"بعيدًا عن الشعبويّة السياسية": ما الذي يحرّك رياح الحوادث العنصريّة في استراليا وهل هناك "قطبة" مخفيّة؟

A burned out car with antisemitic graffiti is carried on a truck bed.

**EDITORS NOTE** IMAGE CONTAINS BLURRING OF OFFENSIVE LANGUAGE** A burnt out car with anti-Semitic graffiti is towed away in Dover Heights, Sydney, Friday, January 17, 2025. (AAP Image/Neve Brissendeni) NO ARCHIVING Source: AAP / Neve Brissenden

تتوالى الحوادث المعادية للساميّة وكراهية الإسلام في استراليا والتي شهدت ارتفاعًا منذ هجوم السابع من أكتوبر والحرب على غزة التي استمرت 15 شهرًا، كيف نقرأ هذه الظاهرة المجتمعيّة وهل استجابة استراليا هي بحجم التحدي؟ الاجابة في قراءة سوسيولوجية مع البروفسور في علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا د. بول طبر.


تتوالى الحوادث المعادية للساميّة وكراهية الإسلام في استراليا في تفاعل تسلسلي ليقابل كل فعل عدائي بالآخر رغم الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز التناغم المجتمعي وعدم التساهل من أي مظهر من مظاهر العنف على أساس العنصرية الدينية ام العرقية.


أعلنت الشرطة الفيدرالية عن وجود 15 تحقيقًا جاريًا عبر فريق عمل خاص لمكافحة معاداة السامية وأنها تحقق فيما إذا كانت هناك جهات أجنبية قد دفعت لمجرمين لتنفيذ هجمات معادية للسامية، بما في ذلك من خلال تطرف الشباب عبر الإنترنت.

وكان رئيس الوزراء الأسترالي أنثوني ألبانيزي قد دعا إلى اجتماع طارئ لمجلس الوزراء الوطني بعد حادثة تعرض مركز رعاية الأطفال في ماروبرا لهجوم عن طريق رش رسومات معادية للسامية ومحاولة إشعال النار فيه وخطاب شديد اللهجة من ألبانيزي بعد حادثة الاعتداء على دار رعاية الاطفال توعد باتخاذ الإجراءات كافة لملاحقة المعتدين قانونيًا قائلًا "إن ما شهدناه في منتصف الليل بهذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة من جرائم الكراهية المعادية للسامية. ومن الجرائم الشنعاء أن نفكر في كيفية إمكانية أن يخدم شيء مثل هذا أي قضية مزعومة قد يتبناها الناس. والهدف الوحيد الذي ستحققه هذه الجريمة هو القبض على هؤلاء الأشخاص وتوجيه التهم إليهم ومواجهتهم بكل قوة القانون".


هذا وعقد رئيس الوزراء كريس مينز مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا مع رئيس الوزراء وهو الذي كان قد سبق وأكد على ضرورة الاستجابة الشاملة من جانب الشرطة للتصدي هذه الهجمات الإجرامية المروعة التي تتصاعد في نيو ساوث ويلز قائلًا:

"إنه أمر مقزز تمامًا، وسوف يتم القبض على هؤلاء الأوغاد من قبل شرطة نيو ساوث ويلز. في الأسابيع القليلة الماضية، ونتيجة لعملية بيرل وعملية شيلتر، خصصت شرطة نيو ساوث ويلز موارد كبيرة للقبض على الأشخاص المسؤولين عن جرائم الكراهية هذه واعتقالهم ومحاكمتهم."

وفي ظل جهود الحكومة العمالية لترسيخ التناغم المجتمعي من خلال تعيين مبعوثين خاصين لمكافحة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في أستراليا يخشى البعض أن تكون كل هذه الجهود بعيدة عن جوهر الإشكالية الشائكة.

يقف البروفسور في علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا د. بول طبر خلف جوهر هذه الأحداث وما يحركّها بعيدًا عن القراءة السطحية لردّات الفعل فيقول:

"لا يمكن فصل هذه الأحداث عما يحدث في العالم من صراعات، ولا شك أن ردود الفعل متنوعة، منها ما هو مبرر وما هو مدان. وما بين التبرير والإدانة، هناك مروحية طويلة من المواقف".

