تحت ضغط لا يُحتمل، تعمل المنشآت الطبية في غزة بشكل يفوق طاقتها، حيث يشير الدكتور محمد مصطفى، طبيب الطوارئ البريطاني الأسترالي في مستشفى الأهلي بغزة، إلى مشهد مروع فيقول: "عملنا طوال الليل ولم نتوقف. القصف مستمر دون انقطاع. نفدت لدينا جميع المسكنات، ولم نتمكن من تخدير أي شخص. عندما نركب الأنابيب للمرضى، يستيقظون وهم يختنقون بسبب عدم وجود تخدير." وأضاف مصطفى أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة هي الأسوأ التي شهدها في مسيرته المهنية.
وفي مستشفى الأهلي، حيث يُعالج مئات الجرحى، يصف مصطفى الوضع قائلاً: "هناك سبع فتيات تم بتر أرجلهن دون تخدير. القصف مستمر، والغرف لا تتوقف عن الاهتزاز. لم أنم، حيث بدأ القصف في الساعة 1:30 صباحًا واستمر حتى الساعة العاشرة صباحًا. الغالبية العظمى من المصابين هم من النساء والأطفال، الذين أصيبوا بحروق شديدة وأطراف مفقودة."
ووفقًا لتقرير صادر عن مجموعة الدفاع عن الأطفال، قُتل ما لا يقل عن 174 طفلاً في يوم واحد، وهو ما يُعتبر أكبر حصيلة من القتلى الأطفال منذ بداية الحرب. كما يعاني القطاع الطبي في غزة من الاكتظاظ بسبب أعداد الجرحى الكبيرة، في وقت تعاني فيه المستشفيات من نقص حاد في الإمدادات الطبية.
مع تزايد أعداد المصابين، يتعرض المدنيون في غزة للمزيد من المعاناة في ظل أوامر الإخلاء الجديدة. وقد أفاد مسؤولو المساعدات الإنسانية بأن مئات الأشخاص، وربما آلاف، تم إجبارهم على تعبئة ممتلكاتهم ومغادرة مناطقهم بسبب التصعيد المستمر. تقول صفية لبّاد، إحدى النازحات إلى حي الصفطاوي، إنها استيقظت على أصوات القنابل وصراخ الأطفال في فزع.
من جانبها، حذرت روساليا بولن، المتحدثة باسم الأمم المتحدة لصندوق الطوارئ الدولي للأطفال، من أن المدنيين في غزة سيعانون بشكل كبير إذا لم يتم وقف إطلاق النار فورًا. وقالت بولن: "يجب رفع الحصار عن إمدادات المساعدات دون تأخير. الأسر في غزة مرهقة ليس فقط جسديًا ولكن نفسيًا أيضًا، بعد 15 شهراً من العنف المستمر والإفقار. نحن بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية من مأوى، دعم، مساعدات غذائية، ومياه نظيفة".
فيما يخص الوضع العسكري، أعلنت إسرائيل عن استئناف الضربات الجوية ضد قطاع غزة بسبب رفض حركة حماس تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن حماس ترفض الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين. وطالبت إسرائيل بالإفراج عن الرهائن قبل التفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تشمل انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
LISTEN TO

"حياتي توقفت لحظة بدء القصف": كيف تتابع العائلات الغزاوية في أستراليا التطورات الحالية؟
SBS Arabic
20/03/202510:22
في هذا السياق، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن أي ضرر يلحق بالمدنيين في غزة هو مسؤولية حماس. ودعا المدنيين الفلسطينيين إلى الابتعاد عن مناطق الخطر والتوجه إلى مناطق أكثر أمانًا.
من جهة أخرى، أبدى الجنرال الإسرائيلي السابق نوام تيبون قلقه من خطر الحكومة الإسرائيلية على حياة الرهائن داخل غزة، قائلًا: "أعتقد أن الحكومة تخاطر بشكل كبير بحياة الرهائن ولا تملك خطة واضحة للمرحلة المقبلة في الحرب".
فيما يخص الجانب الإنساني، لم تقتصر معاناة غزة على القصف المستمر فحسب، بل شمل أيضًا قطع إمدادات الكهرباء والمساعدات الإنسانية. وقد أدى ذلك إلى إغلاق محطات تحلية المياه، مما زاد من صعوبة الوصول إلى مياه الشرب. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، صرح بأن مستوى المعاناة في غزة لا يمكن تحمله، مشيرًا إلى أن الغارات الجوية تسببت في مقتل مئات الأشخاص بينما ما زالت المساعدات الإنسانية محظورة.
وفي تل أبيب، خرج الآلاف من الإسرائيليين في مظاهرات احتجاجًا على استئناف الغارات الجوية على غزة، مطالبين الحكومة بالتركيز على قضية الرهائن بدلاً من تصعيد الحرب. وفي وقت يشهد فيه القطاع صراعًا دمويًا يفاقم من معاناة المدنيين، لا تزال الآمال في الوصول إلى حل دبلوماسي أو حتى وقف إطلاق النار ضئيلة.
وفي تصريحات متفرقة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الولايات المتحدة كانت على دراية كاملة بخطط إسرائيل بشأن الهجمات على غزة، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس السابق ترامب كانت قد استُشارت بشأن هذه العمليات.
استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على وعلى القناة 304 التلفزيونية.