وصفت هيئة مراقبة الشكاوى التابعة للولاية هذه الظروف بأنها لا تتوافق مع قانون وميثاق حقوق الانسان المتبعين في الولاية.
وتم نشر إشعار التسوية للدعوة الجماعية التي تقدم بها السكان على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة، بانتظار أن توافق عليه المحكمة العليا.
وكان هناك حوالي 3,000 مقيم في أبراج Flemington وNorth Melbourne وقت الإغلاق الذي قامت خلاله الشرطة بتطويق المباني بالأسوار المؤقتة حيث زعم السكان بأنهم احتجزوا ظلماً ولم يُسمح لهم بمغادرة الأبراج لمدة 14 يوم.
وعلى الرغم من نفي حكومة الولاية ارتكاب أي مخالفات، الا أنها اقترحت حل المسألة من خلال تسوية مالية ومن دون اللجوء للمحاكم.
وُيقترح أن يتم تقسيم الأموال بين السكان الذين اختاروا الموافقة على عرض التسوية بحيث يحصل كل منهم على حوالي 1,600 دولار.
A general view of a Flemington apartment building on Racecourse Road in Melbourne, Sunday, August 8, 2021. Source: AAP / LUIS ASCUI/AAPIMAGE
التسوية هذه بالنسبة لي غير مقبولة على الاطلاق.ياسين موسى
"بحكم عملي هناك ومن أول لحظة شهدت على معاناة العائلات. هذا المبلغ الذي تعرضه الحكومة يعد زهيداً جداً وبالكاد يوفر التبضع لمرة أو مرتين لحاجيات العائلات خصوصاً في ظل غلاء المعيشة".
ويضيف موسى أن السكان الذين جاء الكثير منهم من بلدان مروا فيها بظروف حياتية مروعة، أفقدتهم الإحساس بالأمان الذي جاؤوا يبحثون عنه في أستراليا.
"لم يعد هناك ثقة، لقد فقدوا الإحساس بالأمان بسبب ما حصل معهم".
"نحن كمتطوعين وقادة مجتمعات مختلفة ناشطين في المنطقة، لطالما كنا نعمل ونتعاون مع الشرطة ودائرة الهجرة ودائرة التعددية الثقافية ودائرة الصحة ولم نشهد أي اضطهاد منهم للسكان من قبل مع هذه المنطقة".
وتقول السيدة هانية محمود وهي من المقيمين في أبراج منطقة Flemington إن معظم السكان في هذه الأبراج يتحدرون من خلفيات مهاجرة ولاجئة.
Residents of a Flemington apartment line up to be tested for COVID-19 at a pop up facility in Melbourne, Sunday, August 8, 2021. Source: AAP / LUIS ASCUI/AAPIMAGE
وكان قد تم الإعلان عن الإغلاق خلال مؤتمر صحفي في 4 يوليو/تموز عام 2020، مما ترك العديد من السكان غير مدركين للأمر حتى وصول الشرطة وتطويقها للمكان.
ومن هنا وجد تحقيق تولته محققة الشكاوى في الولاية Deborah Glass، أن فورية الإغلاق لا تستند إلى نصيحة صحية مباشرة وتنتهك حقوق الإنسان بما في ذلك حقهم في المعاملة الإنسانية وحرمانهم من الحرية.
الضرر الناجم عما قامت به الحكومة كبير جدا من عدة نواحٍ. هناك الناحية العنصرية لأنهم اختاروا الأبراج التي يقطنها سكان يتحدر معظمهم من بلدان أفريقية وآسيوية ولم يختاروا أبراجا أخرى.ياسين موسى
"لم تقم الحكومة بالتحدث مع قادة المجتمع هناك كما عودتنا، بل قامت بمفاجأة الجميع عبر إرسال أكثر من 350 عنصراً من الشرطة لتغلق المنطقة بأكملها بغتة - الأمر الذي منع البعض من العودة إلى منازلهم أو الخروج منها".
