في 11 أيار مايو 2022، قضت الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاصة قاتلة في الرأس أثناء تغطيتها لعملية اقتحام نفذها الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
كانت ترتدي سترة الصحافة وخوذة، وتعمل ضمن فريق قناة الجزيرة، لكن ذلك لم يمنع الرصاصة من إصابتها في مقتل. بعد ثلاث سنوات على الحادثة، ما زال الغموض يحيط بالملابسات، والمسؤول لم يُحاسب، رغم ما كشفته تحقيقات متعددة، من بينها تحقيق أممي، بأن الرصاصة أُطلقت من جانب القوات الإسرائيلية.
شيرين لم تكن فقط مراسلة ميدانية تنقل الوقائع، بل كانت جزءاً من الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي. لسنوات طويلة، تابعتها الجماهير وهي تنقل مشاهد الاقتحامات والاشتباكات والقصص الإنسانية من قلب الحدث، بصوت هادئ، وثقة راسخة، وشجاعة استثنائية.
ولدت شيرين في القدس، والدها من بيت لحم ووالدتها من المدينة نفسها. تنقلت في طفولتها بين القدس والولايات المتحدة، حيث عاشت فترة في نيوجيرسي ونالت الجنسية الأمريكية، لكنها بقيت مرتبطة بشكل وثيق بمدينتها الأم، وحرصت على العيش والعمل فيها أغلب حياتها.
LISTEN TO

"موجة من الحزن": الأجواء في الأراضي الفلسطينية بعد مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة ومطالبات بتحقيق دولي
SBS Arabic
10:54
بدأت دراستها الجامعية في تخصص العمارة في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، لكن التحولات السياسية، خاصة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، دفعتها إلى تغيير مسارها والالتحاق بقسم الصحافة في جامعة اليرموك. كانت ترى في الصحافة وسيلة للتأثير، وسبيلاً لنقل معاناة شعبها إلى العالم.
يقول شقيقها، أنطون أبو عاقلة، في حديثه لـSBS عربي: "شيرين كانت هادئة ومنظمة. كانت تحب عملها وتعطيه من وقتها الكثير، لكنها في الوقت نفسه كانت تهتم بالعائلة وتحرص على أن تكون موجودة معهم."
ويضيف: "كنا نخاف عليها دائماً ونطلب منها الحذر ولكنها كانت حريصة بالفعل على ارتداء سترتها الواقية وخوذتها في أماكن الخطر وكانت تقول إنها تظهر للجيش الإسرائيلي أنها صحفية ولكنها مع ذلك استُهدفت."
عملت شيرين في بداية مسيرتها مع الأونروا، ثم إذاعة مونت كارلو، قبل أن تنضم إلى قناة الجزيرة عند انطلاقتها عام 1996. على مدار أكثر من عقدين، أصبحت من أبرز الوجوه الإعلامية التي تابعت تغطية الأحداث في فلسطين، من الانتفاضات إلى الحروب والاشتباكات اليومية.
ويتابع أنطون: "أكثر ما كانت تؤمن به شيرين هو أن الصحافة قادرة على تغيير مسار الأحداث وكشف الظلم. ولهذا ظلت مصرة على البقاء في الميدان حتى اللحظة الأخيرة."
لم تكن تبحث عن الظهور، بل عن الدقة والصدق والإنصاف ولكنها في لحظة واحدة تحوّلت من ناقلة للخبر إلى عنوان رئيسي، حين فقدت حياتها وهي تمارس عملها.
في الذكرى الثالثة لمقتلها، نشر موقع "زيتو نيوز" الأمريكي تحقيقًا صحفيا كشف فيه، استنادًا إلى مصادر ميدانية وعسكرية، هوية الجندي الإسرائيلي الذي أطلق النار على شيرين.
وذكر التحقيق أن الجندي كان يعمل قنّاصًا في وحدة "دوفديفان" الخاصة وقُتل لاحقًا في انفجار بجنين عام 2024،
Veteran Al Jazeera journalist Shireen Abu Aqla was shot dead by Israeli forces. Source: Twitter / Shireen Abu Aqla
وفي هذا السياق، يقول أنطون أبو عاقلة: "نريد محاسبة عادلة. لا تهمنا هوية المسؤول المباشر عن اغتيال شيرين بقدر ما نرغب بإحقاق العدالة بحق من سمح لذلك بأن يحدث."
كل يوم هناك صحفيون يُستهدفون، ولا توجد مساءلة. دون محاسبة، ستستمر آلة القتل في العمل. آمل أن تتحقق العدالة، حتى ولو بعد حين.
وحتى اليوم، لا تزال منظمات حقوقية وصحافية تطالب بفتح تحقيق شفاف ومستقل، ووقف استهداف الإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المزيد في التقرير الصوتي أعلى الصفحة.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على و وعلى .