في تقرير صادر عن جامعة موناش بالتعاون مع سجل الإسلاموفوبيا في أستراليا، تتضح الأبعاد المقلقة لهذه الظاهرة، حيث كشفت البيانات أن حوادث الإساءة والتحرش ضد المسلمين قد تضاعفت بشكل مثير للقلق بين يناير 2023 ونوفمبر 2024، مع تسجيل نحو 60% من الاعتداءات الجسدية التي استهدفت النساء والفتيات، بينما بلغت نسبة الحوادث اللفظية ضد المسلمين 79%.
استندت الدراسة إلى مئات التقارير المقدمة إلى سجل الإسلاموفوبيا و18,000 منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر أن 25% من الحوادث كانت مرتبطة بمواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية، خاصة بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023 وما تبع ذلك من حرب إسرائيلية مدمرة في القطاع.
لكن من بين الأرقام المقلقة، تبرز حقيقة أن النساء المسلمات يتعرضن بشكل غير متناسب للهجوم.
ووفقًا للدكتورة سوزان كارلاند، المحاضرة في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة موناش وأحد مؤلفات التقرير، فإن النساء المسلمات يعانين بشكل خاص من هذه الظاهرة، حيث تتعرض النساء للسحب القسري للحجاب، والبصق عليهن، فضلاً عن استهداف أطفالهن في المدارس.
وتشير الدكتورة كارلاند إلى أن الحوادث لا تقتصر على الهجمات الجسدية، بل تشمل أيضًا تهديدات بالقتل والاغتصاب، مع تسجيل أكثر من 200 إهانة لفظية في تقارير الحوادث.
تجربة مريم: تجسيد للتحديات اليومية التي تواجه النساء المسلمات
إحدى القصص التي تعكس هذا الواقع هي قصة مريم، التي تعرضت لاعتداء لفظي وجسدي في متجر كيمارت في بانكستاون، غرب سيدني.
كانت مريم ترتدي قميصًا يحمل شعارًا مؤيدًا لفلسطين، مما أثار هجومًا عنيفًا من امرأة أخرى بينما كانت برفقة ابنتها الصغيرة.
وثفت مريم الحادثة في فيديو انتشر بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُسمع المعتدية تهاجمها قائلة: "هل أنتِ فخورة بارتداء هذا القميص؟" قبل أن تبدأ المهاجمة المزعومة بتوجيه كيل من الشتائم بحقها.
LISTEN TO

محامية أسترالية تصف لنا لحظة تعرضها وبناتها المحجبات للمضايقات اللفظية
SBS Arabic
17/03/202515:52
تفاصيل الحادثة
في حديثها لأس بي أس عربي، قالت مريم: "كنت برفقة ابنتي في أحد المتاجر في منطقة بانكستاون في غرب سيدني. لاحظنا في البداية صناديق تُرمى علينا ولكن لم نر من يقوم بذلك. كنا أنا وابنتي وسيدة تبدو عربية بجانبنا، نظرنا لبعضنا البعض واستغربنا كثيرًا."
وبعد فترة قصيرة، جاءت المعتدية المزعومة، ووقفت خلف مريم، بدأت تلقى الصناديق عليها. وتضيف مريم: "صدمت ولم أتمكن من قول كلمة واحدة. فكرت في حماية نفسي وابنتي وتجنب أي رد فعل كي لا تُصعد الموقف."
وعندما بدأت المعتدية المزعومة في توجيه الشتائم والحركات غير اللائقة، قررت مريم توثيق الحادثة عبر هاتفها المحمول: "كان الوضع مرعبًا. ابنتي قالت لي لا تصوري. الناس حولنا لم يتنبهوا في البداية لما يحدث، ولكن بعد ذلك تجمعوا عندما أصبح صوتها عالياً. لم يتدخل أحد لإيقافها."
ما يزيد من عمق أزمة مريم هو الشعور بعدم الأمان الدائم: "أنا لا أشعر بالأمان وأشعر في أي لحظة أنني سأتعرض لهجوم سواءً في الشارع أو المتجر أو حتى وأنا في السيارة.
تعرضت لمضايقة في الشارع قبل ذلك، كنت مع صديقاتي في السيارة وحاول سائق آخر إخراجنا عن مسار الطريق، ربما لأنه كان هناك ملصق يدعم الفلسطينيين على سيارتي."
LISTEN TO

ارتفاع مقلق في حوادث الإسلاموفوبيا في أستراليا: تقرير جديد يكشف الأرقام والدوافع
SBS Arabic
14/03/202508:01
التعامل مع السلطات: تأخير يفاقم الأزمة
ما زاد من إحساس مريم بعدم الأمان هو تأخر استجابة السلطات. فقد قامت مريم بالاتصال بالشرطة، وأرسلت لهم التسجيلات التي توثق الحادثة، إلا أن الشرطة لم تتحرك إلا بعد 24 ساعة من الحادثة، وعندما بدأ المجتمع المحلي بالتحرك. مريم تشير إلى أن هذا التأخير يعكس تجاهلًا لحقوقها كمواطنة، مما يعمق شعورها بالتهديد المستمر.
في بيان، قالت الشرطة إنها بدأت تحقيقًا بعد تقارير عن تعرض امرأة لـ "إساءة لفظية وتهديد" في مركز تجاري في بانكستاون.
وتم القبض على المشتبه بها البالغة من العمر 39 عامًا في منزل في باراماتا قبل أن تُنقل إلى مركز الشرطة.
وتم توجيه اتهامات لها بالتهديد العنف علنًا على أساس ديني، التصرف بطريقة مسيئة، استخدام لغة مسيئة، والمطاردة والتهديد بهدف إثارة الخوف أو الإيذاء البدني.
تختتم مريم حديثها بتوجيه نداء مهم: "الخطوة الأولى على طريق الحل هي إيصال الصوت. إذا تعرض أي شخص لهذا الموقف، يجب أن يتحدث عن التجربة ويوثقها لدى الجهات المختصة." هذا النداء يعكس الحاجة الملحة لخلق بيئة أكثر أمانًا واحتواءً للجميع، بعيدا عن العنصرية والكراهية.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على وعلى القناة 304 التلفزيونية.