ثماني سنوات مضت منذ أن حملت الفنانة السورية رانيا شلهوب إرثها الموسيقي من وطنها سوريا، وجاءت به إلى أستراليا، لتعيد إحياء تراث "الزمن الجميل" بصوتها ومشروعها الفني المميز الذي جمع بين الحنين والحداثة، وبين الشرق والغرب.
في ضيافة SBS
وخلال زيارتها إلى استوديوهات SBS، شاركت رانيا تجربتها الفنية، وتحدثت عن رحلتها من دمشق إلى سيدني، وكيف استطاعت أن تُحدث فرقاً فنياً وثقافياً في مجتمعها الجديد من خلال مشروعها الكورالي المبتكر.
ففي سوريا، كانت رانيا عضوة فعالة في العديد من الجوقات والكورالات، وتعلّمت الغناء على يد الملحن المعروف حسام الدين بريمو، الذي كان له أثر عميق في تكوينها الموسيقي. هذا الإرث الغني لم تتركه خلفها، بل حملته معها إلى أستراليا، لتغرس بذوره من جديد.
"روح الشرق"... اسم يحمل رسالة
من حبها للغناء وإيمانها بقوته الشفائية، قررت رانيا تأسيس كورال خاص أطلقت عليه اسم "روح الشرق"، مؤكدة: "الشرق هو روحي ولن ينفصل عني."، فكان هذا الاسم انعكاساً لهويتها العميقة وتقديراً للمكان الذي جاء منه الفن الذي تحبه.
الكورال أصبح مساحة جامعة لأشخاص من خلفيات وثقافات متنوعة، توحدهم الرغبة في الغناء وتقدير الفن. وعن فكرة المشروع تقول رانيا: "الغناء تعافٍ وسعادة. حين نغني، نبتعد قليلاً عن الواقع، ونقترب من بعضنا، من الأفكار المشتركة، من الأرواح المتشابهة."
فن جماعي برؤية فردية
رانيا حريصة على إشراك أعضاء الكورال في عملية اختيار الأغاني. من خلال ورش عمل، يُطلب من كل عضو أن يدوّن الأغنية التي يقترح أداءها، لكن القرار النهائي يبقى لها. وتوضح:
أريد أن يشعر كل شخص بأنه جزء من هذا المشروع، لكنني أحرص على أن يبقى للكورال خطه الفني وهويته.
أما الأغاني المختارة، فهي غالباً من رصيد الزمن الجميل، تلك التي تربّت عليها رانيا وتعتبر نفسها مسؤولة عن نقلها إلى الأجيال القادمة.
"ليالي الأنس"... أمسية بروح شبابية
في حفلها المقبل تحت عنوان "ليالي الأنس"، الذي سيُقام في براماتا في مايو، تفاجئ رانيا جمهورها بتوليفة جديدة: أغانٍ بلهجة حديثة وأخرى موجهة إلى جيل الشباب، ولكن بخط فني ملتزم، يجمع بين الأصالة والحداثة.
تقول رانيا إن مشروع الكورال تموّله ذاتياً، وتشكر دعم رجال الأعمال المحليين وأعضاء الإدارة الذين يؤمنون بهذا الفن الجماعي.
زمن جميل... لا يموت
وعن ارتباطها بأغاني الزمن الجميل، تقول رانيا:
كل أغنية أؤديها من ذلك الزمن، أعيشها من جديد. أتأمل في لحنها، في كلماتها، في اللحظة التي وُلدت فيها. الحب في تلك المرحلة كان جميلاً وعميقاً.
وعندما سألناها عمّا لو عاد بها الزمن، أجابت بابتسامة حالمة:
كنت أتمنى أن أكون عضوة في فرقة تضم كبار فناني الزمن الجميل، أعيش معهم تلك المرحلة بكل تفاصيلها.
رانيا شلهوب اليوم لا تحيي فقط تراث الماضي، بل تبني جسوراً بينه وبين الحاضر، بين سوريا وأستراليا، وبين الإنسان وصوته الداخلي. صوتها يحكي حكاية امرأة حملت الشرق في قلبها، ووهبته للغرب كهدية نادرة من زمنٍ لا يُنسى.