ومدافع مجتمعي للحد من هذا النوع من العنف، ويتحدث هنا عن مأساته الشخصية، حينما قتل والده والدته، وتسبب هذا الحادث له بضرر نفسي كبير ما قاده، ليصبح ناشطًا فاعلًا في هذا المجال، معتبرًا أن رحلة معاناته بدأت، حين أخذ يرى العنف والإساءة يتكرران في منزلهم.
العنف أجبرنا على حزم حقائبنا ومغادرة منزل العائلة خوفًا على حياتنا، واعتقدنا في حينه أن هذه الخطوة ستكون نهاية الأوقات الصعبةأرمان زادة
لكن الأمر تطور للأسوأ ، فبعد التهديدات والاعتداء الجسدية المتكررة من قبل والد أرمان على والدته، قررت والدته مغادرة المنزل مع إخوته وواجهوا حينها التشرد والفقر والعزلة بعد هربهم من جحيم العنف العائلي.
لكن أمرًا لم يخطر على البال حدث بعد هروبهم إذ يقول زادة : " بعد فرارنا من المنزل ب12 شهرًا، قررت والدتي وأختي الكبرى حضور حفل رأس السنة الفارسية في مركز في مدينة أديليد، وكانت هذه الاحتفالية تُجرى في شهر مارس/آذار من عام 2010، وفجأة، ظهر والدي في الحفل، وهناك طعن والدتي حتى الموت أمام حوالي 300 شخص من الحضور".

Arman Abrahimzadeh with his late mother Zahra Abrahimzadeh. Credit: Arman Abrahimzadeh
ويعتبر زادة أنه آن الأوان، لتسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء العنف العائلي المنزلي، في محاولة لمنعه قبل حدوثه، بتتبع الإشارات الخفية الكامنة وراءه والتي تظهر مبكرًا، عبر صور نمطية تتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والتي تتحول بعد ذلك لسلوك مخيف يسيطر على أشخاص آخرين أو عبر تصرفات مخلة بالاحترام في مجتمعاتنا.
ويشير زادة أيضًا، إلى تصرفات قد تحدث تقليدًا لمحتوى شوهد عبر الإنترنت، أو محاكاة لسلوكيات ومواقف نراها في مجتمعنا.
خلق القدوة في المنزل أولًا
لقد قادت التجربة المريرة التي مر بها أرمان زادة، أن يتأمل ويستفيد ويُحذر مما شاهده في منزل والديه، فقاده تفكيره أن الحل يبدأ من منزل الوالدين بالأساس، داعيًا لخلق النموذج أو القدوة الحسنة أمام الأولاد أولًا، بحيث يرى ويعيش الأولاد مع هذا الاحترام المتبادل داخل منزل العائلة .
ويوضح قائلًا:” عندما كنت صغيرًا، كنت أحترم والدي، وحين كنت أراه كيف يعامل والدتي... اعتبرت أن ما يفعله هو أمر طبيعي، وكان أمرًا تلقائيًا بالنسبة لي".
ويضيف: " لكن بعدما أدت تصرفات والدي لقتل والدتي، أدركت حينها أن ما قام به أبي قد دمر العائلة لاحقًا".
LISTEN TO

"المهاجم يبحث عن ثغرة واحدة": هل تم اختراق حسابك المصرفي هذا الأسبوع؟
SBS Arabic
16:38
بعد أن فقد أرمان والدته، خضع لفترة من التعافي للتخلص من آثار هذه الحادثة وهذا السلوك، وبدأ بتعلم طرق جديدة تعُزز المساواة في عائلته الصغيرة التي بدأ بتكوينها بعد زواجه، وأمضى سنوات من عمره ليحول آلامه نحو هدف سام، وهو التركيز على إيجاد آلية لتربية أطفالنا ليكونوا شركاء أو أزواجًا محترمين ومتعاطفين مع بعضهم بتقليد ومحاكاة شخص يكون هو القدوة الحسنة بتصرفاته الحميدة.
ويوضح قائلًا: "أريد التأكد أنني قدوة حسنة أمام أولادي، وأن يستوعب ابني الصغير ويرى تصرفاتي الحميدة الجيدة في المنزل وتعاملي مع أفراد عائلتي، لأنه وفقًا للأبحاث، فالأطفال يقلدون ويتصرفون وفق ما يشاهدون في منازلهم".

Parents and carers should be aware of how they communicate and demonstrate respectful relationships. Source: iStockphoto / Jacob Wackerhausen/Getty Images
كما تشير جاتيندر كور، لأهمية تأثر الشباب سلبيًا مع مايشاهدون عبر شبكة الإنترنت، وتأثير هذا الأمر على سلوكهم، فالشباب- وفق قولها- يقضون معظم وقتهم في تصفح منصات التواصل الاجتماعي، خاصة المراهقين الذين يكونون في مرحلة تبلور الأفكار، ويتأثرون بما يشاهدون، لذلك قد تؤثر هذه المضامين سلبًا على تصرفاتهم، باعتبار أن ما يرونه هو نوع من أنواع المعرفة الأساسية.
وتوضح السيدة كور: "فإذا كانت هذه المعلومات التي تلقوها عبر الإنترنت ووسائل التواصل غير دقيقة، أو كاذبة، أو متحيزة، أو تروج لمعتقدات غير محترمة، فقد يعتبرها هؤلاء الشباب أمرًا طبيعيًا عاديًا، ويبدأون بتطبيقه".

