من الصعب أن تسير في شوارع المدن الأسترالية دون أن ترى فرعاً واحداً من سلسلة محلات EzyMart بألوانها الشهيرة، والتي يتجاوز عدد فروعها 400 فرع في مختلف أنحاء أستراليا.
انطلقت هذه السلسلة من المحلات من قلب من مدينة سيدني، على يد مهاجر عربي من الأردن: ماهر المقابلة.
وصل المقابلة إلى أستراليا قبل 20 عامًا وبدأ رحلته في عالم الأعمال، بفتح متجر واحد في منطقة شاطئ بونداي ليتوسع بعد ذلك، وينشأ السلسلة التي أصبحت جزءًا معروفاً من البيئة المدنية الأسترالية وخاصة في سيدني.
وقال المقابلة في لقاء مع أس بي أس عربي24: "أستراليا هي أسهل بلد في العالم يمكن أن ينجح فيه الإنسان، فهي بلد واضحة." وأضاف "كل ما يحتاجه الأمر هو العمل بطريقة ذكية بأمانة، وهذا أهم شيء لتحقيق النجاح."
يتحدر ماهر المقابلة من قرية بليلا شمالي الأردن، وكان أول احتكاك له بمدينة سيدني من بوابة رياضة التايكوندو، التي عشقها منذ الصغر ولا تزال تشكل جزءا رئيسًا من حياته.
ماهر المقابلة داخل أحد فروع المتاجر التي يديرها Source: Maher Magableh
وقال: "كنت مع الفريق الأردني في برشلونة للمشاركة في أولمبياد عام 1992، ووقتها تم إعلان أن سيدني ستكون المدينة المستضيفة لأولمبياد عام 2000، وعندها أخبرني مدربي أني سأكون في قمة عطائي كلاعب تايكوندو ويجب أن أجهز نفسي للمشاركة."
وأضاف "أصبحت سيدني بالنسبة لي المكان الذي أرغب بالقدوم إليه من أجل اللعب، ولكن سبحان الله، وصلتُ إلى هنا من أجل الدراسة ثم عملت فيها، وأصبحت عائلتي وحياتي كلها فيها."
بدأ المقابلة رياضة التايكوندو صغيراً وسافر لأول مرة لتمثيل الأردن في عمر الثانية عشر إلى بطولة بلجيكا: "كنت أول ناشئ في الأردن يشارك في تلك البطولة، ثم بدأت في السفر إلى بطولات أخرى بالإضافة إلى الأنشطة الأخرى مثل الكشافة وجائزة ولي العهد الخاصة بالمغامرة."
ورغم عشقه للرياضة ورغبته في التفوق بها إلا أنه استمر في الدراسة في مجال ريادة الأعمال: "درست المحاسبة في البداية، ولكني لم أر نفسي جالسًا في مكتب، ودرست إدارة أعمال وعلاقات عامة."
كان أول مشروع له عند مجيئه إلى أستراليا عندما فتح محل صغير في Bondi من المتاجر التي تعرف في أستراليا باسم Milk Bar.
بدأ تركيز المقابلة على هذا المتجر الصغير: "عملنا على توسعة المحل، وأصبح المحل يكبر ثم بعد خمس سنوات أي في 2006 أخذنا محلاً آخر في Kings Cross."
كانت هذه هي سنة التوسع الأولى، حيث لم ينته العام، إلا وقد فتح المقابلة أربعة متاجر أخرى كلها في قلب المدينة التجاري أو في شمال سيدني. ولكن بعد عامين ضرب الاقتصاد الأزمة المالية العالمية.
ماهر المقابلة أمام أحد فروع المحلات Source: Maher Magableh
وقال المقابلة "الأزمة الاقتصادية في 2008/2009 جعلت أغلب الشركات تقرر وقف التوسع وإغلاق بعض المحلات، فقمنا باستغلال الفرصة من أجل التوسع، وبالفعل فتحنا العديد من المحلات خلال الأزمة."
