النقاط الرئيسية:
- أنفاق غزة هي التهديد الأكبر للقوات الإسرائيلية إذا ما اجتاحت القطاع براً.
- هذه الأنفاق هي اليوم السلاح الإستراتيجي لحركة حماس.
- وصفت يوشيفيد ليفشيتز الأسيرة الإسرائيلية التي أُفرجت عنها حماس هذه الأنفاق فيما يشبه شبكة العنكبوت تحت الأرض.
تاريخ الأنفاق في غزة
يعود تاريخ الأنفاق في قطاع غزة إلى التسعينيات، عندما بدأت بعض العائلات المقيمة على طول الحدود بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية بحفر أنفاق صغيرة من أجل تهريب السلاح الخفيف والبضائع. وفي عام 2000 عندما اندلعت انتفاضة الأقصى، بدأت الفصائل الفلسطينية باستعمال هذه الأنفاق لتهريب السلاح إلى القطاع وتعزيز قوتها العسكرية.
لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، فقد تم تطوير طرق التهريب المتشعبة عبر الأنفاق، لتستخدم لإدخال الأسلحة من مصر والسودان واليمن وإيران. في 26 سبتمبر/أيلول 2001، كانت هذه الأنفاق هي الشرارة لاندلاع ما سمي لاحقاً بسلاح الأنفاق أو حرب الأنفاق وذلك بعد أن قامت "كتائب القسام" بتنفيذ عملية تفجير موقع "ترميد" العسكري الإسرائيلي في رفح من خلال نفق طوله 150 متراً، إذ زرعت العبوات الناسفة تحت الموقع، مما أسفر عن مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة عدد آخر.
This image provided by Maxar Technologies shows overview of Rafah border crossing, between Egypt and the Gaza Strip on Wednesday, Nov. 1, 2023. (Satellite image ©2023 Maxar Technologies via AP) Source: AP / AP
منذ انتفاضة الأقصى في عام 2000، اعتمدت كتائب القسام على هذه الأنفاق سلاحاً رئيسياً في تنفيذ عدد من العمليات التي استهدفت مواقع الاحتلال العسكرية داخل وخارج قطاع غزة، وكان أبرزها عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط في عام 2006، والتي أشعلت سلسلة من الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأصبحت الأنفاق العنوان البارز لتلك الصراعات.
كما استخدمت كتائب القسام خلال الهجوم على غزة في عام 2014 سلاحها الاستراتيجي بشكل واسع، إذ استهدفت مواقع عسكرية داخل الأراضي المحتلة وأسفرت عن مقتل عشرات من الجنود الإسرائيليين.
ويصف أرييل بيرنشتاين، وهو جندي إسرائيلي سابق شارك في تلك الحرب، القتال في المناطق الحضرية في شمال غزة بأنه مزيج يجمع ما بين "الكمائن والأفخاخ والمخابئ والقناصة".
وأشار إلى أن الأنفاق كان لها تأثير مربك، لأن مسلحي حماس كانوا يظهرون فجأة من العدم، مضيفا:" أنت لا تراهم.. كان الأمر كما لو كنت تقاتل أشباحا".
أنواع الأنفاق
تنقسم هذه الأنفاق إلى ثلاثة أنواع وهي:
الأنفاق الهجومية: وتستخدم لاختراق الحدود وتنفيذ هجمات خلف خطوط القوات الإسرائيلية. وتُستخدم أيضاً كمرابض لراجمات الصواريخ ومدافع الهاون، مما يوفر الحماية لوحدات المدفعية من الغارات الجوية ويسمح لها بإطلاق الصواريخ من تحت الأرض.
الأنفاق الدفاعية: وتستخدم داخل الأراضي الفلسطينية لإقامة الكمائن ونقل المقاتلين بعيداً عن الرؤية الجوية للطائرات الإسرائيلية والغارات.
أما الأنفاق اللوجستية فتستخدم كمراكز قيادة لإدارة العمليات وتوجيه المقاتلين. كما تستخدم لإقامة القادة الميدانيين وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجميع القوات. وتحتوي هذه الأنفاق على غرف اتصالات داخلية لتسهيل التواصل بين المقاتلين.
