شادية الحاج التي وقفت إلى جانب فيروز في بترا: "فيروز عرّفتني على ذاتي وبترا هي لبنان الصغير الذي اختطف"

Daily News Roundup (1).jpg

Chadia El Hajj Hajjar stood on stage in a role next to the legendary Feiruz in the Rahbani brothers' play "Petra" in 1977 Credit: Getty

وقفت الى جانب فيروز، فوقف زمنها هناك وفيروز هي الزمن الأكرم والأنقى والأغلى. كانت وصيفة الملكة شاكيلا في مسرحية بترا، آخر عمل مسرحي جمع فيروز والأخوين رحباني. كيف تحوّلت مساحة 6 أشهر مع الأخوين رحباني الى مخزون حياة للأديبة والإعلامية شادية الحاج حجّار؟


النقاط الرئيسية:
  • لعبت شادية الحاج حجار دور وصيفة الملكة شاكيلا في مسرحية بترا للأخوين رحباني عام 1977
  • تصف خبرة الوقوف الى جانب السيدة فيروز بمخزون حياة وحلم أكبر من الواقع
  • تعيد شادية الحاج قراءة العمل المسرحي بترا الغني بالاستعارة لترى ان بترا هي لبنان الذي اختطف من حلمه
إنها فيروز ونقطة على السطر. اسمها هو اللقب والنيشان وكل الكلمات. اسمها بات حلم وطن!

وقفت رئيسة لجنة "ميراث في البال" الاعلامية والكاتبة شادية الحاج حجّار، الى جانب فيروز في مسرحية بترا التاريخيّة فدخلت الحلم الرحباني هي وزوجها الراحل الممثل اندريه جدعون الذي لعب دور "لايوس". عُرضت مسرحية بترا في عمان ودمشق ولبنان في وقت مؤلم من تاريخ لبنان بين عامي 1977 و1978، فباتت "بترا" أكثر من مدينة الحجر في الأردن، لترسم قصة وطن جريح "زغير وبالحق كبير".

دخلت حجّار الى صومعة الذاكرة، الى سنوات جراحها لم تلتئم، ولكن الجراح كانت تبقى خارج ذلك المسرح الذي كان أجمل ما في واقع لبنان وحياة شادية. عادت حجار الى زمن الحرب الذي لم ينته: "كنا نعيش أصعب أيامنا في حرب السنتين عام 1977 وما ان ندخل عتبة المسرح الرحباني، يتبدل الواقع المرير الى عالم جديد يحمل الوعود والآمال".
كنا نعبر المعابر والقنص لنصل الى المسرح وبين الحمرا والبيكاديلي عشت أجمل ايامي

بين الواقع والحلم

تعترف حجّار بأن شريحة من الناس انتقدت الحلم الرحباني في وطن غاب بمفهومه منذ أيام بياع الخواتم، وتقف عند وداع فيروز للملك الذاهب الى الحرب في "بترا"، لتحمل الجمهور في هذا الوداع والألم الى قلب الواقع.

تقول حجار إن حلم الرحباني كان ممزوجًا بالواقع وغير منفصل عنه: "في كل اغنية تحملك فيروز من قلب الواقع الى عالم جديد وعندما تسدل الستارة ينسكب الحزن في الواقع المرير خارج المسرح".
أحيانًا أتمنى لو لم اعش هذا الحلم لأنه كان قصيرًا جدًا
تجول حجّار في ثنايا كل شخصية وحوار ومشهدية ما زالت تحاكي الواقع، فلا تتجسد الأغنية وحسب مع فيروز، بل تتحول الى رسالة شخصية ومباشرة للمتلقي والمشاهد.