امتدت المتاجر خارج نيو ساوث ويلز لتصل إلى كوينزلاند، وملبورن، وأديلايد، وكانبرا، وباقي الولايات. أراد المقابلة أن يجعل سلسلة المحلات تلك متميزة عن باقي متاجر Convenience Store: "عملنا على تقوية قوتنا الشرائية، وبدأنا في شراء بضائع من أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية ودول آسيوية من أجل أن نتميز عن باقي المحلات."
وكان سر التوسع السريع، هو الاستثمار في الموظفين: "من يعمل معنا في المحلات ونجد أن لديه نشاط واهتمام بالعمل، نعرض عليه على الفور أن يكون شريكًا، وبالتالي توسعنا من خلال جعل الموظفين شركاء في تطوير العمل."
لم تؤثر وتيرة العمل على عشقه الأول لعبة التايكوندو، حيث استطاع أن يلعب في جميع المستويات، ناشئين وشباب وكبار. كما درب المقابلة الفريق الأسترالي للناشئين وحقق معهم نتائج جيدة، وانتقل إلى العمل في التحكيم الدولي للرياضة.
وقال "بدأت أُحكم في مستويات أعلى قليلًا، وقمت بالتحكيم في ثلاث أولمبياد مختلفة، لأكون الوحيد في أستراليا ومن القلائل في العالم الذين فعلوا ذلك."
وأضاف "حصلت على جائزة أفضل حكم في العالم عام 2014 ومرة أخرى عام 2018، قبل أن اعتزل في عام 2019."
لكن هذا لم يوقف رحلته مع رياضته المفضلة: "أصبحت عضواً تنفيذيًا للاتحاد الدولي، وقمنا بتأسيس مؤسسة غير مسبوقة في كل الألعاب الفردية، تُعنى باللاجئين حول العالم."
ماهر المقابلة أثناء حصوله على تكريم كحكم دولي في رياضة التايكوندو Source: Maher Magableh
وأضاف "لدينا الآن 11 مركزًا في مخيمات اللاجئين حول العالم، نقوم بتعليمهم التايكوندو واللغة الإنجليزية ونعمل على الاهتمام بصحتهم وحياتهم."
واعتبر المقابلة أن الرياضة مثلت حافزًا في حياته للتفوق في عمله ولم تؤثر عليه: "في عام 2016، كانت أكثر سنة مشغول فيها بالتايكوندو، لأنها كانت سنة أولمبياد ريو وكانت المشاركة مهمة للغاية بالنسبة لي، وهذا العام بالتحديد، كان أكثر عام قمنا بالتوسع وفتح محلات فيه."
وأضاف "عندما يكون لدي سفر من أجل المشاركة في أنشطة رياضية، أحرص دائمًا على أن أنهي عملي بأفضل شكل ممكن، لأتمكن من السفر دون الشعور بالذنب أنني مقصر، وبالتالي فإن الرياضة تجعلني أنشط في مجال العمل."
على مستوى الجالية، يشارك المقابلة في جمعية التراث العربي في أستراليا والتي تمنح جائزة جبران خليل جبران العالمية للمفكرين من الناطقين بالعربية، كما ينشط في عدد من الفاعليات الأخرى منها جميعة الصداقة الأردنية الأسترالية وغرفة التجارة اللبنانية الأسترالية.
ماهر المقابلة في زي رياضة التايكوندو Source: Maher Magableh
واعتبر المقابلة أن مفتاح النجاح هو "الصدق والمسامحة، وخاصة المسامحة والتي كان لها دور كبير في تكوين حياته، فعندما يسامح الشخص الآخرين فإنه يبدأ من جديد، وتصبح حياته أكثر سهولة."
وأكد المقابلة اعتزازه بالجذور "الأردن بلدي التي عشت وتربيت فيها ومثلتها في الخارج ورفعت علمها في اللقاءات والنشاطات الدولية ولها معزة أبدية في قلبي." وأضاف "أتمنى أن أنجح في زرع تلك المحبة في نفوس أولادي الموجودين هنا."
وقال "تراب الدول العربية غالية علي كتراب الأردن، وكتراب قريتي بليلا شمال الأردن ولكن أغلى شيء بالنسبة لي هو تراب فلسطين."
