صمد مطعم عبلة الشهير في ملبورن في وجه الأزمات والتحديات التي واجهت المصالح التجارية في ظل كورونا.
المكان الذي يعود تاريخه إلى 42 عاما لا يزال محافظا على مكانته التي اكتسبها بين سكان المدينة سواء من الجالية العربية أو من المجتمع الأسترالي الأوسع.
السيدة عبلة عماد صاحبة مطعم Abla's اللبناني في مدينة ملبورن Source: Supplied
من هي عبلة؟
المطعم يحمل اسم السيدة اللبنانية عبلة عماد والتي حصلت على ميدالية أستراليا Order Of Australia عام 2015 لدورها البارز في تطوير قطاع السياحة والضيافة في مدينة ملبورن.
وصلت عماد إلى أستراليا في عام 1954 وهي تبلغ من العمر 17 عاما، بهدف زيارة خالها جو منصور في ملبورن، ولم تكن تعتزم الاستقرار في أستراليا.
وقالت السيدة عبلة عماد لأس بي أس عربي24 "عندما توسلت لأمي لتدعني أسافر على متن الباخرة إلى أستراليا، قالت لي أنني لو ذهبت لن أعود الى لبنان، لأن الكثيرين من الذين ذهبوا الى أستراليا لم يتركوها."
وبالفعل تحققت نبوءة الأم، فقد التقت السيدة عبلة بزوجها جون عماد في ملبورن، ومن وقتها لم تعد إلى لبنان إلا للزيارة.
ينحدر جون عماد من عائلة أحد المهاجرين اللبنانيين القدامى في ملبورن، فوالده بيتر عماد هو آخر من عمل كبائع متجول مسجل في ولاية فيكتوريا، حيث جاب أرجاء الولاية حتى عام 1963.
ويوجد نصب تذكاري في مدينة Kaniva في الريف الغربي لولاية فيكتوريا تكريما للسيد بيترعماد.وكان المهاجرون اللبنانيون الأوائل في ولاية فيكتوريا يعملون في كباعة متجولين، حيث يشترون البضائع من مدينة ملبورن ويبيعونها في أرياف الولاية.
صورة من حفل زفاف السيدة عبلة عماد والسيد جون عماد في ملبورن Source: Abla Amad
ووجدت السيدة عبلة عماد نفسها في قلب الجالية اللبنانية بولاية فيكتوريا، حيث تتذكر الأجواء آنذاك: "كنا نجتمع كل يوم سبت في منزل عائلة مختلفة، نتحدث العربية ونغني ونرقص على أنغام موسيقانا ونطهو العديد من الوصفات اللبنانية الأصيلة."
لم تتعلم عبلة الطهي في مسقط رأسها بقرية كفر ياشيت في قضاء زغرتا شمالي لبنان، لكن وجودها في ملبورن سمح لها بتعلم أصول المطبخ اللبناني.
إذ تعلمت الوصفات من نساء الجالية اللبنانية ومن خالها جو منصور: "لقد كان طباخًا رائعًا. أنا أحب الناس كثيرا، ولذا كنت أجمع أنا وخالي الأصدقاء اللبنانيين والأستراليين معًا لتناول العشاء والغداء أيام السبت"
ويوما بعد يوم، أصبحت مائدة السيدة عبلة تجمع العائلات اللبنانية والأسترالية أي كانت خلفيتهم الثقافية. وقالت: "كان زوجي يتصل بي يوميا ليخبرني أنه سيحضر صديق واحد أو أكثر لتناول الغداء أو العشاء. وكان جوابي دائما أنا جاهزة."
وتتذكر السيدة عماد ردود أفعال غير اللبنانيين على بعض الأطباق التي كانت تعدها: "أكثر ما أثار حفيظتهم على مائدتي كان طبق الكبة النية. كنت أشرح لهم مكوناتها، وأشجعهم على تذوقها، وكانت النتيجة دائما أن كل من تردد في البداية وبالكاد تذوقها، عاد ليأخذ المزيد."مع مرور السنين، لم تعد مقاعد مائدتها تكفي أبناءها الخمسة وأقاربها وجيرانها على الغداء. وفي عام 1979، وبناءً على إصرار الأصدقاء والعائلة، قررت السيدة عبلة أن تفتح مطعمها.
السيدة عبلة عماد وزوجها جون عماد Source: Supplied
بدأ المطعم في منطقة كارلتون النابضة بالحياة في قلب مدينة ملبورن، ولا يزال في نفس مكانه حتى الآن محافظا على الطابع الذي بدأ به في السبعينات واليوم تديره أصغر بناتها، السيدة مارجريت آن عماد: "لا يزال المكان بسيطًا ومتواضعًا، لكنه أيضًا يحظى بشعبية كبيرة."
أصبحت أطباق مطعم عبلة علامة مسجلة للطعام اللبناني الأصيل والمصنوع محليا من مكونات طازجة. واليوم تبلغ السيدة عبلة عماد من العمر 85 عاما، ولا تزال تحتفظ بحس الكرم والرغبة في دعوة الناس لاحتساء القهوة في منزلها كلما سنحت الفرصة، حتى من الزبائن الذين لا تعرفهم.
أنا أحب الناس، أحب الناس كثيرا.
ولا تزال السيدة عبلة تحضر الطعام في منزلها لأولادها وأحفادها وأطفالهم كل يوم. كما تساعد في تحضير المكونات التي يحتاجها الطباخون في المطعم.
بالنسبة لعبلة، فإن الطعام اللبناني "لا يمكن تحضيره إلا من القلب" واعتبرت أن هذا هو سر تميز الأطباق في مطعمها.
في عام 2001، نشرت السيدة عبلة أول كتاب طهي لها تحت اسم "المطبخ اللبناني" وكان حاكم ولاية فيكتوريا آنذاك John Landy حاضرا في حفل إطلاق الكتاب.
تلخص سيدة الأعمال حياتها في عبارة واحدة: "أي شيء تفعله بحب، لا يمكنك أن تخطئ فيه أبدًا".السيدة عبلة تهوى الطبخ ومشاركة الطعام مع الناس ولهذا فهي ليست طاهية بارعة فحسب، بل يعتبرها الكثيرون امرأة ملهمة ومثل أعلى للنساء الأستراليات من أصول مهاجرة.
السيدة عبلة عماد صاحبة مطعم Abla's اللبناني في مدينة ملبورن مع أفراد عائلتها Source: Supplied
استمعوا الى قصة السيدة عبلة في الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.
هذه هي الحلقة الأولى من ، والتي تعرض قصص بعض الأستراليين العرب الذين تركوا بصمة دائمة في أستراليا.