حول مفصلية المشهد الأخير تقول حجار: "المشهد الأخير من بترا ما زال يحاكي يومنا منذ العام 1977، والحوار بين باتريكُس والملكة شاكيلا هو من اهم المشاهد ولا مساومة حتى على حساب حياة بترا، زغيرة وما بتعرف بلعب الكبار".
Feiruz Chadia 2.jpg
Chadia with the late actor and author Andre Gedeon who played the role of "Layos" in the Rahbani brothers' play "Petra"
وتتابع قائلة: "كأن فيروز تتوجه الى كل منًّا شخصيًا في كل اغنية وكأنها تدعونا للدخول معها الى اللحن والكلمة من على خشبة مسرحية بترا"

الاقتراب من سرّ فيروز

تعانق حجّار كل دقيقة من حلم الوقوف على خشبة المسرح الرحباني الى جانب فيروز في التمارين والجلسات الرائعة مع كبار الفنانين وتستذكر فليمون وهبة اول من لعب دور عياش، الياس الياس، أنطوان كرباج، جا بدر، نصري شمس الدين، جوزف ناصيف، وهدى في عمل استمر لسنوات نتيجة صدق وجهد وجدية ممزوجة بحب العطاء كما تقول.

تصف شادية لحظات الاقتراب من فيروز والوقوف الى جانبها.
تدمع عيناي لانك أيقظتِ مساحة مضيئة من الفخر في حياتي. كم انا أصغر من حضور فيروز
"كنت واحدة من وصيفات الملكة شاكيلا الثلاث، ندخل معها بصمت تام في حضور صوفي امام فيروز لا يوصف بالكلام وكأنها تشق الأفق في كل أغنية".
وبمشاعر قد لا تجد طريقها للتعبير تقول: "كيف لي ان أصف هذه اللحظات الخاصة والفريدة. من أنا حتى أقف الى جانب فيروز".

"يا ليتني احتفظت بومضة او صورة، ولكن انا شاكرة لان ذلك الوقت كان بعيدًا عن الهاتف الذكي كي يبقى الشوق للقاء تلك اللحظات".

Feiruz Chadia.jpg
Chadia Hajj Hajjar stood on stage in a role next to the legendary Feiruz in the Rahbani brothers' play "Petra" in 1977
تقترب حجّار من شخصية فيروز بوقار لتتحدّث عن حالة وهالة ونسمة فكاهة.
فيروز القريبة البعيدة تملك روح الفكاهة، كلامها قليل لكنه ثاقب، وحضورها يملأ المكان. ما ان تدنو، يتغير المكان
"كل شخص يشعر بحضور فيروز بمكانة خاصة. ترفعك معها الى حيث هي!"

"بترا" هي لبنان الذي اختطف

تكشف حجّار أوجه الشبه بين بترا، الأميرة التي اختطفها الموت رهينة ولبنان الرهينة لسنوات في عمل غني بالاستعارة وينسج واقع لبنان. تمر ببطء امام كلمات الملكة في استقبال ملكها العائد بالنصر والذي كلّف حياة بترا فتقول: "يا سيد المملكة تمّسك بالفرح، تصيّد السعادة، الشلال انجرح. يا ملك النصر، وقف الساعة اللي جايي، لو بتعرف شو كلّف النصر، اشيا انقالت واشيا ما انقالت وبعدا ورا النصر مخباية".
بترا الصغيرة التي اختطفت هي لبنان الذي اختطف كي لا يصل الى حلمه

اتصال جعل الغربة وطنًا

حجّار التي تركت لبنان جسديًا ولم تفارقه يومًا نفسيًا، تستذكر فرحًا خاصًا أدفأ غربتها عندما اتصلت بالسيدة فيروز ولحسن حظّها انها اجابت وهذا الامر نادر جدًا. تقول حجّار متمنية لو انها سجلت تلك اللحظة التي لن تغيب عن وجدانها: "أجابت وقالت لي، ما الذي تفعلينه في الغربة، مكانك هنا.. وما زلت أفكّر في كلماتها".

وبصدق يبوح بكلماته تقول: "فيروز رأتني بالعمق وعرفتني وعرّفتني على ذاتي رغم الوقت القصير الذي امضيناه على المسرح".
فيروز هي وطني كما هو لبنان
هذا وتطلق مؤسسة الفكر العربي مجلدًا ضخمًا مع 36 كاتباً لشهادات اشخاص عاصروا فيروز.

كيف كسر زياد الابن هذا التوق الى المثالية ليحاكي الواقع بصوت فيروز؟ وما الذي تقوله شاديا حجّار للسيدة فيروز؟

الإجابة في هذه المقابلة في الملف الصوتي أعلاه.

شارك