وفي الوقت الذي تؤكد فيه فصائل المعارضة السيطرة على مدينة حمص بشكل كامل، تشير التقارير بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى انسحاب القوات الحكومية السورية من بعض المواقع الاستراتيجية، بما في ذلك مطار دمشق، الأمر الذي يعكس تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا في العاصمة.
وفي تصريح نشره عبر تطبيق تلغرام، قال الجولاني: "نعيش في اللحظات الأخيرة لتحرير مدينة حمص هذا الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل"، وذلك في وقت أكدت فيه الفصائل المعارضة توغلها داخل أحياء المدينة بعد انسحاب القوات الحكومية منها.
الجيش السوري ينفي الانسحاب من حمص
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن فصائل المعارضة دخلت إلى حمص، وبدأت في تمشيط الأحياء التي انسحبت منها القوات الحكومية. كما أُعلن عن تحرير أكثر من 3500 سجين من سجن حمص المركزي بعد السيطرة على المدينة. إلا أن وزارة الدفاع السورية سارعت إلى نفي هذه الأنباء، مؤكدة في بيان رسمي أن "لا صحة لأي تقارير بشأن انسحاب القوات السورية من حمص أو من محيط دمشق"، واعتبرت أن ما تم تداوله من أنباء هو جزء من حملة إعلامية تهدف إلى نشر الفوضى. وأضاف البيان أن "الوضع في حمص آمن ومستقر"، مؤكداً أن "القوات السورية المنتشرة في المدينة والمناطق المحيطة بها قد تم تعزيزها".
تقدم فصائل المعارضة: خطوة مفصلية
أعلنت الفصائل المعارضة بدورها أنها بدأت المرحلة الأخيرة من عملية "تحرير" مدينة حمص بالكامل، حيث أكد القيادي حسن عبد الغني في منشور على تلغرام أن عمليات تمشيط الأحياء جارية استعدادًا لإعلان المدينة محررة بالكامل. كما أفاد بأنه تم تحرير أكثر من 3500 سجين من سجن حمص العسكري، في خطوة وصفتها الفصائل بأنها تمثل تحولاً استراتيجياً في المعركة.
A Syrian opposition fighter reads while sitting atop a damaged government armoured vehicle near Hama, Syria, on Saturday, Dec. 7, 2024. (AP Photo/Ghaith Alsayed) Source: AP / Ghaith Alsayed/AP
على الصعيد الإقليمي، تزايدت المخاوف من تطورات الوضع في سوريا بعد تصاعد الهجمات التي شنّتها فصائل المعارضة في مختلف المناطق، بما في ذلك مدينة حمص. في هذا السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تعاونه مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في مرتفعات الجولان المحتلة، وذلك لمواجهة هجوم شنه مسلحون على أحد المواقع التابعة للأمم المتحدة في المنطقة. وقال الجيش في بيان له: "تم رصد هجوم من قبل مسلحين على موقع تابع للأمم المتحدة في منطقة حضر بسوريا، ونحن نساعد قوات حفظ السلام في التصدي لهذا الهجوم".
في تغريدة على منصة "إكس"، عبر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن قلقه إزاء "انتهاكات الهدنة الموقعة مع سوريا عام 1974"، مؤكداً أن "إسرائيل تراقب عن كثب ولكنها لا تتدخل في النزاع الداخلي في سوريا". وأضاف ساعر أن "قوات مسلحة دخلت المنطقة العازلة في الجانب السوري من الحدود مع إسرائيل"، في إشارة إلى تصاعد التوترات على الحدود.
مواقف روسيا وإيران: دعم للأسد ودعوات للحوار
على الصعيد الدولي، حملت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تحذيرات من تصاعد الأنشطة العسكرية للجماعات المعارضة في الأراضي السورية. وقال لافروف: "من غير المقبول السماح لمجموعة إرهابية بالسيطرة على الأراضي في انتهاك للاتفاقات القائمة"، مشيراً إلى أن هذا النوع من التصرفات يهدد استقرار المنطقة وفرص التسوية السياسية.
في هذا السياق، أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن دعم بلاده لحكومة الرئيس بشار الأسد، داعيًا في تصريحات له إلى "الحوار السياسي" بين الحكومة والمعارضة. وأكد عراقجي على ضرورة بدء مفاوضات سياسية بين الأطراف المعنية لحل الأزمة السورية بشكل سلمي، خصوصاً في ضوء تصاعد الصراع العسكري.
Syrian opposition fighters ride along the streets in the aftermath of the opposition's takeover of Hama, Syria, Friday, Dec. 6, 2024. (AP Photo/Ghaith Alsayed) Source: AP / Ghaith Alsayed/AP
التطورات العسكرية في سوريا تشير إلى أن الحرب قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، مع تغيرات ملموسة على الأرض واستمرار تدخل القوى الإقليمية والدولية في المشهد. وفي وقت تواصل فيه فصائل المعارضة تقدمها نحو العاصمة دمشق، أعلن الجيش السوري عن تعزيز قواته في محيط العاصمة وحمص، بينما يعكس القلق الدولي تزايد المخاوف من تمدد الجماعات المسلحة، وهو ما يهدد الأمن الإقليمي ويعقد جهود التوصل إلى حل سياسي.
ومع استمرار تحركات القوات السورية والفصائل المعارضة على مختلف الجبهات، يبقى مستقبل سوريا غامضًا، في وقت يترقب فيه العالم كيفية تأثير هذه التطورات على المفاوضات السياسية وآفاق التسوية السلمية.