في المهجر، حيث التقاليد تختلف والمجتمع أكثر تنوعًا، يُطرح سؤال كبير: كيف يحتفظ الإنسان بهذه الطقوس؟ كيف يُعيد خلقها في بيئة جديدة؟
غادة أبو جابر، سيدة أردنية أسترالية، تعرف الإجابة من تجربتها الشخصية. وصلت إلى سيدني عام 1986، برفقة ثلاث بنات صغيرات، وأنجبت لاحقاً ابنها في أستراليا. كانت بداية الغربة، كما تقول، مليئة بالتحديات، لكن الإصرار على الحفاظ على الإرث الثقافي والديني كان أقوى من المسافات.
تقول غادة: "أحنّ دائماً إلى أجواء العيد في عمّان، حيث العلاقات بين الناس أكثر دفئاً، والجيران أقرب من الأهل أحياناً. كان العيد يشمل الجميع، وكانت الزيارات متبادلة، والفرح مشتركاً بين البيوت."
وتُضيف: "ما زلت ملتزمة بحضور قدّاس الأحد كل أسبوع، وأحرص على الصوم الكبير مع عائلتي. هذه الممارسات ليست مجرد عادات، بل هي استمرارية لرسالة والديّ وأجدادي، وهي ما يعطي لحياتي في المهجر بُعداً روحياً عميقاً."
ورغم تغير المكان، لم تتخلَّ غادة عن فرح العيد، بل خلقته من جديد مع أبنائها وأحفادها. واليوم، وقد أصبحت جدة لثمانية أحفاد، تروي كيف باتت تحتفل بعيد الفصح معهم بطريقتها الخاصة، التي تمزج فيها بين تقاليد المشرق وأجواء أستراليا المتنوعة.
"أشعر بفرح كبير حين أحتفل بعيد الفصح مع أحفادي. نقيم لهم لعبة البحث عن بيض العيد في الحديقة، ونُعدّ معهم الحلويات. أرى السعادة في عيونهم، وأشعر أنني أزرع فيهم حب الطقوس التي نشأت عليها، ولكن بروح جديدة تناسب المكان الذي نعيش فيه."
عيد الفصح بالنسبة لغادة ليس فقط ذكرى دينية، بل مساحة للانتماء، وجسر بين جيلين وثقافتين. وتؤمن بأن في كل مهجر هناك إمكانية لبناء وطن صغير في القلب، من خلال الحفاظ على ما نحمله من قيم وعادات، ومشاركتها مع الآخرين.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على و وعلى .