Young people tend to mimic the behaviour they see in their family homes, adopt it, and consider it normal. Credit: Phynart Studio/Getty Images
عوامل خفية تؤثر نحو السلوك العنيف
يقول رقيب الشرطة في ولاية نيو ساوث ويلز، داني ميقاتي، إنه بعد سنوات عمله في وحدة العنف المنزلي، شهد تأثير هذا النوع من العنف على المجتمع، ويعمل جاهدًا على تثقيف نفسه وتطوير قدراته المهنية لمكافحة العنف ضد النساء والأطفال.
ويؤكد ميقاتي على دور الوالدين والمعلمين في تعزيز ثقافة الاحترام، فهم يلعبون دوراً هاماً في تشكيل الوعي عند الأولاد في خضم تدفق المواد الضارة التي تبثها شبكة الإنترنت الوسائل الأخرى على الشباب.
على الآباء إدراك أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها على أطفالهم وتصرفاتهم خاصة وأن أستراليا تعتبر واحدة من أكثر البلاد استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي، وكثير من أطفالنا يستخدمون على الأقل منصة أو اثنتين منها ويجب على الآباء معرفة مخاطرها. داني ميقاتيداني ميقاتي
ويؤكد ميقاتي على المثل القائل" الوقاية خير من العلاج" بضرورة أن يتصرف الوالدان باحترام أمام أولادهم، و العمل على بناء روابط سليمة تعزز سلوك وتصرفات الأولاد قبل تسلل أي سلوك ضار قد يؤثر على نفسيات و سلوك الأولاد.
ويوضح ميقاتي: "أن الدعم وإنشاء ملاجئ للمتعرضين للعنف المنزلي، وحدهما لا يكفي، فرغم ضرورة وجودهما ، لكن طريقة التعامل والتصرف فقط كردة فعل بعد حدوث المشكلة ليس حلًا، وإنما يجب أن نبحث عن المسبب الرئيس لهذه المعضلة والعمل على علاجها."

Parents, teachers, guardians, and carers should become better equipped to recognise and address signs of disrespect and guide their children towards understanding healthy relationships. Source: iStockphoto / dusanpetkovic/Getty Images/iStockphoto
قدمت الحكومة الأسترالية مبادرات عدة لمكافحة العنف العائلي المنزلي، منها هذه الحملة التي تحمل شعار ""؛ وهي حملة وقائية أولية لمواجهة جميع أنواع رسائل التفوق الذكوري السام التي تدفقت في الآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعبّرت السيدة كور، عن فخرها بهذه الحملة كما أيدها أيضًا زادة باعتبارها حملة مؤثرة في المجتمعات متعددة الثقافات، وضرورية لفهم معاييرهم االثقافية وتوقعات المهاجرين واللاجئين أثناء رحلة توطينهم في أستراليا.
وتوضح السيدة كور: "أنه رغم أن هذه التقاليد الموروثة تنبع من قيم ومعتقدات تقليدية بحته، إلا أنها قد لا تعكس المعايير المجتمعية الموجودة داخل المجتمع الأسترالي".
وتضيف السيدة كور، أنها من وواقع خبرتها مع أجيال مختلفة من المهاجرين الذين قدموا إلى أستراليا، وطبيعة مفهوم الاحترام عندهم، وكيف يعمل النظام الأبوي في بعض هذه الثقافات، فقد لا يكون للنساء رأي متساوٍ في الأسرة، وقد لا يتم التعامل معهن على قدم المساواة مع أفراد آخرين في الأسرة.
وتنصح الآباء والمعلمين والأوصياء ومقدمي الرعاية، بأن يكونوا أكثر وعيًا باكتشاف وملاحظة أي إشارة تدل على سلوط ينم عن عدم الاحترام ومعالجته، وتوجيه الأطفال لبناء علاقات صحية، وخلق بيئة آمنة ومحترمة قائمة على النقاش المفتوح وطرح الأسئلة.
LISTEN TO

لم يكن منتخبا وكان به سبعة أعضاء فقط: هذه هي قصة اول برلمان في أستراليا
SBS Arabic
07:40
كما لاحظت السيدة كور، أن إحدى الطرق الفعّالة التي قد تساعد المجتمعات على منع العنف المنزلي ومعالجته قبل أن يبدأ، هي فهم وتتبع التصرفات العنيفة المسيئة القائمة على النوع الاجتماعي، و عدم البقاء كمتفرجين بشكل سلبي.
وتؤكد السيدة كور، ضرورة توضيح نوعية السلوك غير اللائق، والتأكيد أن تصرف غير مقبول في أستراليا، عبر الإشارة عليه وإحالة من فعله أو اقترفه إلى الجهة المعنية المناسبة لتلقي الإرشاد، فالوقت قد حان أن يكون الرجال والنساء وقادة المجتمع جميعًا على المسار ذاته لعلاج القضايا المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
في حال تعرضكم أو أي فرد في إطار مجتمعكم للاعتداء الجنسي أو العنف المنزلي أو العائلي، يرجى الاتصال على الرقم: 1800RESPECT
أو الرقم الدائم: 131114 أو 1800737732
للمزيد من المعلومات يرجى زيارة الموقع التالي بالضغط على الرابط أدناه:
حملة "ضَع حدًا له من البداية" بالتعاون مع مبادرة أطلقتها الحكومة الأسترالية.