يرى طبر أن هناك إمكانية لمناصرة أي قضية من قضايا الشرق الأوسط بطريقة فاعلة وهادفة بعيدًا عن الانزلاق الى ردود فعل سلبية:

هناك صراع في الشرق الأوسط بين إسرائيل والشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وبعض هذه الردود أتت استنكارًا لهذا الصراع، ولكن لا يمكن مواجهة الخطأ بالخطأ من النوع ذاته
وتابع موضحًا:
 "هنا تكمن أهمية التركيز على كيفية التعاطي مع هذه الإشكالية. لا يجوز توظيف ردّات الفعل "المقززة" كما وصفت من أجل تبرير وتغطية ما يحدث في الشرق الأوسط".

وفي قلب التعبير الحرّ والمسؤول ضمن ضوابط الحرية التي تضعها أستراليا يقول طبر:

"لا بد من أن يتم التعبير عن أي احتجاج بطريقة مقبولة مع إعادة التركيز على أهمية الديمقراطية وحرية التعبير ضمن الضوابط المرعيّة".

هو الذي يخشى أن يتم توظيف او تضخيم هذا المشهد لمكاسب سياسية او ورقة انتخابية يقول:

" للأسف احيانًا توظف هكذا أفعال من أجل الكسب أو "الشعبوية" في السياسة وذلك يتجلى في استخدام لغة مبسطة حيال أمور معقدة، لذا، يجب الخروج من منطق الشعبوية".

يعوّل د. طبر على إرث التعددية المجتمعية في استراليا لمواجهة رياح الانقسام المجتمعي فيقول:

" لدينا إرث في النظام التعددي في أستراليا كُرس في القوانين والممارسات الاجتماعية الواسعة، وهو الرصيد الذي على أساسه نبني أسسًا ناضجة للتعامل مع أي مظهر من مظاهر العنصرية"،
التنافس السياسي يجب أن يكون حول القضايا الفعلية التي تهم المواطن الأسترالي في الداخل الأسترالي، بعيدًا عن اللعبة السياسية الشعبوية

وفي أعقاب الهجمات الأخيرة، قرر قادة الحكومة الأسترالية إطلاق قاعدة بيانات وطنية جديدة لتتبع الجرائم والسلوكيات المعادية للسامية بهدف تحسين التنسيق والتجاوب مع مثل هذه الحوادث. كما أكد القادة مجددًا على نيتهم التعاون المشترك للقضاء على معاداة السامية في البلاد.

 هذا وأطلقت الحكومة الفيدرالية استراتيجية جديدة لمكافحة العنف بدوافع سياسية وعنصرية بعد ساعات من الهجوم على عقار في شرق سيدني، والذي ارتبط بمعاداة السامية عقب هجوم آخر في غرب سيدني ارتبط بمعاداة الإسلام، حددت الحكومة العمالية التطرف العنيف والإرهاب باعتبارهما مخاطر متزايدة داخل أستراليا والمنطقة. أعلنت الحكومة العمالية عن وعد انتخابي بتخصيص 106.2 مليون دولار لتمويل مبادرات لمكافحة العنف بدوافع سياسية وعنصرية وجعل استراليا "أكثر أمانًا" تتضمن جهودًا لتحديد الأشخاص المعرضين لخطر التطرف من قبل الجماعات المتطرفة.

وكان وزير الشؤون الداخلية توني بيرك إن المنظمات المتطرفة تستهدف الشباب عبر الإنترنت مؤكدًا أهمية وضع سياسات لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والتأكد من عدم ترك اية ثغرة للتأكد من قدرة الحكومة على الحفاظ على سلامة الأستراليين قائلًا: "لن نترك حجر الا ونقلبه لتكون استراليا آمنة للجميع".

هل جهود الحكومة العمالية لترسيخ التناغم المجتمعي من خلال تعيين مبعوثين خاصين لمكافحة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في أستراليا ضمادة خارجية على الجرح؟

الإجابة مع بروفسور طبر في الملف الصوتي أعلاه.

للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغط على .

استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على  وعلى القناة 304 التلفزيونية.

أكملوا الحوار على حساباتنا على SBSArabic24 و و

اشتركوا في  لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار الأسترالية.

 


شارك