للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.
على الرغم من تنامي الجدل حول خصوصية الناخبين، فإن الأحزاب السياسية في أستراليا تتمتع بصلاحيات واسعة لا تُمنح لغيرها من الجهات. فوفقًا لقانون الرسائل غير المرغوب فيها (Spam Act)، لا تُلزم الرسائل الإلكترونية الصادرة عن أعضاء البرلمان بإتاحة خيار "إلغاء الاشتراك"، وهو استثناء قانوني يشمل السياسيين، المرشحين، والأحزاب المسجّلة.
هذا الإطار القانوني أثار قلقًا واسعًا، لا سيما بعد إطلاق عدة مواقع إلكترونية حزبية مخصصة لتوضيح آلية التصويت، ما فتح الباب أمام تساؤلات حول كيفية استخدام هذه البيانات لاحقًا.
وفي هذا السياق، يشير خبير الأمن السيبراني زياد الغمراوي إلى أن "مخاطر تخزين البيانات كثيرة على الصعيد التقني، لأنها غالبًا ما تكون محفوظة في أماكن محددة ومعروفة، ما يجعلها هدفًا سهلًا لقراصنة المعلومات."
وبحسب مسح أجراه مفوض المعلومات الأسترالي، يعتقد حوالي ثلاثة أرباع الأستراليين – بشكل خاطئ – أن الأحزاب السياسية تخضع لقانون الخصوصية. في حين عبّر 82٪ من المشاركين عن قناعتهم بأنه ينبغي أن تُخضع تلك الأحزاب لنفس القواعد المفروضة على القطاعين العام والخاص.
القلق لا يقتصر فقط على الإطار التشريعي، بل يمتد إلى الممارسات التقنية التي قد تكون عرضة للثغرات. يقول الغمراوي إن "أسباب سرقة البيانات متعددة، من بينها ضعف التشفير وسوء طرق التخزين.
في بعض الأحيان، تعتمد الأحزاب على أطراف ثالثة لتخزين البيانات، وقد تكون هذه الآليات غير كافية، ما يفتح المجال لتسرب المعلومات عن طريق الخطأ أو بسبب هجوم إلكتروني."
من الناحية القانونية، يعود هذا الوضع إلى أواخر الثمانينيات، حين أُقرّ قانون الخصوصية في عام 1988 وكان حينها مقتصرًا على الوكالات الحكومية فقط. وبعد أكثر من عشر سنوات، تم توسيعه ليشمل القطاع الخاص، لكن السياسيين ظلوا مستثنين.
وقد برر المدعي العام حينها هذا الاستثناء بضرورة حماية حرية الاتصال السياسي وتعزيز النقاش الديمقراطي. لكن مفوض الخصوصية آنذاك رفض هذه الحجة، مؤكدًا أن المؤسسات السياسية يجب أن تمتثل لنفس القوانين التي تُطالب بها الجميع.
محاولات إصلاح هذا الوضع لم تغب عن المشهد. ففي عام 2004، قدمت السناتورة ناتاشا دي سبويا مشروع قانون لإلغاء الاستثناء، إلا أنه لم يُمرر. وتكررت التوصيات بإلغاء الاستثناء في تقارير لجنة إصلاح القانون الأسترالية عامي 2007 و2010، ثم مجددًا من وزارة المدعي العام في 2022.
LISTEN TO
"استقطاب الصوت الشبابي": كيف يحسم الشباب العربي الأسترالي صوته في الانتخابات الفدرالية؟
SBS Arabic
15:20
ومع تعاظم دور البيانات في العمل السياسي، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا: إلى أي مدى تُستخدم هذه المعلومات فقط لأغراض انتخابية؟ هنا يحذر الغمراوي من أن "البيانات المسروقة لا تختفي، بل تُستخدم في تغذية برامج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على التعلم الذاتي، وكلما زادت كمية البيانات المُدخلة، زادت قدرة هذه الأنظمة على التأثير والتحليل واتخاذ قرارات موجهة."
ورغم الاستثناء الذي يحمي السياسيين من قوانين الرسائل غير المرغوب فيها، إلا أن الغمراوي يؤكد أن "الأحزاب السياسية تبقى خاضعة لقوانين أخرى تتعلق بحماية البيانات وتشفيرها."
لكنه يشدد في الوقت نفسه على مسؤولية الفرد في حماية بياناته قائلاً: "كيف تحمي بياناتك؟ يجب دائمًا التحقق من الجهة التي تطلب معلوماتك الشخصية. لا بد أن نكون مثقفين إلكترونيًا، وإلا فإن بياناتنا ستُعرض للانتهاك والسرقة."
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.
أكملوا الحوار على حساباتنا على فيسبوك و انستغرام.