عرّف الشاعر فؤاد نعمان الخوري عن نفسه في فقرة "الوجه الآخر" مع جميلة فخري بكونه ابن الجرد، ابن بحويتا وابن لبنان "أنا ابن الجرد ليس فقط لأني ولدت في الجرد بل أيضا لأني تشبعت من روح الجرد، روح البساطة التي يتمتع بها الجبليون وبالقيم التي ترافقهم أينما حلّوا"
وظهر جلياّ في صوته وعمق كلماته، تعلّق الخوري في بلدته ومسقط رأسه "بحويتا" حيث انه وبالرغم من عقود من الغربة ما زال يكتب عنها وهي حاضرة بقوة بيومياته وذكرياته ووجدانه "بحويتا ضيعة مسجلة على هويتي ولكنها مسجلة أيضا بقلبي، هي ليست البيوت والطرقات والحقول فحسب بل هي كل الناس الذين ترعرت بينهم وربيت معهم، منهم من ذهب ومنهم من بقى ولكن على الأقل مكثوا كلهم في قلبي ذكريات حلوة".وكيف لا يعيش الوطن في القلب، خاصة في وجدان الشعراء وأصحاب الإحساس المرهف والأقلام المعبرة "بحويتا، الغالية على قلب القوافي"
Foud Noman Al khoury with the family Source: Supplied
وأضاف الخوري انه حين يتحدث عن ضيعته فهو يرى فيها بلده الحبيب لبنان "ضيعة تختصر لبنان الحلو" ومن الملفت كيف ان الروح تبقى متجذرة في تراب البلد الأم "مبارح تلات شمعات ضوّيتا:
انِّك تجي، وتزهِّر الفلِّهْ؛
وعَ الشّفق أوِّل ما بتطلِّي
تغمر ضبابه درب "بحويتا"!
(من ديوان " مجدَك يحِي" 1983)
هاجر الشاعر فؤاد نعمان الخوري الى أستراليا في آذار 1988 وكان في العقد الثالث من العمر مع زوجته ماريت، ورزقا معا بأربعة أولاد، وأسسا عائلة يفتخران بها وبكل ما أنعم الله به عليها.
والجدير بالذكر أن الإبن الثالث، إيلي فؤاد نعمان الخوري هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحائز على شهادة الماجيستير ويتابع دراسته حاليا لتحصيل شهادة الدكتوراة، كما انه حصد تكريما خاصا لأطروحته حول الصعوبات اتلتي يواجهها أصحاب الإعاقة في مجال العمل وهو من المدافعين عن حقوق حاملي الأعاقة وهذا "ما يعطي المعنى لحياته ونضاله"، وقد أشاد الأب في بذكاء ابنه وبشخصيته المميزة حيث وصفه بالمثابر وصاحب العزم والإصرار وبأنه مدرسة يتعلمون منها شيئا كل يوم.
بدأ الخوري حقبته العملية في أستراليا في غضون الأشهر الخمسة الأولى بعد وصوله الى أستراليا، أي في شهر آب أغسطس من نفس السنة، وما زال مستمرا بعمله الى الآن دون توقف، والجدير بالذكر ان الشاعر فؤاد نعمان الخوري معروف بنشاطه الإجتماعي وعطائاته الأدبية التي أغنت مكتبة الأدب العربي في أستراليا وانتاجه الشعري الغزير ودواوينه المميزة التي تتلون ببساطة الكلمة الجميلة والتعبير وبعمق المعاني والعبر.
في لبنان عمل الخوري كخبير محلف في المحاسبة مع أنه درس العلوم السياسية وحصل على شهادة عليا في هذا المجال الذي طالما استهواه، وكان يعلم المحاسبة بمعهد الجميزة في لبنان.في أستراليا، عاود الخوري الانطلاق في مجال المحاسبة ولكنه بدأ من الصفر بحسب تعبيره، وحالفه الحظ في الحصول على وظيفة حكومية فتحت له باب حقبة عملية طويلة، ثابر فيها وتطور واستمر وما زال مواظبا على عمله بشغف وامتنان.
foud Nouman Al Khoury Source: Supplied
وأعرب الشاعر فؤاد نعمان الخوري عن شكره الكبير لهذه البلاد الرائعة أستراليا، ذاكرا الدعم المعنوي والمادي الذي حصل عليه فالمسؤولون عنه لم يوفروا شيئا لمساعدته على المضي قدما، و"توفير فرص العلم وتحسين المهارات له ولعائلته وللمجتمعات"، وسرعان ما برهن الخوري عن جدارته وقدرته على القيام بالمهام اللازمة ومؤهلاته العملية والفكرية وأثبت نفسه في الوسط المهني.
وقال الخوري ان الشعر هو مرآته "شعري هو مرأتي" وانعكاس لخبراته اليومية وكتاباته تبع من صدق احساسه ومشاعره وأضاف انه حوّل بقلمه القول المأثور "أحلى الشعر أكذبه الى أحلى الشعر أصدقه، لا يمكن أن يلد الشعر الّا من الشعور الصادق".من جهة أخرى، وبعيدا عن الكتابة والقراءة قال الخوري انه يهوى المشي في الطبيعة للإفادة النفسية والجسدية ومن أجمل ذكرياته لعب الورق للتسلية والتمويه والضحك مع الأصحاب والسهرات العائلية الجميلة التي لا تعوّض وكراسي القصب واستذكر أيام الطفولة والمراهقة الخفيفة ووالدته الحنونة رحمها الله، وهي التي استحوزت على محبته وتقديره لتضحيالتها الجمّة أمام عائلتها.
Fouad Nouman Al Khoury Source: Supplied
كما أنه أبدى نفس العرفان بالجميل لزوجته التي خصصت وقتها وحياتها لخدمة العائلة وتربيتها. وقال الخوري انه يعشق التواصل مع الناس بطبعه ولا يمكنه العيش بعيدا عن مجتمعه وأحبته.
وفي ختام اللقاء قال الشاعر فؤاد نعمان الخوري: "علمتني الحياة اذا ربحت ان لا أسكر، اذا خسرت أن لا أكفر، أن أفرح بالأشياء الصغيرة فاذا اجتمعت أصبحت انجازا كبيرا، علمتني الحياة ان لا أقطع خيط القطن (الود) مع أحد فلا العدو يبقى عدوا ولا الصديق يبقى صديقا (..) علمتني الحياة أن الحياة هي عتبة لحياة أجمل بعد الموت."