تغير المناخ: أزمة وجودية أم تهديد يمكن احتواؤه؟
مع تصاعد القلق العالمي بشأن تداعيات الاحتباس الحراري، تبدو أستراليا في موقع متقدم على خط المواجهة مع الظواهر المناخية المتطرفة. فبحسب التوقعات، فإن استمرار عمليات استخراج الفحم والنفط والغاز سيؤدي إلى موجات حر أكثر شدة وطولًا، الأمر الذي قد يجعل البلاد واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالتغيرات المناخية.
لمناقشة هذه القضية، التقينا بالخبير البيئي الدكتور فؤاد عبو، الذي قدم رؤية تحليلية تستند إلى المعطيات العلمية الحالية حول تأثيرات تغير المناخ في أستراليا والآفاق المستقبلية لهذه الأزمة.

المستشار والخبير البيئي الدكتور فؤاد عبو Credit: Fouad Abo
التوقعات المناخية: بين العلم والاحتمالات المتغيرة
عند سؤاله عن مدى دقة التوقعات المناخية الواردة في التقارير الأخيرة، أكد د. فؤاد عبو أن العلم لا يعمل وفق مسلمات ثابتة، بل يتطور استنادًا إلى الأبحاث المستمرة والبيانات المتغيرة. وأوضح أن السيناريوهات المطروحة قد تتبدل تبعًا للسياسات البيئية المتبعة والتطورات التقنية في مجالات الطاقة والاستدامة.
لماذا تُعد أستراليا من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ؟
يشير د. عبو إلى أن أستراليا ليست بالضرورة الدولة الأكثر تأثراً بالاحتباس الحراري، ولكن طبيعتها الجغرافية والمناخية تجعلها عرضة بشكل خاص لارتفاع درجات الحرارة. فبمساحاتها الواسعة ذات المناخ الجاف، وتأثرها بأنماط التيارات البحرية في القطبين، تصبح أستراليا بيئة خصبة لاضطرابات مناخية قد تتفاقم مستقبلاً.
الوقود الأحفوري: هل هو المتهم الرئيسي؟
يربط التقرير بين استمرار استخراج الفحم والنفط والغاز وتفاقم موجات الحر، لكن د. عبو يرى أن من الضروري التمييز بين التلوث والانبعاثات الحرارية. فبينما تساهم بعض الغازات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري في تغير المناخ، فإن تحديد مدى تأثيرها يحتاج إلى دراسات أكثر دقة، خصوصًا في ظل غياب بيانات شاملة توضح العلاقة المباشرة بين هذه الأنشطة وظواهر الطقس القاسية في أستراليا.
التداعيات الصحية: الأطفال وكبار السن في دائرة الخطر
مع ازدياد موجات الحر، تزداد المخاوف حول التأثيرات الصحية، خصوصاً على الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال وكبار السن. ورغم وجود تقارير تشير إلى زيادة المخاطر الصحية، إلا أن د. عبو يؤكد على أهمية توفر إحصاءات دقيقة حول تأثير الحرارة المرتفعة على معدل الوفيات والأمراض. كما شدد على أن مستوى الدخل، ومدى توافر الرعاية الصحية، يلعبان دورًا رئيسيًا في تحديد مدى تأثر السكان بهذه الظواهر المناخية.
LISTEN TO

"الطماطم المخلل" يُزيّن صفحات أشهر مجلة طعام أسترالية والفضل لمهاجرة مصرية
SBS Arabic
27/02/202508:03
تحقيق التوازن بين الاقتصاد والاستدامة البيئية
في ظل النقاشات المستمرة حول تغير المناخ، تبرز معضلة التوفيق بين الحاجة إلى التنمية الاقتصادية ومتطلبات الاستدامة البيئية. ويرى د. عبو أن الحل لا يكمن في الإقصاء التام للوقود الأحفوري، وإنما في تطوير سياسات بيئية متوازنة تعزز الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.
دور الأفراد والمجتمع المدني في مواجهة الأزمة
يشدد د. عبو على أن الوعي البيئي يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من الحل، معتبرًا أن التثقيف البيئي المبكر، بدءًا من المراحل الدراسية، يمكن أن يساهم في بناء جيل أكثر إدراكًا لأهمية الحفاظ على البيئة. كما أشار إلى ضرورة إبقاء قضايا المناخ خارج التجاذبات السياسية، لضمان اتخاذ قرارات مستدامة تعتمد على الأدلة العلمية، وليس على الاعتبارات الانتخابية أو الأجندات الحزبية.