من ناحيتها قالت السيدة هانية محمود إن الأطفال كانوا يشعرون برعب شديد.
"كيف على الأطفال أن يمتصوا صدمة أن الشرطة تحتجزهم في منازلهم، في أستراليا في القرن الحادي والعشرين؟ هذا غلط فادح".
"ربما ظنوا أننا مهاجرين ولاجئين نتعاطى المخدرات والكحول لنعامل بهذه الطريقة. ستبقى هذه التجربة بمثابة نقطة سوداء خالدة في حياة الأطفال وأمهاتهم".
في حين أن التسوية لا تتضمن اعتذارًا من الحكومة، إلا أن السيد ياسين موسى يعتقد بأنها خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة والتماثل للشفاء من الصدمة النفسية التي تسبب بها الاغلاق.
"الاعتذار يعد الخطوة الأولى في رحلة الشفاء من الصدمة بالنسبة لهؤلاء السكان".
ان لم يقدم الاعتذار فان الطرف الثاني لا يعترف بما وقع عليه من ذنب. وفي ظل عدم الاعتذار تصبح الجريمة جريمتين بالنسبة للسكان.ياسين موسى
وتضيف السيدة هانية أن أغلبية السكان يرفضون هذه التسوية مع الحكومة ويريدون الحصول على الاعتذار أولا ومن ثم تسوية مالية أكبر تتوافق مع تكاليف المعيشة والعلاج النفسي الباهظة في أستراليا.
"كلامي من البداية وحتى الآن كان وسيظل أننا نريد الاعتذار أولاً لنستطيع المضي قدماً في رحلة الشفاء النفسي. معظم السكان الآن يعانون من اضطرابات في الصحة النفسية التي تتطلب رحلة علاج طويلة".
"مبلغ التسوية الذي سيوزع على السكان لن يكفي لنفقات العلاج النفسي الذي سيحتاجه السكان. لذا نحن نرفض هذه التسوية ونطالب بالاعتذار أولا ومن ثم رفع قيمة التعويض المادي".
من ناحيته يقول السيد عز الدين دينج الذي كان أحد المتطوعين الذين قدموا المساعدة للسكان ولبعض افراد عائلته الذين يعيشون في أحد الابراج خلال الازمة، إنه يقف عاجزاً عن مساعدة قريبته التي لم تعد قادرة على الخروج من المنزل بعد الاغلاق لاستكمال دراستها الثانوية والجامعية خوفا من أن تقوم الشرطة بفرض إغلاق آخر عليهم في أي لحظة.
"قريبتي التي كانت من المفترض أن تنهي الصف الثاني عشر في عام 2020 محطمة بالكامل. لم تعد تستطيع الدراسة أو التركيز لأنها لم تستطع بعد أن تخرج من الصدمة النفسية التي تعرضت لها ذلك العام".
"الأزمة النفسية هذه امتدت لتشمل أمها واخوتها أيضاً. لم نر أي تغيير في حالتها على مر السنوات الماضية".
"تمنى أن تفتح قلبها لنا وتخرج عن صمتها".
ويضيف السيد موسى: "الضرر الذي حصل لهم مادي معنوي ونفسي. من يستطيع أن يعوّض هذه الفتاة عن مستقبلها الذي تحطم؟ حتى لو قدّمت لها مليون دولار لن تستطيع أن تعيدها كما كانت".
"من سيستطيع تعويض العريس الذي مُنع من الخروج لحضور يوم زفافه؟ نفسيته تحطمت منذ ذلك الحين. وماذا عن الأم التي لم تستطع الخروج لإرضاع طفلها حديث الولادة الراقد في المستشفى؟ كيف تستطيع أن تعوّض هؤلاء الناس بمبلغ زهيد بعد كل ما حصل لهم"؟
استمعوا إلى المقابلة كاملة في الرابط الصوتي المرفق أعلاه.
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على