"السوريون بحاجة لعقد اجتماعي جديد": هل السلم الأهلي في سوريا ما زال ممكناً؟

French President Macron receives Syria interim leader Ahmed al-Sharaa

epa12081483 French President Emmanuel Macron (R) and Syrian President Ahmed al-Sharaa (L) attend a joint press conference following their meeting at the Elysee Palace in Paris, France, 07 May 2025. EPA/STEPHANIE LECOCQ / POOL Credit: STEPHANIE LECOCQ / POOL/EPA

في خضم الأحداث المتسارعة التي تعصف بسوريا، تعود قضية السلم الأهلي إلى الواجهة، بعد أكثر من عقد من النزاع والدمار. وقد كشفت الاشتباكات الأخيرة بين فصائل مسلحة وقوات أمنية ومسلحين من الطائفة الدرزية جنوب دمشق، هشاشة الوضع الأمني، وأعادت فتح الجرح السوري الذي لم يندمل بعد.


للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست،اضغطوا على 


تحولت السويداء، المعقل الأبرز للدروز، مؤخرًا إلى ساحة صراع تتجاوز فيه خطوط التماس حدود الطائفة لتتصل بشبكة علاقات خارجية معقدة، ففي وقت طالب فيه بعض القيادات الدرزية بتدخل دولي لحماية المدنيين وضمان الأمن، أصرت أطراف أخرى على منح الحكومة الانتقالية فرصة حقيقية لإثبات قدرتها على إعادة الاستقرار وتحقيق مصالحة وطنية شاملة.


وقال الصحافي السوري في باريس، عمر قدّور لأس بي أس عربي: "سلطة دمشق تريد إخضاع السويداء ولكن الأخيرة لديها مطالب من الحكومة. قادة الدروز يرون أن السلطة استأثرت بالحكم بعد مؤتمر حوار وطني صوري وإعلان دستوري لم يكن تشاركياً بما يكفي."

يتزامن هذا الانقسام الداخلي مع تحركات دبلوماسية ملحوظة على الساحة الإقليمية والدولية، حيث زار الرئيس السوري أحمد الشرع باريس في خطوة تهدف إلى إعادة تقديم سوريا كلاعب سياسي يسعى لتثبيت الاستقرار الداخلي وإعادة التوازن في علاقاته الخارجية.

وفي لقاء له مع الصحفيين، كشف الشرع عن وجود محادثات غير مباشرة مع إسرائيل تهدف إلى تهدئة التوترات المتصاعدة على الحدود الجنوبية، مشيرًا إلى أن هذه المحادثات تتم عبر وسطاء لم يسمّهم.
وأكدت إسرائيل، من جانبها، تنفيذها ضربات جوية في سوريا، مبررة ذلك بوجود "تهديدات ضد المدنيين الدروز"، وذلك في مؤشر واضح على البعد الطائفي والدولي المتشابك في الصراع السوري.

وقد استهدفت إحدى الضربات موقعًا لا يبعد سوى 500 متر عن القصر الرئاسي في دمشق، في رسالة واضحة مفادها أن لا خطوط حمراء في هذا النزاع المتجدد.

وفي تعليق له على هذا المشهد المعقد، يقول عمر قدّور: "السلطة الحالية وجهّت جهودها بشكل حثيث نحو الخارج ولم تبذل ذات الجهد في الداخل. كان من الضروري عقد مؤتمر وطني سوري حقيقي."

ومن المعروف أن الرئيس الشرع جاء إلى السلطة بعد أن قاد فصيل "هيئة تحرير الشام" من إدلب أواخر العام الماضي، وهو ما يثير شكوكًا لدى بعض السوريين حول الخلفية العقائدية للحكم الجديد، رغم تعهد القيادة الحالية بالمضي قدمًا نحو "مرحلة جديدة من الوحدة الوطنية".
LISTEN TO
Deadly clashes in Syria's Druze areas raise fears of widening unrest image

"وصلنا لنقطة حرجة جداً": ناشط سوري يقرأ بين سطور الأحداث الأخيرة قرب دمشق

SBS Arabic

11:35
لكن هذه الشكوك تقابلها اليوم فرصة حقيقية، كما يرى قدّور، حيث لا يوجد حاليًا مشروع سياسي بديل أو منافس جدي للرئيس الشرع، ما يتيح إمكان فتح صفحة جديدة: "ليس هناك مشروع لإسقاط الشرع وليس هناك جهة منافسة له، وبالتالي هناك فرصة لبدء صفحة جديدة وتوحيد البلاد لأن السلاح وحده لا يكفي."

وتابع: "السوريون بعد كل ما ألمّ بهم منذ 2011 بحاجة لعقد اجتماعي جديد، يضع ملامح خارطة طريق تقود البلاد إلى الأمام"، كما يقول قدّور.

ويرى قدّور أن هذا العقد الاجتماعي الجديد لن يكون ممكنًا دون اعتراف متبادل بالحقوق والهموم، وتقديم تنازلات من جميع الأطراف، وبخاصة أن النفوذ الإيراني والروسي بدأ بالانحسار، تاركًا فراغًا إقليميًا تتنازع عليه إسرائيل وتركيا، في ظل صراع يبدو أن هدفه السيطرة على سوريا أكثر من كونه صراعًا داخلها.

استمعوا إلى اللقاء مع الصحافي السوري في باريس عمر قدّور في الملف الصوتي أعلى الصفحة.

هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على  و   وعلى .

أكملوا الحوار على حساباتنا على  و 

شارك