FILE - Palestinians inspect the damage of buildings destroyed by Israeli airstrikes on Jabaliya refugee camp on the outskirts of Gaza City on Oct. 31, 2023. In just 25 days of war, more than 3,600 Palestinian children have been killed in Gaza, according to Gaza's Hamas-run Health Ministry. The advocacy group Save The Children says more children were killed in Gaza in October 2023 than in all conflict zones around the world combined in 2022. (AP Photo/Abdul Qader Sabbah, File) Source: AP / Abdul Qader Sabbah/AP
غزة السفلى: شبكة عنكبوت
عندما نتحدث عن أنفاق غزة، فنحن لا نتحدث عن أنفاق عادية. فقد شكلت عملية حفرها وتوسيعها داخل قطاع غزة المحاصَر والمراقَب منذ عقود، نموذجاً لـ "صراع الأدمغة" بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، حيث بات يُطلق عليها اسم "مترو غزة" و"السلاح الاستراتيجي" لحركة حماس.
ومما لفت الأنظار مجدداً إلى خطورة تلك الأنفاق ما قالته يوشيفيد ليفشيتز الأسيرة الإسرائيلية البالغة من العمر 85 عاماً والتي أُفرجت عنها حماس لأسباب صحية، بأنها سارت كيلومترات تحت الأرض فيما يشبه شبكة العنكبوت. وأفادت بأنه كان هناك أنفاق كثيرة جدا مضيفة أن مقاتلي حماس قادوها عبر ممرات رطبة تحت الأرض إلى "قاعة كبيرة فيها حوالي 25 أسيرا".
لذلك يشير الناس في إسرائيل إلى نظام الأنفاق باسم "غزة السفلى".
وفي هذا السياق يقول القائد السابق للجيش الإسرائيلي أمير أفيفي، "توجد مدينة بأكملها أسفل غزة على عمق يتراوح ما بين 40 و50 مترا. ثمة مخابئ ومقرات ومخازن وبالطبع هي متصلة بأكثر من ألف موقع لإطلاق الصواريخ".
وتشير بعض التقديرات إلى أن شبكة أنفاق غزة تضم ألفا و300 نفق، ويبلغ طولها نحو 500 كيلومتر، وعمق بعضها 70 مترا تحت سطح الأرض.
ووفقا لبعض التقارير، فإن ارتفاع معظم هذه الأنفاق يصل إلى مترين فقط، في حين يبلغ عرض معظمها مترين أيضا.
ويرى بعض الخبراء أن حماس تحتفظ بمن أسرتهم في الهجوم الذي شنته على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في تلك الأنفاق، التي يرجح أيضا أنها تستخدم لتخزين السلاح والغذاء والماء والوقود.
epa10953318 A destroyed building following Israeli airstrikes on Gaza City, 01 November 2023. More than 8,500 Palestinians and at least 1,400 Israelis have been killed, according to the IDF and the Palestinian health authority, since Hamas militants launched an attack against Israel from the Gaza Strip on 07 October, and the Israeli operations in Gaza and the West Bank which followed it. EPA/MOHAMMED SABER Source: EPA / MOHAMMED SABER/EPA
الأنفاق ستفتح جبهات متعددة
يقول خبراء إن الأنفاق ستزيد تعقيدات سيناريو الحرب إذا ما أقدمت إسرائيل على اجتياح بري للقطاع، إذ يرى جون سبنسر، رئيس دراسات الحرب المدنية في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأميركية وست بوينت أنها تسمح لمقاتلي الحركة بالتنقل بين مختلف مواقع القتال بأمان وحرية.
في حين يقول مايك مارتين، وهو خبير في شؤون الحرب في "كينغز كوليج" في لندن أن هذه الأنفاق تحدث توازنا، لأنها تحيّد مزايا إسرائيل التسليحية، والتكتيكية، والتكنولوجية والتنظيمية، كما أنها تحيّد خطر انعدام القدرة على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.
ويضيف مارتين بإنه لهذا السبب يواجه الجيش الإسرائيلي مشاكل في كل ما يتعلق بالعمليات العسكرية داخل المناطق المدنية، التي يمكن وصفها بأنها قتال ثلاثي الأبعاد مما يعني أنه ستكون هناك جهات تطلق النار من فوق أبراج سكنية، وسيكون أيضا هناك من يطلق النار من تحت الأرض.