يُعد هذا الإعلان أول اعتراف علني من واشنطن بوجود اتصال مباشر مع هيئة تحرير الشام، وهي الفصيل الذي لا يزال مصنفًا كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة. وأشار بلينكن إلى أن التواصل تم في إطار قضية الصحفي الأمريكي المفقود، أوستن تايس، الذي اختفى في سوريا منذ عام 2012.
ورغم عدم مشاركة هيئة تحرير الشام في الاجتماعات التي عُقدت في الأردن، إلا أن الحديث عنها كان حاضرًا بقوة، حيث تتسابق الأطراف الإقليمية والدولية لفهم دور الهيئة في المرحلة الانتقالية المقبلة في سوريا.
في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة: "هناك تحول لافت في موقف الولايات المتحدة من الهيئة. للمفارقة، ما زال زعيمها، أبو محمد الجولاني، على قائمة المطلوبين من قبل واشنطن، حيث رصدت 10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، ولكن اليوم نحن أمام مشهد جديد، والولايات المتحدة تتعامل مع الهيئة كما تعاملت مع حركة طالبان."
وأضاف السبايلة: "الإدارة الأمريكية لديها رغبة في التعامل مع الواقع، وهذه المنظمات موجودة على الأرض. اليوم نحن في ظل مشهد ضبابي، وتحقيق قبول دولي لهيئة تحرير الشام يفتح باب التساؤلات."
من جانبه، أكدت هيئة تحرير الشام في بيان لها أن الصفقة ممكنة إذا توقفت إسرائيل عن وضع شروط جديدة، مشيرة إلى أن المفاوضات جادة وتسعى الأطراف المعنية لتحقيق اتفاق قريب يضمن إطلاق سراح الرهائن في مقابل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وفي هذا السياق، أشار بلينكن إلى أن المفاوضات تدور حول "كل كلمة"، في وقت تستمر فيه الجهود الدولية لتحقيق توافق بشأن مستقبل سوريا.
القلق الإقليمي: المخاوف من الفوضى
فيما يخص الحضور الإقليمي في هذه المحادثات، قال وزير الخارجية الأردني إن الدول الإقليمية قلقة من أن تتدهور الأوضاع في سوريا إلى الفوضى، كما حدث في مناطق أخرى من الشرق الأوسط. وأعرب عن رغبة هذه القوى في تجنب استمرار النزاع في سوريا وتحقيق انتقال سياسي سلمي. في نفس السياق، أبدى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مخاوفه من تكرار سيناريو ليبيا، حيث أدى سقوط نظام القذافي إلى سنوات من الفوضى وعدم الاستقرار.
أما وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، فقد شدد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، مؤكداً أن المرحلة الانتقالية يجب أن تضمن عدم استغلال التنظيمات الإرهابية للوضع السياسي في البلاد. وأضاف فيدان أن "المرحلة الانتقالية يجب ألا تسمح للإرهاب باستغلالها"، داعيًا إلى تنسيق الجهود بين الدول الإقليمية والدولية لتفادي الأخطاء التي ارتُكبت في الماضي.
الموقف الدولي: من التعامل مع الواقع إلى البحث عن حلول سياسية
تعتبر تصريحات بلينكن والإعلان عن الاتصالات المباشرة مع هيئة تحرير الشام مؤشرًا على تحول في الاستراتيجية الأمريكية، حيث يبدو أن واشنطن قد بدأت في تبني نهج أكثر واقعية في تعاملها مع الوضع السوري. فقد أدركت الولايات المتحدة صعوبة تجاهل الفصائل المؤثرة على الأرض، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال غرب سوريا.
LISTEN TO
الفنان دريد لحام: "فروع مخابرات الأسد كانت أكثر من المدارس في سوريا"
SBS Arabic
15/12/202407:03
وفي هذا الإطار، أضاف الدكتور عامر السبايلة: "تهدف محاولات الصحافة الغربية إلى تصوير الجولاني على أنه مختلف ومنفتح وسيقود مشروعًا ديمقراطيًا إسلاميًا، ولكن هناك بنية أيديولوجية. عندما دخل دمشق، اختار الظهور في المسجد الأموي وقال إن ما حدث نصر للأمة الإسلامية. رئيس الوزراء الذي اختاره أيضًا ظهر في المسجد الأموي في عباءة، وهذا أعطى انطباعًا أنه يمثل أيديولوجيا وليس برنامجًا سياسيًا."
المرحلة المقبلة: تصاعد الدعوات للتنسيق الدولي
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث يواجه الشعب السوري تحديات كبيرة في بناء مستقبل سياسي جديد يضمن الاستقرار والوحدة. وقد دعا المراقبون إلى ضرورة تأسيس نظام حكم يعبر عن جميع أطياف الشعب السوري، بعيدًا عن الإقصاء والتهميش. كما تصاعدت الدعوات للتنسيق بين القوى الإقليمية والدولية لضمان انتقال سياسي سلمي ومستقر يحفظ وحدة سوريا ويمنع التدخلات الخارجية من تعميق أزمتها.
استمعوا إلى اللقاء مع د. عامر السبايلة في الملف الصوتي أعلى الصفحة.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على
