يكاد الاستعمار الفرنسي للجزائر والمغرب وتونس ان يكون القاسم المشترك الوحيد في تعريف شعوب هذه البلاد العربية الى كرة القدم.
ففي الجزائر شكل المستوطنون الفرنسيون أول فريق لكرة القدم في هذا البلد عام 1894.
ولاحقا في خضم نضال الجزائريين من أجل الاستقلال أنشأت جبهة التحرير الجزائرية فريقها الخاص عام 1958 بهدف رفع الروح الوطنية المناهضة للاستعمار وليكون سفيرا للقضية الجزائرية وتعزيز الدعم الدولي لها.
وأصبح هذا الفريق فيما بعد المنتخب الوطني الجزائري.
في تونس شكل الفرنسيون أولى فرق كرة القدم مطلع القرن العشرين، ولم يتشكل أول نادي تونسي خالص للعبة إلا عام 1918 تحت اسم النادي الافريقي، تلاه عام 1919 تأسيس نادي الترجي الرياضي العريق.
وبدورها تعرفت المملكة المغربية على كرة القدم عن طريق الجنود الفرنسيين. وانطلقت أولى المباريات والمنافسات الرسمية عام 1916. وأصبحت كرة القدم في السنوات اللاحقة سلاحا فعالا للحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية واندمجت الاندية المحلية بالحركة الوطنية الساعية الى الاستقلال ومن أبرزها الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي، والكوكب المراكشي، والمغرب التطواني، وغيرها.
أنجبت الجزائر والمغرب وتونس العديد من نجوم كرة القدم الذين لمعت أسماؤهم في سماء الرياضة العربية وتعدتها الى العالمية خلال العقود الماضية. كما أنهم حققوا انجازات لا تنسى لمنتخبات بلادهم وللأندية التي لعبوا لصالحها.
DOHA, QATAR - DECEMBER 11: Badr Benoun of Morocco celebrates after scoring a goal to make it 2-2 during the FIFA Arab Cup Qatar 2021 Quarter-Final match between Morocco and Algeria at Al Thumana Stadium on December 11, 2021 in Doha, Qatar. (Photo by Matthew Ashton - AMA/Getty Images) Credit: Matthew Ashton - AMA/Getty Images
واللافت هو أن نجومية هؤلاء اللاعبين وانجازاتهم الشخصية ومهاراتهم الفردية ارتقت الى المستوى العالمي، ما يدل على وجود الخامات العربية الاصيلة التي يكبح جماحها غياب الدعم الرسمي وضعف الرعاية الحكومية وغياب التخطيط والرؤية المستقبلية لموقع الرياضة في المجتمع.
على أية حال مونديال قطر 2022 أصبح على الابواب وفيه أربع منتخبات عربية هي قطر، والسعودية، وتونس، والمغرب.
والمنافسة مع عمالقة الكرة في العالم لن تكون سهلة وطريق تجاوز الادوار الاولى والوصول الى مراحل متقدمة لن يكون دون عوائق.
لكن المشجعين المغربيين على الاقل يعولون على عودة لاعبي المغرب المحترفين في النوادي الاوروبية للدفاع عن ألوان المنتخب الوطني.
يقول أحد المشجعين المغربيين: "الحمد لله المنتخب الوطني المغربي حقق الاهم وتأهل لمونديال قطر الذي يقام في دوله عربيه. نحن جدا سعداء بأننا سندعم المنتخب الوطني المغربي. وسعادتي الأكبر كانت أنني استعطت حضور المقابلة الحاسمة ضد الكونغو الديمقراطية في دوله الكونغو. وان شاء الله سأكون في دوله قطر لأساند المنتخب الوطني المغربي ليحقق النتائج الإيجابية، لأن كره القدم المغربية تعد طفرة نوعيه وتجعل جميع المغاربة سعداء".
وإذا كانت كرة القدم لا تعترف بالتوقعات والامنيات وانما بالجهد داخل الملعب وحسن الاستعداد، الا ان هذه السيدة المغربية تعتبر انه لا مستحيل في كرة القدم: "أتمنى من كل قلبي أن يتمكن المنتخب الوطني المغربي من أن يمثلنا أحسن تمثيل. وأن يلعب أدوارا طلائعية ويحصد الانتصار في أغلب المقابلات والوصول إلى الأدوار النهائية. كره القدم ليس فيها المستحيل كره القدم ليس فيها هذا فريق ضعيف أو هذا فريق قوي".
نتائج القرعة أوقعت المنتخب المغربي أو أسود الاطلس في مجموعة قوية تضم بلجيكا وكندا وكرواتيا، مما شكل بعض القلق للمشجعين رغم ثقتهم بإمكانيات فريقهم الوطني.
