"كنت أنظف الأبنية نهارًا وأغسل الصحون ليلاً": ما سر الشيف اللبناني الوحيد الحائز على نجمة ميشلان؟

Alan 3.png

A prominent figure on the culinary scene in France, Lebanon’s very own and first Michelin Star chef, Alan Geaam.

من غسل الأطباق ليلًا وتنظيف واجهات الأبنية الشاهقة في باريس نهارًا، اصبح الشيف ألان الجعم أحد أشهر الطهاة في العالم ومصدر الهام لمن حكم عليهم بالفشل بسبب ظروف اوطانهم الفاشلة. هو الذي وصل الى فرنسا مع دَين يلامس 22 ألف دولار، دون شهادة جامعية ودون اتقان الفرنسية، بات اليوم اول شيف لبناني يحصل على نجمة ميشلان الأولى.


ولد في ليبيريا وتركها في الثالثة من العمر هربًا من الحرب ليعود الى مسقط رأسه مدينة طرابلس عاصمة الشمال في لبنان، وهناك دون ان يدري وجد نفسه في مواجهة مع الحرب مرة ثانية ومرارة طفولة لا تتسع للحلم في شوارع طرابلس التي يطلق عليها لقب "أم الفقير".
MicrosoftTeams-image.png
Michelin Star chef, Alan Geaam in an interview with journalists Fares Hassan & Petra Taok on "Good Morning Australia".

طفولة مشبعة بالحب رغم القهر

يعود ألان الجعم الى طفولة غنيّة هي بمثابة نجمة تفوق نجمة ميشلان في وجدانه مع أم كانت وما زالت ملهمته الأولى وأب طبع فيه اتقان الجهد والانضباط وعلمّه ان المستقبل هو لمن يستيقظون باكرًا قبل الشمس.

Chef Alan's mom.png
Chef Alan Geaam with his beloved mother Elham.

يقول الجعم:

"كبرت وانا أرى والدتي تطهو وتستقبل العائلة والجيران ووالدي يستيقظ عند الخامسة فجرًا ليذهب الى متجر السمانة في منطقة الزاهرية".

يتابع قائلًا:
كبرنا وسط الشدة والقهر والبركة وما وصلتُ اليه اليوم يعود الى طفولتي الصعبة في طرابلس
"الأوقات الصعبة جعلتني اختار ان استيقظ كل يوم واعمل أكثر لأحقق احلامًا أكبر"

هو الذي كان يقضي اوقاتًا مع امّه في المطبخ لم يكن يدري ان ذلك جزء من تدريبه المهني ونافذة لسر نجاحه اذ يقول:

" يجب أن تحب الشخص الذي تطهو له وهذا ما لا نتعلمه في المدارس".

 
MicrosoftTeams-image (4).png
Michelin Star chef, Alan Geaa st SBS studios in North Sydney.

سرّ البدايات

بنضج انساني كبير وشفافية يكشف الشيف اللبناني ألان الجعم، عن رحلته الطويلة مع الفشل والذي كان مكونًا اساسيًا في مسيرة نجاحه. ترك الجعم لبنان في عمر 22 سنة في مغامرة الى ارض غريبة بدون تأشيرة ليثبت لوالده انه قادر على النجاح. باءت المغامرة الأولى بالفشل اذ لم يتمكن ان يغادر مطار ميلانو وتم ترحيله الى لبنان عبر براغ.
ولأنه الرجل الذي لا يقبل "لا"، غامر مجددًا ووطأ ارض باريس ليبدأ رحلة شاقة مع الحلم. كان يعمل ل في اليوم ليتمكن من تسديد ديونه. لم تقرع الفرصة بابه، بل هو من اقتحمها اذ يقول:
وصلت الى باريس دون لغة، دون شهادة واية معرفة عن الشعب والثقافة وأوقفت عن العمل أكثر من مرة بسبب عائق اللغة وكنت اطلب فرصة واحدة فقط

وتابع قائلًا:

"لا يمكن تحقيق أي حلم دفعة واحدة وكنت اعمل احيانًا 16 ساعة في تنظيف زجاج الأبنية في النهار الى غسل الاطباق في الليل".

