"الى طفلي الذي لم ألده": كيف تنادي د. علا غنوم أمومة أبعد من الجسد؟

shared image.jfif

Professor of Plant Science at the Hawkesbury Institute for the Environment (HIE) and Discipline Lead for Biological Sciences at Western Sydney University (WSU) Dr Oula Ghannoum with her late mother Salimeh & father Abdel Aziz back in Australia.

لم تلده طفلًا بين ذراعيها ولكنها ولدت فيه ومنه وهو الذي لم يولد. لم يبصر النور في إيقاع ساعة بيولوجية سريعة ترسم ملامح خصوبة جسدية وتغفل عن تلك الخصوبة النفسية والروحيّة. تقف د. علا غنّوم اليوم امرأة ملء زمنها على قارعة الوقت والمرض الذي فتك بجهاز مناعتها، لتعانق امومتها التي لم تكتمل في احتفال ترابها، وفي قلب توقها تناجي طفلها الذي لم يولد وتستغفره حُبًّا وشوقًا.في عيد الأم الذي تحتفي به استراليا في الأحد الاول من شهر أيار/مايو، كيف تتوجه علا لكل امرأة لم تنجب؟ ما الذي ستبوح به الامرأة الكاملة في امومة ناقصة؟ وهل الأمومة أبعد من عرس الجسد؟ الإجابة مع الباحثة في علم النّبات في جامعة غرب سيدني د. علا غنّوم في الملّف الصوتيّ أعلاه.


shared image (5).jfif
Dr Oula Ghannoum blows off her 2nd candle in Tripoli, Lebanon in 1878 "before war & illness changed everything" as she says.

" لم أَلِد ولم تولد
ما قَُدِّر لك أن تأتي
شَقّ علي جسدي السقيم حملك
فبقيت وعدًا مؤجلًا
نذرًا لم يُوَفى
بسملةً لم يَتْبعها صلاة

لم أملِك إلا نصف‬ تكوينك
فلبثتَ بذرةً خاملة
لم تتشبث بجدران حوضي
لم تَتَكور في أحشائي
لم تسبح في مائي
لم تمزق غشائي
لم تدميني
لا أثر لإنعتاقك على جلدي
لم يمتزج طلاؤك بعَرَقي
لم أنتشي برائحتك الطازجة
لم ينضج ثدياي لأرضعك
بقيا ثمرتين مُرتين بلا نسغ

لن أضعك على كتفي وأسند عنقك الرخو برأسي
لن أقبل وجنتيك أو امسك يديك الصغيرتين
لن أداعب قدمك الطرية وأطرب لزقزقتك
لن تشد اناملك الرقيقة على إبهامي حين تنام على صدري
لن اسهر الليالي أقيس حرارتك بشفتي وأتضرع كي تشفى
لن اهدهدك بين ذراعي وأدور بك الشوارع كي تنام
لن أحضر لك الطعام
لن أتفرج عليك حين تلعب مع أقرانك أيام السبت، أصفق لك حين تفوز و أواسيك حين تخسر
لن أساعدك في الفروض المدرسية أو أحضر تخرجك
لن ارتب عرسك أو أرعى اولادك حين تذهب الى العمل

اتخيلك
أتسائل كيف كان يمكن ان تكون
صحيحًا، مريضًا، ذكيًا، كسولًا
جميلًا، حنوناً، أتُشبهني؟
لن أعرف ملامحك أبدا
أحيانًا أجدني أصحبك إلى المدرسة، أوصيك بتناول غدائك، أو أتحدث عنك مع أصدقائي.
إن حدّقت، أرى طيفك.
إن أصغيت، اسمع نداءك.
أعتذر منك
وهبتني الحياة القدرة على صنعك
فكنتُ إلَهَةً خائبةً
لم أُحضِرك إلى هذا العالم
حرمتك من تحقيق ذاتك
من استكشاف نفسك
أنت يا من كنت قطعة مني وأدتها مع أحلامي المنسية.
اسقطتك على سلم أولوياتي، أضعتك في المطارات بين أسفاري، في سعي المحموم الى القمة.
الآن اعرف، اعترف
فشلت أن أحقق ذاتي دونك. سامحني
كنت جاهلة
خشيت عليك من الموت فجنبتك الحياة
أشفقت من حمل مسؤوليتك
خفت أن أنوء بحملك
أن أفقد بصري كاملًا فلا أعتني بك
الآن ادركت أنك أثمن من بصري
كان يجب أن أثق بالحياة و بك،
أن امنحك الفرصة كي تمنحني المعنى عوضًا عن البصر
لعلك تكون سندي، قويًا تعتني بنفسك و بي.
لا أثر لي من دونك. أرحل بلا ذكرى. مسافرة وحيدة إلى المحطة الاخيرة.

أحببتك دون ألدك
وزعت حبي لك بين أطفال العالم
لعبت معهم كأني ألعب معك.
حنوت عليهم كأنهم انت.
رأفت بأمهاتهم كأنهن انا.

يا طفلي الملغى، سامحني كي أسامح نفسي
لو أستعيد الخَصْب، لوهبتك الحياة لأكمل نفسي
وإن لم أستطع، اودعتك رحماً أخراً كي يلدك.
لو عاد بي الزمن، لتمسكت بك.
لو خُيرت ثانيةً، سأكون أمك"

د. علا غنّوم


شارك