في أغسطس/آب 2006، وبعد 34 يومًا من القتال العنيف بين حزب الله وإسرائيل، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار 1701.
وقد شكلت هذه الوثيقة لحظة محورية في الصراع، حيث دعت إلى إنهاء الأعمال العدائية وهدفت إلى تهيئة الظروف لوقف إطلاق نار دائم.
ولكن ما الذي أدى إلى هذا القرار، ولماذا صدر، وكيف استقبلته الأطراف المختلفة؟
الأحداث التي أدت إلى القرار 1701
بدأ الصراع الذي سبق القرار 1701 في 12 يوليو/تموز 2006، عندما شن حزب الله غارة عبر الحدود إلى شمال إسرائيل. وخلال هذه الغارة، أسر حزب الله جنديين إسرائيليين، وفي تبادل إطلاق النار الذي أعقب ذلك، قُتل ثمانية جنود إسرائيليين.
ردت إسرائيل من خلال غارات جوية على مواقع حزب الله في جنوب لبنان، في حين أطلق الحزب صواريخه على شمال إسرائيل.
وقد أسفر الصراع الذي دام 34 يوماً عن خسائر كبيرة في الأرواح على الجانبين.
فقد قُتل أكثر من 1100 مدني لبناني، ونزح ما يقرب من ثلث سكان لبنان. وعلى الجانب الإسرائيلي، قُتل 43 مدنياً و121 جندياً، وتعطلت الحياة في شمال إسرائيل بسبب الهجمات الصاروخية اليومية.
وتسببت الحرب في تدمير هائل للبنية الأساسية في لبنان، وأثارت العمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك الغارات الجوية على بيروت، قلقاً دولياً. وتصاعدت الدعوات إلى وقف إطلاق النار الفوري مع تفاقم الأزمة الإنسانية، وحثت الأمم المتحدة على التدخل.
لماذا تدخل مجلس الأمن؟
كان تدخل مجلس الأمن مدفوعاً بمزيج من الضغوط الدولية والإلحاح على استقرار الوضع المتدهور بسرعة. وقد أدركت العديد من البلدان، بما في ذلك القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، أن الصراع لا يهدد لبنان وإسرائيل فحسب، بل وأيضاً الاستقرار الإقليمي. كان هناك خوف من أن تمتد الحرب إلى الدول المجاورة أو تؤجج التوترات على نطاق أوسع في الشرق الأوسط.
لعب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان دوراً هاماً في الدفع نحو التوصل إلى حل دبلوماسي. ونظراً لحجم الخسائر بين المدنيين والأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية، فقد أراد المجتمع الدولي منع المزيد من التصعيد.
في الحادي عشر من أغسطس/آب 2006، وبعد مفاوضات مكثفة، أصدر مجلس الأمن القرار 1701، الذي كان يهدف إلى وضع حد للقتال وإرساء الأساس لسلام مستدام.
LISTEN TO
رجل انقسم حوله العالم: الوجوه المتعددة للسيد حسن نصر الله
SBS Arabic
04/10/202409:05
كانت النقاط الرئيسية للقرار على النحو التالي:
· وقف إطلاق النار: دعا القرار إلى "وقف كامل للأعمال العدائية"، مطالباً حزب الله بوقف جميع الهجمات وإنهاء إسرائيل لعملياتها العسكرية الهجومية.
· انسحاب القوات الإسرائيلية: طُلب من إسرائيل سحب قواتها العسكرية من جنوب لبنان بالتوازي مع نشر القوات اللبنانية وقوات الأمم المتحدة.
· تعزيز قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل): دعا القرار إلى تعزيز قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، مع تفويض موسع للمساعدة في تنفيذ وقف إطلاق النار، ومراقبة وقف الأعمال العدائية، وضمان أمن جنوب لبنان. وتمت زيادة قوة اليونيفيل إلى 15 ألف جندي.
· حظر الأسلحة: كان أحد العناصر الرئيسية في القرار هو دعوته إلى نزع سلاح حزب الله ومنع بيع الأسلحة للجهات الفاعلة غير الحكومية في لبنان.
· دعم سيادة لبنان: أكد القرار على الحاجة إلى قيام الحكومة اللبنانية ببسط سيطرتها على جميع الأراضي اللبنانية، وهو ما يعني إضعاف نفوذ حزب الله وقوته العسكرية في الجنوب.
كيف استجابت الأطراف المختلفة؟
لقد قوبل تبني القرار 1701 بردود فعل متباينة من اللاعبين الرئيسيين المشاركين في الصراع.
رحبت إسرائيل بالقرار ولكنها أعربت عن تشككها في استعداد حزب الله للامتثال له. واعتبرت الحكومة الإسرائيلية القرار انتصاراً دبلوماسياً لأنه دعا إلى نزع سلاح حزب الله وتقييد نقل الأسلحة إلى الحزب.
أعرب حزب الله في البداية عن تحفظاته. فقد قبل الحزب وقف إطلاق النار ولكنه لم يوافق على نزع سلاحه أو الانسحاب من جنوب لبنان. وفي حين رحب حزب الله بوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية، فقد انتقد بعض جوانب القرار التي سعت إلى الحد من قدراته العسكرية.
أيدت الحكومة اللبنانية القرار ورأته خطوة ضرورية نحو استعادة السيادة والاستقرار في جنوب لبنان. كما أيد المجتمع الدولي القرار على نطاق واسع. ولعبت فرنسا والولايات المتحدة دوراً فعالاً في صياغة لغة القرار.
بعد اعتماد القرار 1701، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 14 أغسطس/آب 2006. ورغم وقوع مناوشات متفرقة بعد وقف إطلاق النار، فقد توقف القتال على نطاق واسع بين حزب الله وإسرائيل. وانتشر الجيش اللبناني، بدعم من قوات اليونيفيل، في جنوب لبنان، واستولى على المناطق التي كانت تحت سيطرة حزب الله في السابق. وفي الوقت نفسه، أكملت إسرائيل انسحابها من جنوب لبنان بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2006.
ومع ذلك، لم تتحقق بعض الأهداف الأساسية للقرار، مثل نزع سلاح حزب الله، بشكل كامل. فقد احتفظ حزب الله بأسلحته وحافظ على نفوذه في جنوب لبنان. وظل هذا يشكل نقطة خلاف، وخاصة بالنسبة لإسرائيل، التي تنظر إلى حزب الله باعتباره تهديدًا مستمرًا.
كان القرار 1701 أداة دبلوماسية هامة لتحقيق سلام رآه البعض هشا بعد حرب لبنان عام 2006. ورغم نجاح القرار في إنهاء القتال وتسهيل نشر قوات حفظ السلام الدولية، فإن فعاليته على المدى الطويل في معالجة الأسباب الجذرية للصراع أصبحت محل شك خاصة بعد اشتعال الحرب من جديد في لبنان. وفي ظل تدهور الأوضاع في المنطقة يتساءل الكثيرون: هل ما زال القرار 1701 نقطة مرجعية رئيسية في مناقشات السلام والأمن في الشرق الأوسط؟