في حديث خاص مع إذاعة أس بي أس عربي، تحدّثت الفنانة التشكيلية الفلسطينية الأسترالية هالة سكيك عن تلك اللحظة الاستثنائية التي تلقت فيها تواصلاً من الفنان محمد عساف، بعد أن شاهد لوحتها عبر منصة "إنستغرام" أثناء الإعلان عن عرضها للمشاركة في مسابقة أقامها المتحف الإسلامي في مدينة ملبورن الأسترالية. تقول: "كانت لحظة مفاجئة ومؤثرة، فإعجابه بلوحتي منحني شعوراً بالاعتزاز، فصوته دائماً ما كان يحمل أمل الناس، وطلبه للوحتي أشعرني وكأن شيئاً من فلسطين قد عاد إليّ."
ورغم مشاركة اللوحة في المسابقة، لكن هالة آثرت نقلها إلى الإنسان الذي شعر بها، وسحبتها من المعرض قبل عشرة أيام من انتهاء المدة، لتلبي رغبة محمد عساف.
وتصف كلمات عساف عن اللوحة بأنها كانت "جميلة جداً"، وأخبرها أنها "أجمل قطعة فنية يمتلكها."
الفنان محمد عساف مع اللوحة بعد اقتنائها
وفق الفنانة هالة سكيك، اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل هي صرخة بصرية تجسّد خريطة فلسطين المحاصرة بالجدران الإسمنتية الثقيلة، إذ استخدمت فيها الإسمنت كمادة تعبيرية عن الدمار والعزل كرمز للحصار بالجغرافيا والمعنى.
ومن قلب هذا الرماد، تنبت في اللوحة زهور ترمز إلى الصمود والحياة المتجددة. أما خلفية اللوحة اللؤلؤية المضيئة فلم تكن اختياراً جمالياً فحسب، بل تجسيداً لأمل ينبثق من الألم، كأنها تقول إن النور لا يُولد إلا من رحم المعاناة.
أما في الأسفل، فتعكس خشونة الألوان على الخريطة وظلالها جراح غزة، بينما تمثل الضبابية الرمادية الممزوجة باللؤلؤي نظرة العالم المتفرج، البعيد عن الوجع، ولكن رغم كل هذا، يبقى المكان واضحًا متوهجًا.

تقول الفنانة هالة سكيك، إن هذه اللوحة، رُسمت قبل نحو عام ونصف، كثمرة إحساس عميق بالغربة، والحنينٍ الجارح للأرض، ووجع الوطن المجروح من بعيد، الذي تحوّل إلى عمل فني ناطق لا يحتاج إلى شرح، لأنه يترجم مشاعرها.
وتُضيف:
أعتقد أن محمد عساف فهم الرسالة العميقة، لأن اللوحة ليست فقط خريطة، بل مشهد لأصوات الناس التي تحاول الوصول إلى العالم رغم الصمت. تأثره بها كان صادقاً، وهذا ما جعلها تلامس قلبه."
الفن الفلسطيني في المهجر رسالة
تحدّثت الفنانة هالة سكيك أيضاً عن تجربتها كفنانة تشكيلية فلسطينية نشأت في الغربة، وتُقيم وتعمل في أستراليا، حيث شاركت في معارض فنية ومزادات عدة، وترى أن التفاعل مع الفن الفلسطيني كان مؤثراً جداً من الجمهور العربي الأسترالي والأستراليين بشكل عام، فهي تؤمن أن الفن الصادق قادر على الوصول، حتى لو كانت المسافات بين القلوب بعيدة.
عن التفاعل العاطفي بين اللوحة والمتلقي، تصفه هالة بأنه "حوار كيميائي صامت". كثيرون وقفوا أمام أعمالها دون أن ينطقوا بكلمة، لكن ملامحهم وعيونهم تقول كل شيء. وتوضح: "بعضهم تأثر حتى البكاء، وآخرون تجمدوا في مكانهم وكأن شيئاً بداخلهم أضاء. هذا هو جوهر الفن الحقيقي، أن يلمس مشاعر الناس بصدق، دون الحاجة إلى شرح أو كلمات."، لذلك تعمل الفنانة هالة سكيك حالياً على تحضير مجموعة جديدة من الأعمال لعرضها في مزاد فني خيري لأطفال غزة، فيما تحلم بإقامة معرض فردي يُجسّد قصص الناس في فلسطين بخامات وأساليب متنوعة، ليبقى صوت الصبر والكرامة الفلسطيني حاضراً في لوحاتها.
استمعوا لتفاصيل أكثر عن هذا الموضوع بصوت الفنانة التشكيلية هالة سكيك، بالضغط على التدوين الصوتي في الأعلى.