خلال العام الماضي كان محمد عادل يتناول إفطار رمضان في سيارته أثناء عودته للمنزل، فالشهر الكريم تزامن مع زيادة كبيرة في العمل للمهاجر المصري الموظف في شركة أوراكل للتكنولوجيا.
ومع غياب تجمع الأسرة المعتاد حول الإفطار، كان الذهاب للمسجد هو ما يُشعِر عادل بحلول شهر رمضان، يقول: "لم يكن هناك شيء يميز رمضان عن أي وقت من العام إلا التزامي بصلاة التراويح. العام الماضي كنت أصلي في ضاحية راوز هيل، كان أمراً جميلاً لأن الأعداد كانت كبيرة و كنت أقابل العديد من المعارف بعد الصلاة."هذا العام يستقبل المسلمون شهر رمضان في ظل انتشار وباء كورونا حول العالم، الفيروس أجبر المساجد على إغلاق أبوابها بسبب قواعد التباعد الاجتماعي، وبالتالي ستلغى صلاة التراويح في رمضان هذا العام، القرار أصاب عادل بخيبة الأمل: "شعرت بالضيق لإلغاء الصلوات بسبب التباعد الاجتماعي، ستصبح أيام رمضان شبيهة بغيرها."
Egyptian migrant Mohamed Adel who lives in Sydney. Source: Supplied
يشعر د.إبراهيم أبو محمد مفتي عام أستراليا ونيوزيلندا بأن إغلاق المساجد ترك فراغاً عند المسلمين، ويقول: "عندما نحرم من المسجد فهذا فَقدٌ كبير جداً."
لكن د.أبو محمد يطالب المسلمين بالالتزام بتعليمات منع التجمع والتباعد الاجتماعي: "نحن محرومون من المساجد إلتزاماً بأمر ديني: فمن مقاصد الشريعة (الإسلامية) حماية النفس البشرية أولا."مع إغلاق المساجد بدأت دار الإفتاء في أستراليا في تجربة بعض وسائل التكنولوجيا الحديثة للتواصل مع المسلمين في أستراليا، فمنذ بداية انتشار الوباء يقدم مفتي أستراليا درساً دينيا بعد موعد صلاة الجمعة يذاع على برنامج زووم للاتصالات، لكن البرنامج له حد أقصى في عدد المشاركين لا يتخطى الألف.
سماحة مفتي استراليا الدكتور إبراهيم ابومحمد Source: AAP
في رمضان يخطط المفتي لمزيد من التواصل على شبكة الانترنت، ويقول: سيكون لدينا درسين يومياً، درس قبل المغرب عن طريق زووم والفيسبوك وإذاعة القرآن الكريم، ومحاضرة يومية بعدما نصلي التراويح في البيوت."
بسبب انتشار العدوى نفذت بعض الكنائس الكاثوليكية تجربة بث شعائر الصلوات في عيد الفصح الماضي على شبكة الإنترنت، ودعت رواد الكنيسة للمشاركة عن بعد، فهل يفكر المسلمون في تجربة مماثلة يُسمح فيها بصلاة الجماعة خلف إمام يصلي بهم عن بعد يرونه في التلفزين أو على الإنترنت؟
يقول د. أبو محمد إن الظروف الحالية طرحت هذا السؤال على كل المؤسسات الإسلامية ودور الفتوى حول العالم، ولكن رُفِضت الفكرة للسبب الذي يوضحه المفتي: "لا تجوز صلاة الجماعة في المنزل خلف إمام على الإنترنت، أو على التلفزيون لأن من شروط الإمامة أن يكون هناك اتصال مباشر لا عن طريق وسائط، ما بين الإمام والمأموم."يتفق الشيخ حبيب الشاهر، إمام وخطيب مسجد الإمام علي في منطقة فوكنر بملبورن والذي يصلي به المسلمون الشيعة، يتفق مع مفتي أستراليا في عدم صلاحية صلاة الجماعة خلف الإمام في التلفزيون أو على شبكة الإنترنت، لكنه يضيف بعداً جديداً للنقاش الذي يصفه بـ "المثير للجدل" ويقول: "يجوز المتابعة مع الإمام في التلفزيون دون نية الجماعة لأن صلاة الجماعة لها أحكام (...) لكن يمكن أن يرى إنساناً يصلي على التلفاز، فيؤدي معه الحركات، يقرأ معه دون إقامة صلاة الجماعة، دون نية الجماعة، يجوز ذلك، أن ينوي الصلاة فرادى ويتابع الإمام بالقراءة والركوع والسجود، دون نية الجماعة."
Shiekh Habib Al-Shaher Source: YouTube
أما عن رمضان، فيستعد مسجد الإمام علي بفوكنر لإذاعة الدروس والمحاضرات أيضا عن طريق بثها على شبكة الإنترنت. فهل يرضي المسلمون الذين اعتادوا الصلاة في المسجد في شهر رمضان؟
يقول عادل إن ما تقوم به المؤسسات الإسلامية "جهد مشكور" وأنه سيجرب حضور الدروس الدينية ليوم أو يومين ليرى ما إذا كانت مفيدة، لكنه يستدرك مؤكداً على أهمية أداء الصلاة في جماعة: " الإحساس برمضان متمركز حول الصلاة، سواء صلاة التراويح أو صلاة القيام. هذا أكثر شيء يحسسني (برمضان) وفيها الصلة مع الله."