وهو الذي كان معتادًا على الاطباق اللبنانية الشعبية في طرابلس، كان عليه ان يبدأ من تحت الصفر اذ يقول:

"لم أكن اعرف أي شيء عن المطبخ الفرنسي وكان عليّ ان اتعلم الأساسيات من صلصة ال vinaigrette البسيطة الى المايونيز"،

وتابع قائلًا:
لا أملك أي شهادة في الفندقية أو إدارة الاعمال، ولكن تخرجت من مدرسة الحياة مع والدة علمتني الحب والكرم ووالد علمني التدبير والإدارة

وأخيرًا شيف

خطوة خطوة شق طريقه الشاق والثابت نحو الحلم فاستحق ان يكون الشيف ألان بعد ثلاث سنوات من وصوله الى فرنسا عام 2003 فأصبح طاهيًا يجسد كل ما تشرّبه وتعلّمه من والد أسس وأدار مصلحته الخاصة ووالدة ملهمة بمقادر عطائها.
في عام 2007 افتتح مطعمه الأول بعد شراء منزلًا مهجورًا يعود للعام 1407 في فرنسا وأطلق عليه اسم أوبيرج نيكولا فلاميلAuberge Nicolas Flamel ووضع ورقة امام عينيه في مطعمه الأول كتب عليها "هدفي ان ادخل في دليل ميشلان الأحمر، أقدم وأشهر دليل أوروبي للفنادق والمطاعم، دون ان يدري انه سينال نجمة بعد 18 سنة.

ومن تلك البداية اتسعت دائرة الضوء والمطعم بات سلسلة مطاعم عريقة، وفي عام 2020 افتتح مطعمه الصغير الفرنسي اللبناني "قصتي" او Qasty .

لقد طوّر الجعم نفسه وشكّل هويته في الطهو من خلال إعادة النظر في كلاسيكيات المطبخ الفرنسي ودمجها مع الأذواق والنكهات اللبنانية
فاستحق نجمة ميشلان عن جدارة وهي جائزة موجودة في عالم الضيافة منذ أكثر من قرن لتصبح رمزًا للجودة والتميز في مجال المأكولات والمطاعم.
Chef alan.png
Chef Alan Geaam with his wife Chloe and his children Enzo, Margaux & Lea

اخترق المطبخ الفرنسي
لم يبق ابن الأحياء الطرابلسية الشعبية في دائرة الأمان مع المطبخ اللبناني التقليدي، بل أراد ان يتميز في المطبخ الفرنسي العريق والفاخر.
يقول الجعم:

"احترم المطبخ الفرنسي والثقافة الفرنسية ولم اتجرأ على مزج المطبخين الفرنسي واللبناني الا بعد 20 سنة"
 
ويتساءل قائلًا:

كيف لألان عزّام الجعم الآتي من المنطقة الشعبية في طرابلس ان يذهب الى باريس ويدرس فن الطهو وكأنني أصعد جبل افرست دون عِتاد
واما عن المطبخ الأسترالي فيقول:

" إن تاريخ استراليا حديث والمطابخ العريقة في العالم تعكس تاريخ الشعوب، ولكن ما يميّز استراليا هو غنى ثمار البحر وألذ لحم غنم في العالم هو اللحم الأسترالي"،

قمت بزيارة سوق السمك وأسواق سيدني وذهلت
الجعم الذي يهرب من الحديث عن النجاح ويتمسك بالواقعية والتواضع، ينظر الى الوراء فيقول:

" واجهت في حياتي الكثير من القهر وخلف كل هذا النجاح الذي حققته الكثير من الفشل"

ماذا يقول عن ألان الزوج والأب؟ من له الكلمة الأخيرة في مطبخ البيت العائلي هو ام الوالدة؟ وكيف حمل ارثه وتاريخه الى المطبخ الفرنسي؟

الإجابة مع الشيف ألان الجعم في الملّف الصوتيّ أعلاه.

استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.

أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك وتويتر وانستغرام.

اشتركوا في قناة SBS Arabic على YouTube لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.


شارك