يقول أحد المشجعين المغربيين من سيدني: "المغاربة كلهم متشوقون لمشاركه المنتخب الوطني المغربي خلال مونديال قطر. الكرة هي من الرياضات المهمة والمحبوبة لدى المغاربة والكرة الوطنية مؤخرا تعد طفرة نوعية. بحيث أن الأندية الوطنية حققت عددا كبير من الإنجازات".
ويضيف: "أعتقد انه من السابق لأوانه الحديث عن المسار الذي يمكن أن يقطعه المنتخب الوطني المغربي خلال هذه المنافسة العالمية. المنتخب الوطني اتخذ حيزا له في مجموعه تضم أقوى المنتخبات، لكن المنتخب الوطني المغربي بروحه القتالية في الملعب يمكن أن يذهب بعيدا خلال هذه المنافسة".
"نحن نعرف انه وقع في مجموعة تضم كل من كندا، كرواتيا وبلجيكا. وهي منتخبات قوية لها مسار جيد خلال منافسات كأس العالم. لكن المغرب أيضا ليس بالفريق الضعيف، اذ انه يحقق تأهله لمباريات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي بعد مونديال روسيا".
أما نسور قرطاج فلم تكن القرعة أقل قسوة معهم فوضعتهم في نفس المجموعة مع فرنسا والدنمارك وأستراليا مما شكل بعض الهواجس لعشاق الفريق التونسي.
تقول إحدى المشجعات التونسيات: "قرعة تونس ووجودها في المجموعة الرابعة أشعرتنا بالخوف مع فرنسا وأستراليا والدنمارك. ولكن لدينا أمل بأنهم لن يخيبوا ظننا بهم. ونتمنى أن تدخل مبارياتهم الفرحة إلى قلوبنا وتمتعنا حقا وتدفع بنا للمشاهدة إلى النهائيات".
TUNIS, TUNISIA - MARCH 29: Players of Tunisia celebrate after beating the team Mali at the end of the second leg of the FIFA World Cup African Qualifiers 3rd round match between Tunisia and Mali in Tunis, Tunisia on March 29, 2022. (Photo by Tnani Badreddine/vi/DeFodi Images via Getty Images) Credit: DeFodi Images/DeFodi Images via Getty Images
يقول أحد المشجعين المغربيين: "يعتبر تأهل المنتخب الوطني المغربي انجازا تاريخيا وأمل كل المغاربة الذي تحقق. لماذا انجاز تاريخي؟ ليس لأن المغرب يتأهل هذه المرة، بل تأهل لمرات عديده. لكن هذه الكأس ستقام لأول مرة على أرض دوله عربيه وهي قطر الشقيقة، فلذلك كان مفروضا ولازما على المغرب أن تتأهل والحمدالله تحقق المراد".
ويضيف: " كل ما اتمناه الان أن يمثل الفريق الوطني المغرب والعرب أحسن تمثيل. وأن يحقق الفريق الوطني أكثر انتصارات، ويذهب الى أبعد نقطه في هذه المسابقة. والحمد لله أنني من الناس الذي سأحظى بفرصة حضور مباريات هذه الكأس العالمية من قطر وسأشجع بالطبع بلدي المغرب وأتمنى كل التوفيق للدول العربية الأخرى المشاركة".
حتى فارق التوقيت بين أستراليا والشرق الاوسط لن يمنع المشجعين من متابعة المباريات أولا بأول وتحويلها الى مناسبة اجتماعية تجمع الاهل والاصدقاء فكرة القدم تسري في الدم.
يجري حب كرة القدم في عروقنا في تونس من الكبير للصغير. حتى لو كان هناك فارق كبير في التوقيت فسنبقى مستيقظين لحضور المباريات وتشجيع بلادنا طبعا".
تقول هذه المشجعة التونسية: "عندما يكون لدينا مناسبات اجتماعية لها علاقة بتونس فيمكنك أن تتخيل بأنها فرصة ذهبية للتجمع في منزلي الذي يصبح مليئا بالضيوف من أصدقاء زوجي وصديقاتي. كلنا نحضر أطعمة لذيذة لتصبح مناسبة اجتماعية جميلة أكثر منها مباراة كرة قدم عادية".
للاستماع لهذه الحلقة من بودكاست "العرب وشغف الكرة". يرجى الضغط على التدوين الصوتي أعلاه. أو يمكنكم الاستماع للحلقات الجديدة فور صدورها مجانًا عبر أي منصة بودكاست تفضلونها عبر الضغط .
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على
يمكنكم أيضًا مشاهدة أخبار في أي وقت على SBS On Demand